صدم رئيس “مركز عمّار الإستراتيجي” لمكافحة الحرب الناعمة ضد إيران مهدي طائب، وهو رجل دين بارز مقرب من مرشد الجمهورية الإسلامية خامنئي، الرأي العام العربي والعالمي عندما صرح بأن سوريا تعتبر المحافظة الـ35 من المحافظات الإيرانية, بل أهم من الأهواز.
برهان غليون
أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون بالعاصمة الفرنسية باريس.
الجديد من الكاتب
تدفق المحتوى
شكل الربيع العربي بفصوله المتعاقبة من ثورات الحرية، أكبر حركة جيوسياسية هزت العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط منذ ستينيات القرن الماضي، والتي شهدت تفجر ما أطلق عليه الثورة القومية التي كرست خروج العرب من نير الاستعمار القديم، وتطلعهم إلى الاستقلال والحرية والكرامة.
يصمت الرئيس الأسد أسابيع وأحيانا أشهرا طويلة قبل أن يتوجه بخطاب إلى شعبه، بينما تعيش سوريا أياما وليالي دامية منذ اتخاذ قرار مواجهة السلطة حركة الاحتجاج الشعبية بالعنف.
صدق من قال إن سوريا نموذج قائم بذاته لا يشبه أي نموذج عربي آخر. وما ميز هذا النموذج بالمقارنة مع النماذج العربية الأخرى، بما في ذلك ليبيا واليمن، هو طبيعة النظام القائم، ومنطق ممارسته السلطة، والعلاقة التي تحكم ردوده.
يرى غليون أن حركة الاحتجاج السورية حققت مكاسب هائلة بالمقارنة مع ما كانت عليه الأوضاع قبل شهرين, مؤكدا أن الرد على تصعيد النظام للعنف لا يكون أولا إلا بمواصلة مسيرات الاحتجاج, والعمل على طمأنة قطاعات الرأي العام الخائفة من الانخراط في الاحتجاجات.
يصف غليون خروج السوريين إلى الشوارع لتحدي السلطة القائمة بأنه معجزة بالمعنى الحرفي للكلمة, وأنه شيء كبير وخطير، يتجاوز بكثير ما حدث في الأقطار العربية الأخرى, ذلك أن النظام القائم بسوريا يتميز عن النظم العربية الأخرى بغياب أي حياة سياسية في البلاد.
يعدد غليون أوجه عدم فهم النظام السوري ما يجري، وما ينبغي فعله لمواجهة مطالب ثورة الكرامة والحرية, وتمسكه حتى اللحظة بإجراء تغييرات شكلية لا تحدث فطيعة مع الماضي وهو مطلب الثوار, داعيا إياهم إلى تحديد قيادة واضحة للثورة ورؤية سياسية أكثر وضوحا.
ينتقد الكاتب جمود موقف النظام السوري من الثورات العربية وعدم مبادرته بالتغيير، ويرى أن ما حدث في مدن سورية من مطالبات بالحرية أول إرهاصات ثورة الكرامة والحرية التي حملت بها البلد منذ وقت طويل دون أن تجد وسيلة لإخراجها.
يرى برهان غليون أن أول أبعاد الثورة التاريخية التي نعيشها، والأكثر وضوحا في الأحداث اليومية المستمرة لها، هو بدون شك قلب التوازنات السياسية القائمة، بحيث يصبح عاليها سافلها والعكس.. لقد انقلبت الآية وصار الشعب منذ الآن سيّد الموقف.
يوجه غليون تحية لتونس التي تفتح طريق الحرية في عالم عربي قتله الانتظار, مؤكدا أن وقف الانتفاضة التونسية لن يكون من خلال تكرار الوعود بمعدلات تنمية استثنائية ولا تعزيز الإجراءات الأمنية واستخدام سلاح القتل الجماعي, بل لابد من تغيير قواعد اللعبة السياسية.