لم يعد المرء محتاجًا للعودة إلى التاريخ البعيد لاستلهام نماذج البطولة والثبات، فقد أضحت غزة نموذجًا قريبًا ومثالًا ناجزًا على الصمود البشري في وجه الطغيان.
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
لعلّه لم يسبق للقضيّة الفلسطينيّة أن مرّت بمثل هذه الأيام، ضعفٌ وانقسامٌ سياسيّ داخليّ، وتآمرٌ دوليٌّ وإقليميٌّ، وتطبيعٌ سافرٌ علنيّ، ورغبةٌ محمومةٌ في تصفية القضية بالكلية.
أسوأ ما في تعاطي مجتمعنا مع المرض النفسيّ، هو تحويره السريع لحالة “حسد” أو “عمل”، فالناسُ عندنا يفضّلون أن يكون ابنهم محسودًا، لأنه مميز بلا شك، أو “معمول له عمل”.
أيامٌ قليلةٌ تفصلُنا عن الفعالية التي أعدّ أهلُ فلسطين أنفسهم لها، لا سيّما قلعة الشجعان “غزة”، وبقدر ما آلمُ لفوات هذا المشهدِ عليّ، فإنني رأيتُه واجبًا أن أكتب بتأييده ودعمه.
أهدافُ صلاح المتواترة كالمطر لم تكن وحدها سببَ شعبيّته الجارفة، لعلّ مشجعي “ليفربول” لا يأبهون بغير أهدافه، لكنّ “قاعدة صلاح الجماهيرية” إن صحّ التعبير، اتّسعت لتشمل مشجعي نوادٍ أخرى.
طالما تمنّينا أن يكون للعرب “لوبيّ” قويّ، ينهضُ بقضاياهم العادلة في المحافل الدولية، ويغنيهم بخوض الصراعات السياسية هناك، عن كثيرٍ مما يعانونه جرّاء الانحياز الأمميّ لأعدائهم.. فهل تحقق ذلك؟
ما أشبه أهل الغوطة اليوم بآل محمد يوم عاشوراء، إذ يُقتلون عطاشًا جائعين، محصورين ممنوعين من الطعام والماء، ومن أدنى متطلبات العيش، فهؤلاء المقتولون تحت الحصار، هم أحقُّ الناس بالحسين.
ما يفعله النظام المصري تجاه غزة ليس له تفسير إلا الامتثال للأمر الصهيوني، وهو ما عبر عنه ليبرمان بوقاحة في تصريحات علنية، لم تلق من الجانب المصري ردا ولا استنكارا.
الفرحة لخبر إسقاط الطائرة الإسرائيلية فرحة استثنائية، فالجيش الذي لا يقهر قد سقطت هيبته أخيرا، وميزان القوى الذي جاهدت للحفاظ عليه قد اختل.. فإسقاط الطائرة مفخرة لكل من ساهم فيها
يطل علينا أحمد نصر جرار حاملا سلاحه، واسم أبيه وذكراه، يخبرنا أن السرّ الذي ركبه الله بدم آل جرار قد اشتعل في شرايين الفتى، وها هو يتحدّى وحده دولة كاملة