تبدو إيران محكومة بخيار الرد مدفوعة بحجم الضربة التي تلقتها وبقوة أوراقها في المنطقة، لكن حسابات الرد تبقى قيد الدرس، فيما يحبس العالم أنفاسه تحسبا من مواجهة لا يعرف مداها ولن تكون كسابقاتها.
تدفق المحتوى
بسوابق التاريخ، لا يصعب فهم القرار الإسرائيلي بإغلاق مكتب قناة الجزيرة، فقد كانت هناك مؤشرات لهذا القرار الذي يتزامن مع حدة الارتباك العسكري والسياسي بقيادة بنيامين نتنياهو وأزماته ومعاركه ضد الجميع.
طوال شهر أبريل/نيسان عام 1954، كانت فرنسا تعيش مأزقا حقيقيا في معركة ديان بيان فو شمالي فيتنام، فكرت واشنطن بالخيار النووي لإنقاذ حليفتها، سقط ذلك الخيار لاحقا وسقط معه النفوذ الفرنسي بالهند الصينية.
كان هجوم صباح السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تاريخا فارقا على المستوى النفسي والعسكري والسياسي لإسرائيل، إذ انهارت نظرية الأمن التي بنتها على مدار عقود.
شكّل هجوم المقاومة الفلسطينية على إسرائيل صباح 7 أكتوبر مفاجأة إستراتيجية أفقدت تل أبيب وجيشها التوازن بشكل غير مسبوق وأربكت المجتمع الإسرائيلي الذي كان يركن إلى سرديات متعالية لمسؤولي وقادة الاحتلال.
عندما تولى جان كريستيان سماتس رئاسة وزراء اتحاد جنوب أفريقيا مؤيدا للفصل العنصري، كان الطفل “روليهلاهلا” قد ولد في البلاد، وعرف هذا الطفل لاحقا باسم نيلسون مانديلا، وأصبح مناضلا ضد التمييز العنصري.
بمنتصف ثمانينيات القرن الماضي، أخفقت أفكار الرئيس البوركيني توماس سانكارا (1983-1987) في مجابهة فرنسا بدول الساحل، لكنها عادت مجددا في شكل انقلابات لتقوّض الوجود الفرنسي في مستعمراتها السابقة.
كان الأهم بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون أن يسجن البرغوثي مدى الحياة، فقد حُمل مسؤولية مباشرة بقتل عدد من الإسرائيليين، ومسؤولية غير مباشرة عن مقتل 104 آخرين وتأسيس كتائب الأقصى.
أسهمت الحرب النفسية والاتصالية المخطط لها بعناية لحماس والمقاومة منذ ضربة “طوفان الأقصى” ثم استثمار موضوع الأسرى والمحتجزين وإبراز الخسائر العسكرية الإسرائيلية بفعالية في تقويض السرديات الإسرائيلية.
كانت إسرائيل تحتاج عمليا إلى الهدنة أكثر من حركة حماس والمقاومة في غزة لأسباب سياسية وعسكرية وداخلية، ولتآكل المبررات التي ساقتها حكومة الحرب دوليا بقيادة نتنياهو لتبرير القوة الغاشمة.
