عندما خضت العقد السادس، هالني الاسم، “السادس”! وكأنني بلغته فجأة، ثم سألت نفسي ما مشروع “العشر الأواخر”، وكأنني أُسأل عن رغبتي الأخيرة قبل تنفيذ حكم الإعدام.

كاتب صحفي وصانع أفلام وثائقية - twitter.com/Assaadtaha
عندما خضت العقد السادس، هالني الاسم، “السادس”! وكأنني بلغته فجأة، ثم سألت نفسي ما مشروع “العشر الأواخر”، وكأنني أُسأل عن رغبتي الأخيرة قبل تنفيذ حكم الإعدام.
عندما تهب العاصفة، لا نعرف أحيانا ماذا علينا أن نفعل، لكننا نؤمن أن علينا أن نفعل شيئا ما، فمنا من يفضل التريث ودراسة الأمر وحساب الخطوات، ومنا من يفضل أن ينطلق.
عندما تهاجر لمن يكون ولاؤك: للبلد الذي ولدتَ فيه، أم للبلد الذي هاجرت إليه ورعاك؟ لمن يعود الفضل الذي عليك أن ترده: مسقط رأسك، أم موطن رعايتك ومستقبلك؟
حين طلبتَ مني أن أحكي لك حكايتي لم أكن أعلم ماذا يمكن أن أقول، وماذا يمكن أن أخفي، هل أبوح بكل شيء، وأي وقت يكفي لأن أسرد لك كل التفاصيل، تلك الانتصارات والانكسارات، تلك الأمور الصغيرة.
على غير عادتي، أتابع روايتين في آنٍ واحد. يا لها من صدفة، روايتان تاريخيتان وثائقيتان، من عالمَيْن مختلفين، لكنهما يحملان نفس الداء، أعترف أني أحب ذلك النوع من الروايات الذي يوجه لي اللكمة تلو اللكمة.
لماذا يقبل الجميع بالأمر، وتشعر أن الكل مَوات، ثم فجأة يولد طفل صغير فيُقرر أن يغير العالم، هل هو اختيار ربَّاني، أم إرادة شخصية؟ يصحو المرء فيُقَرِّر أن يكون شجاعًا قويًّا جريئًا، عالمًا متواضعًا.
غريبة هي الحياة، فبقدر ما تفزعك مصائبها، بقدر ما يدهشك لطفها، فتجد نفسك وسط أهوالك مدفوعا إلى ما لم تفكر فيه يوما، ولم تخطط له، وما يُخفِّف عنك بلاءك.
لا يكفي أن تكون الناجي الأخير، عليك أن تحكي الحكاية، أن تسرد لنا ما وقع لك، أن تبوح بكلِّ شيء فلا تُخفي سرًّا، أن تأخذنا من أيدينا وتشرح لنا خارطة الطريق، ثم تختم حديثك بالحكمة.
يمكن للبطل أن يختار أصعب المهام، وأن يقاتل في الصفوف الأولى، وأن يتسلّل خلف خطوط العدو ويشارك في مهمة انتحارية، ولكن هل يصل إلى الحد الذي يقرر فيه طواعية أن يلتحق بمعسكر اعتقال؟
تجري العادة بأن الانتكاسات التي تصيبنا تأتي من الخارج، فنحتمي بمن هم قريبون منا، من يحملون همومنا ويبذلون ما بوسعهم لنبقى بسلام.