لا يقتصر ملف معتقلي تنظيم الدولة على كونه قضية أمنية محلية أو إنسانية طارئة، بل يمثل في نظر المجتمع الدولي أول اختبار حقيقي لقدرة الحكومة السورية الجديدة على إدارة ملفات سيادية بالغة الحساسية.

لا يقتصر ملف معتقلي تنظيم الدولة على كونه قضية أمنية محلية أو إنسانية طارئة، بل يمثل في نظر المجتمع الدولي أول اختبار حقيقي لقدرة الحكومة السورية الجديدة على إدارة ملفات سيادية بالغة الحساسية.
بينما يأتي الصمت التونسي تجاه التغيير السياسي في سوريا وليد الحياد والتريث الدبلوماسي بحسب أنصار الحكومة، يعكس وفق مراقبين وناقدين للسياسة الخارجية التونسية، امتدادا لتحالف سياسي سابق مع نظام الأسد.
في خضم التحولات في عموم سوريا، تبدو الغالبية العربية في مناطق شمال شرقي سوريا خاصة وكأنها غائبة عن المشهد رغم أنها تشكل الغالبية الديمغرافية والقتالية لقسد التي تتفاوض على ترتيبات المنطقة مع دمشق.
يظهر غياب مطلب إخراج القوات الروسية من سوريا تحوّلاً تدريجياً بأولويات الغرب تجاه الملف السوري، بعد تصريحات مسؤولين أوروبيين وأميركيين تضع هذا في مقدمة مطالب من دمشق نظير الانفتاح عليها.
تجد “قسد” نفسها أمام واقع جديد يتجلى في تراجع الدعم الأميركي وتصاعد الحضور الرسمي للدولة السورية بعد عودة دمشق إلى المشهد الإقليمي والدولي، فهل ستتخلى واشنطن عن حليفتها مقابل تفاهمات أكبر مع سوريا؟
يثير التناقض بين خطاب التطبيع والسلوك الفعلي لإسرائيل تجاه سوريا ما بعد الأسد علامات استفهام واسعة حول نواياها الحقيقية، وحول ما الذي يدفع إسرائيل لتفضيل الفوضى على التطبيع؟
رغم أن تل أبيب تبرر انتهاكاتها بأنها “إجراءات وقائية” ضد تهديدات أمنية محتملة، فإن مراقبين يرون أنها تندرج ضمن إستراتيجية أوسع هدفها دفع سوريا الجديدة إلى الانخراط في مسار تطبيعي قسري.
ترى شريحة واسعة من السوريين أن إطلاق سراح شخصيات من النظام السابق يعيد إنتاج ثقافة الإفلات من العقاب التي اتهم بها النظام المخلوع، فهل هذه المصالحات ضرورة أمنية؟ أم تسوية سياسية على حساب دماء الضحايا؟
يتزامن القرار الأميركي بتجميد المساعدات الخارجية مع مرور سوريا بمرحلة انتقالية شديدة التعقيد بعد سقوط الأسد، وتزايد الحاجة فيها إلى مختلف أنواع الدعم، وعلى رأسها جهود المحاسبة والعدالة.
يعتمد مستقبل سوريا على قدرة الإدارة الجديدة على تحويل الانفتاح الدبلوماسي إلى شراكات إستراتيجية مستدامة، والعمل على تجاوز الحسابات الإقليمية والدولية المعقدة، واستثمار اللحظة الراهنة لبناء دولة قوية.