كأن ما يجري للأمة العربية اليوم بعد 65 عاما من النكبة المفتوحة واغتصاب فلسطين، من غياب وتغييب وفقدان للبوصلة والدور والوزن على المستوى الإقليمي والدولي، إنما يخدم الأجندة الصهيونية، فما الذي بحثت عنه وأرادته الصهيونية منذ نشأتها، سوى هذا المشهد العربي المفكك؟!
نواف الزرو
نواف الزرو
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
يطل علينا المشهد السياسي الإسرائيلي بحلة يمينية فاشية صافية سافرة، وبحكومة نتنياهو الثالثة -التي نعتها مبكرا جدا حتى قبل الانتخابات بشهور بأنها ستكون حكومة المستوطنين- ما ينبئ بإستراتيجيات حربية عدوانية مفتوحة، سوف يحتل الاستعمار الاستيطاني في القدس والضفة فيها الأولوية.
الدلالات والتداعيات التي ينطوي عليها الاعتراف بفلسطين، حتى بمرتبة “دولة مراقب غير عضو”، هامة وكبيرة للفلسطينيين من جهة، ومزعجة مقلقة تثير الهواجس لدى الإسرائيليين من جهة أخرى.
رغم زخم الأحداث والتطورات المتلاحقة في المشهد الفلسطيني العربي الشرق أوسطي، ورغم الأعباء الكبيرة التي يرزح تحتها الواقع الفلسطيني، فإن الوعد والتقسيم حاضران دائما في الوعي الجمعي الفلسطيني وفي الذاكرة الوطنية الفلسطينية، باعتبارهما أضخم وأخطر عنوانين في المشهد الهولوكوستي الفلسطيني المفتوح.
فلسطين هي البوصلة دائما، فإن أردت أن تعرف خطورة الحدث والموقف فانظر إلى أنياب العدو، وأنياب العدو أخذت ترتجف منذ بدايات الثورات والحراكات الشعبية العربية، فكان هناك لديهم: خوف.. وفزع.. وقلق.. وهواجس الوجود، خوف من فقدان “كنوز إسرائيل العربية”.
في ظل الانشغالات العربية والإقليمية والعالمية بالحراكات والثورات الشعبية العربية، وفي الوقت الذي تتابع فيه عين صهيونية الجبهة الجنوبية (مصر) وتطوراتها السياسية الداخلية، بينما تتابع العين الأخرى تطورات الجبهة الشمالية، وخاصة ما يجري بسوريا، لم تغفل المؤسسة الصهيونية مخططاتها التهويدية الخاصة بفلسطين.
لو كنا في زمن فلسطيني وعربي ودولي آخر، لكان من شأن تحقيق الجزيرة بشأن تسميم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، أن يقيم الدنيا ولا يقعدها، حتى يجلب الجناة إلى كرسي المحاكمة والعقاب، وأن يقدم قادة ومسؤولين للمحكمة الجنائية الدولية.
الفلسطينيون ينتظرونها، فهي حسب تقديراتهم الإستراتيجية آتية لا محالة, فالانتفاضة الثالثة على تدق الأبواب، ولا ينقصها سوى الشرارة، وما الهدوء البادي للناظر سوى وهم، فالبركان تحت الرماد، وعوامل التفجير القديمة ما تزال قائمة، تعتمل في المرجل الفلسطيني بفعل مجموعة من صواعق التفجير.
هنيئا للحركة الفلسطينية الأسيرة انتصارها في معركة الإرادة في مواجهة السجان الصهيوني، وهنيئا للشعب الفلسطيني الذي أنجب هؤلاء الأبطال الذين يمثلونه خير تمثيل، فهكذا تتحقق الانتصارات التراكمية على الاحتلال، عبر الإرادة والصبر والتضحيات، وهكذا يعلمنا الشعب الفلسطيني.
ربما لم تقلق الدولة والمؤسسة الصهيونية في تاريخها على وجودها ومستقبلها، بقدر ما قلقت وما تزال من مسيرات العودة الفلسطينية عبر الحدود العربية مع فلسطين، فهي نقطة تحول إستراتيجي مرعب في تاريخ الصراع من وجهة نظر صهيونية.