لا تملك الإدارة الأميركية خطة واضحة لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وإنما إدارته فقط عبر اجترار أسوأ ما ورد في “أوسلو” وخريطة الطريق والمنسول عنهما، لصياغة اتفاق إطار جديد يسمح بديمومة التفاوض حتى زمن آخر.
نادية سعد الدين
باحثة وأكاديمية
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
لن تتأثر قضايا الوضع النهائي بمسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الجارية، ولا حتى بنتائجها، سواء قدر لها الخروج بشيء ما وفق سقفها الزمني المحدد بتسعة أشهر، ما لم يتم تمديده والدوران مجددا في نفس حلقة التفاوض المغلقة، أو الإعلان المتأخر عن فشلها الحتمي.
ظاهريا، قد يبدو الكيان الإسرائيلي اليوم وكأنه متحرر من ضغط اللحظة التي ترجح كفة موازين القوى لصالحه وتمنحه فرصة كافية لتعميق الخلل القائم لمصلحته، وتجعله منفلتا من أي التزام تجاه مقاربة العملية السلمية.
استل وزير الخارجية الأميركي جون كيري من المفهوم الإسرائيلي للسلام خطة اقتصادية أمنية خالية من أي أفق سياسي محدد، ولكنه يراهن بمضمون عروضها السخيّة على جعلها معولاً لانتشال العملية السلمية من كبوتها, وحافزاً ضاغطاً على القيادة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة.
رغم مضي زهاء العامين على انطلاقها، لم تصل الثورات العربية حتى اللحظة إلى تحقيق أهدافها الرئيسية، ولم تعرف مآلاتها بعد، خلا ما أظهرته الشعوب من استعداد للتضحية ودفع أثمان الحرية واستقلال الإرادة والكرامة الوطنية في وجه الظلم والقهر والفساد.
تضيق توقعات الفلسطينيين من نواتج الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي باراك أوباما للأراضي المحتلة، في إطار جولته القادمة في المنطقة، خلافاً للكيان الإسرائيلي الذي يجد فيها مناسبة لتجديد عهد التحالف الإستراتيجي الثنائي، بعد توتر علائقي أخير، والالتزام بأمنه، وبحث ملفات مهمة بالنسبة إليه.
في غضون أيام قليلة؛ خرجت من السلطة الفلسطينية إستراتيجيات متناقضة بمنطوق التهديد، تنقلت بين “الحل”، و”الدولة الواحدة”، ومحاكمة الاحتلال الإسرائيلي دولياً. مما يعكس مأزقاً حقيقياً حاداً، سيظل يراوح مكانه أمام الاحتكام لمسار التفاوض الأوحد وإقصاء الخيارات الأخرى.
خلافاً لما يظهره خروجاً مظفراً من أتون عملية “عامود السحاب”يقوم الكيان الإسرائيلي، من الآن فصاعداً، بمعالجة تبعات خوض حرب قديمة بأهداف مجترّة، قيس فشلها مسبقاً، في أرض معركة جديدة ضمن بيئة مغايرة.
تؤكد الكاتبة أنه ومنذ الإعلان عن انتخابات مبكرة، ركز التيار اليميني على الملف الإيراني ليس لأغراض حشد انتخابي فحسب، وإنما لما تشكله تلك الملفات من قلق للاحتلال. لكن تراجع خطة ضرب إيران جعله يتجه صوب ما كان يعتقد أنها الحلقة الأضعف.
غاب الردّ العربي الإسلامي عن ما تمكن الكيان الإسرائيلي من المضي فيه أممياً لتسويق عبارة “الدولة اليهودية”، توطئة لإكسابها شرعية دولية بالاتفاقيات والأعراف الدولية السائدة، وفي القانون الدولي، غداة إدراجها شرطاً لاعتراف فلسطيني من أجل استئناف المفاوضات المجمدة منذ أشهر.