بعد سلسلة من الأفلام المتواضعة.. هل يستمر أبطال مسرح مصر في السينما؟

كومبو ثلاثي من اليمين مصطفى خاطر اوس اوس علي ربيع (الجزيرة)
من اليمين: مصطفى خاطر وأوس أوس وعلي ربيع (الصحافة المصرية)

في موسم عيد الفطر الماضي، عرضت دور العرض المصرية فيلمي "بعد الشر" لبطله علي ربيع ومحمد أسامة (أوس أوس) من نجوم مسرح مصر، كما عُرض فيلم "رمسيس باريس" من بطولة هيفاء وهبي ومحمد سلام، وينضم إليهما من نجوم مسرح مصر حمدي المرغني ومصطفى خاطر.

استطاع الفيلم الأول أن يحتل المركز الثالث في إيرادات هذا الموسم في دور العرض المصرية، لكنه حقق المفاجأة وتصدر إيرادات الأفلام المصرية في السوق السعودية، بينما حقق الثاني إيرادات هزيلة، وهو ما يثير تساؤلا بشأن الرهان على أبطال مسرح مصر.

مسرح مصر.. 7 سنوات

في يناير/كانون الثاني 2014، قدّم الفنان أشرف عبد الباقي لأول مرة عروض ما سمي في موسمه الأول والثاني باسم "تياترو مصر"، وبثته قناة الحياة المصرية، قبل أن يتغير الاسم إلى "مسرح مصر" وتقدمه قناة "إم بي سي مصر"، وكان يكتبه نادر صلاح الدين تاركا مساحة كبيرة للأبطال للارتجال أمام الجمهور.

خلال العروض المسرحية التي استمرت حتى 2019، سطع نجم عدد من الممثلين الشباب، مثل: علي ربيع ومصطفى خاطر وحمدي المرغني وأوس أوس ومحمد عبد الرحمن ومحمد أنور، الذين أصبحوا أبطالا بين ليلة وضحاها نتيجة الشعبية التي حققتها العروض المسرحية التي تبث في أوقات ذروة المشاهدة على التلفزيون. ورغم بعض الانتقادات، أصبح هؤلاء الشباب أبطالا لمسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية، وحققوا نجاحات سريعة متتالية.

قدّم ربيع وخاطر وأوس فيلم "حسن وبقلظ" (2016)، ثم قدم ربيع وعبد الرحمن فيلم "خير وبركة" (2017)، وقدم خاطر -ببطولة مشتركة- مسلسل "هربانة منها"، وشارك في فيلم "هروب اضطراري"، وانطلق باقي أعضاء مسرح مصر ليشاركوا أهم الفنانين بطولة أعمالهم.

في ديسمبر/كانون الأول 2019، أعلن أشرف عبد الباقي انتهاء عروض مسرح مصر، بعد تقديم 130 مسرحية على مدى 7 سنوات، معلنا أن أبطال مسرحه صاروا نجوما بالفعل.

بعد مرور نحو 4 سنوات على انتهاء عروض مسرح مصر، ألا يزال بوسع أبطال هذا المسرح جذب الجمهور بأفلام سينمائية في مواسم الأعياد في مواجهة نجوم أكثر شعبية، ممن أسسوا نجوميتهم تدريجيا واكتسبوا قاعدة جماهيرية واسعة مثل محمد رمضان؟

لماذا يبتعد الجمهور؟

تتعدد الأسباب التي تجعل أبطال مسرح مصر يواجهون تحديات في السينما، فالجمهور الذي اعتاد أن يراهم معا على شاشة التلفزيون يقدمون عرضا مسرحيا طويلا يمتد لساعة ونصف تتخلله الإعلانات، اعتاد أن يشاهدهم مجانا، كما اعتاد أن يشاهدهم معا فريقا واحدا، ولكل منهم شخصية مختلفة مميزة، يتقدمهم أشرف عبد الباقي بتلقائيته وخبرته وعلاقته الطويلة مع الجمهور. لذلك نرى أبطال مسرح مصر حريصين على الحضور معا كثنائي أو ثلاثي في أفلامهم، لكنهم ليسوا أيضا الفريق المتعدد الشخصيات كما كانوا في "مسرح مصر".

كما أن السبب الأهم هو نفسه سبب توقف مسرح مصر، وهو تكرار الأفكار. ففي حوار لأشرف عبد الباقي مع مجلة روز اليوسف، أكد أن سبب توقف مسرح مصر هو الاكتفاء بعد تقديم 130 مسرحية من 130 فكرة جديدة، فرغم الاستعانة بأكثر من ورشة عمل، وجد أن الأفكار أصبحت مكررة، لذلك كان يرفضها.

في الوقت نفسه، سرت شائعات عن خلافات بين أبطال مسرح مصر، كانسحاب هذا الفنان أو اعتراضه، فقد صار بعضهم أبطالا لأفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية فجأة، ولم يعد ممكنا أن يرضوا بنفس الدور إلى جوار زملائهم على خشبة مسرح مصر.

السحر ثيمة مشتركة

في "بعد الشر" و"رمسيس باريس"، نرى السحر ثيمة مشتركة، حيث يصل فقر الأفكار إلى درجة استخدام نفس الثيمة والاعتماد على "مخدر سحري" أو "تعويذة سحرية" في كلا الفيلمين، حيث يتسبب المخدر في "رمسيس باريس" في انتقال الشخصيات من القاهرة إلى باريس، بينما تحول التعويذة علي ربيع إلى شيء آخر مما يتسبب في إفساد علاقاته العاطفية.

يقدم فيلم "بعد الشر" قصة الشاب سولي (علي ربيع) الذي يهرب من زواجه الأول خلال حفل زفافه، ليعجب بمعلمة تدرس شقيقه في مدرسته، فيحاول إثارة اعجابها، لكنه يتورط في تعويذة سحرية تفسد علاقاته كلها.

يشارك في بطولة الفيلم أوس أوس، وبيومي فؤاد، وعمرو عبد الجليل، وسليمان عيد، وهالة فاخر، وألفت عمر، وهو من تأليف أمين جمال ووليد أبو المجد، وإخراج أحمد عبد الوهاب في أول تجاربه السينمائية.

عين على الإيرادات

أصبح الفيلم منافسا قويا في دور العرض الخليجية، وهو الطموح الجديد لمنتجي الأفلام المصرية اليوم، إذ لم يعد النجاح أن تحقق أرقاما جيدة في مصر، بل الأهم هو السوق الجديد الذي تحقق فيه الأفلام المصرية إيرادات أكبر.

لا تزال خلطة المنتج السبكي الناجحة تجاريا حاضرة بقوة، لكن بمقاييس التوزيع الجديدة. في السابق اعتمد السبكي في كثير من أفلامه على ثلاثي: البلطجي والراقصة والأغنية الشعبية، وكانت تحقق إيرادات عالية في دور العرض المصرية.

يحاول "بعد الشر" مخاطبة جميع الفئات، ليكون فيلما اجتماعيا مناسبا للأسرة، ولا سيما مع حشر مشاهد للبطل والبطلة في مدرسة دولية، حيث يزور البطل شقيقه الأصغر في مدرسته، ويحاول بشتى الطرق إثارة إعجاب المعلمة الجميلة التي تجيد الدفاع عن نفسها ضد محاولات التحرش.

يقع الفيلم كالعادة في فخ التنمر والتحرش، وهي عادة هذه الموجة من أفلام الكوميديا في السينما المصرية التي تحاول انتزاع الضحكات من السخرية من هيئة الآخرين، أو تقديم "النكات" السخيفة لمعاكسة فتاة، وللأسف نرى هذه المشاهد في المدرسة أمام التلاميذ الأطفال.

كما أضعف الفيلم الأداء الباهت لبطله علي ربيع، ولا جديد في أداء بيومي فؤاد، بل يمكن أن يجزم المشاهد أنه شاهد "إفيهاته" وضحكاته مرات عدة من قبل في أفلام أخرى.

رمسيس باريس

يحكي فيلم "رمسيس باريس" قصة ثلاثة من حارة شعبية (محمد ثروت، وحمدي المرغني، ومحمود حافظ) وفتاة جميلة (هيفاء وهبي) يتّحدون لسرقة لوحة الموناليزا الشهيرة من متحف اللوفر، في إطار من الكوميديا والفانتازيا، بمشاركة مصطفى خاطر ومحمد سلام، وهو من تأليف كريم حسن بشير.

يخوض المخرج أحمد خالد موسى هذه المرة تجربة الإنتاج بمشاركة ريمون رمسيس، وفي فيلم باذخ الإنتاج نسبيا، حيث التصوير في شوارع باريس، لكن يبدو أن طموحاته الإنتاجية أفسدت بوصلته الفنية الناجحة، وهو الذي قدم أعمالا تجارية ناجحة مثل "هروب اضطراري" (2017) أو "لص بغداد" (2020)، وفي الدراما الرمضانية حقق مسلسله "ملوك الجدعنة" نجاحا كبيرا.

في الثلث الأول من الفيلم، نرى فيلما يشبه أفلام التسعينيات، عن حنين (هيفاء وهبي) فتاة ليل التي تبحث عن زبائنها في شوارع القاهرة، وثلاثة من الشباب العزاب في فيلا أحدهم يبحثون عن التسلية، مع ملء هذه المشاهد بنكات قديمة وحوار ركيك، قبل أن ندخل في الحكاية الأهم.

ينتقل الفيلم لاحقا إلى باريس، حيث يتسبب تدخين المخدر السحري في انتقال الأبطال من القاهرة إلى العاصمة الفرنسية، حيث يلتقون بنصاب متخصص في سرقة الأعمال الفنية (محمد سلام)، يحاول استغلالهم لتنفيذ مخططه في سرقة لوحة الموناليزا من متحف اللوفر.

مع النهاية، يحاول صناع الفيلم تحميله أكثر مما يريده الجمهور من فيلم تجاري "كوميدي"، حيث يقرر البطل استغلال القدرات السحرية لسرقة الآثار المصرية من اللوفر وإعادتها إلى مصر، وكأن سرقة الآثار من متحف عالمي "رسالة أخلاقية" يستحق أن يصفق لها الجمهور.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية