فيلم حراس المجرة 3 ..مذاق خاص بين الأبطال الخارقين

مثّل فيلم "حراس المجرة 3" الخاتمة المثالية لهذه السلسلة، واستخدم فيه مخرجه كل ما يميز أفلامه السابقة سواء من بناء الشخصيات وديناميكيات علاقتها أو الموسيقى التصويرية لصنع فيلم يجمع بين خطوط الثلاثية بإحكام.

بوستر فيلم حراس المجرة 3 (مارفل)
ملصق فيلم حراس المجرة 3 (مارفل)

يُعرض في الوقت الحالي فيلم "حراس المجرة 3" (Guardians of the Galaxy Vol. 3) من إخراج "جيمس غن" وبطولة "كريس برات" و"زوي سالدانا" وأداء صوتي لـ"برادلي كوبر" و"فان ديزل". ويعد العمل رقم 32 في "عالم مارفل السينمائي الممتد" (Marvel Cinematic Universe MCU).

الفيلم هو الجزء الثالث والأخير من ثلاثية "حراس المجرة" إخراج "جيمس غن" والذي انتقل مؤخرا للمعسكر المعاكس في عالم الأبطال الخارقين، "دي سي" (DC) كقائد ومطور للسلسلة الخاصة بهم.

وبالإضافة إلى الإشادة النقدية بالفيلم، فقد حقق حتى الآن 528 مليون دولار ليحتل المرتبة الرابعة في قائمة أعلى أفلام 2023 إيرادا.

 

مذاق خاص بين الأبطال الخارقين

كان عُرض الجزء الأول من ثلاثية "حراس المجرة" عام 2014، كرهان من مارفل على تقبل المشاهدين لشكل آخر من أفلام الأبطال الخارقين.

وبعد نجاح الأفلام الفردية مثل "آيرون مان" (Iron Man) و"ثور" (Thor) بما تحمله من تقليدية، كسر المخرج "جيمس غن" بعض من قواعد النوع الذي تمت إعادة تأسيسه على يد مخرجي مارفل، وقرر تقديم فريق من الكائنات الفضائية لكل منها عيوب أكبر من مزاياها، ولكن يجمع بينها حب العدالة والاستعداد للتضحية بالذات من أجل هدف أسمى.

وتميزت السلسلة بالإضافة إلى تعدد أبطالها بحس فكاهة عالٍ، وسيناريو حيوي يعتمد على الحوار المستمر بين الشخصيات والتلاعب بقصور كل شخصية من شخصياته، مثل سذاجة ورومانسية "كويل/ كريس برات" أو غباء "دراكس/ ديف باتيستا".

وأبرزت الموسيقى التصويرية المختلفة شغف الشخصية الرئيسية والمخرج؛ بأغاني الروك في السبعينيات والثمانينيات من القرن الـ20.

ونجح الجزء الأول والثاني من "حراس المجرة" من ناحية الإيرادات وإعجاب النقاد، لكن إنتاج الجزء الثالث والأخير أوشك على الإلغاء نتيجة لتغريدات مسيئة كتبها المخرج في شبابه وأثارت حوله الكثير من الجدل.

واضطرت ديزني لفصله، حتى قام أبطال الفيلم بالإعلان عن وقوفهم في صفه ورغبتهم الشديدة في عودته بعد اعتذاراته المتكررة عن هذه التغريدات، الأمر الذي تحقق في النهاية، ليعود "جيمس غن" لمارفل مرة أخيرة لتقديم الجزء الثالث فقط.

ولا يمثل الجزء الثالث الوداع الأخير لأبطالنا من "حراس المجرة"، لكنه بالتأكيد وداع لتعاون "غن" مع مارفل وهؤلاء الممثلين والشخصيات، ليمثل الفيلم نهاية فصل ناجح للغاية من عالم مارفل السينمائي الذي يتداعى بشدة منذ عام 2019.

ويعود فيلم "حراس المجرة 3" إلى جذور واحد من أهم شخصيات الجماعة الراكون "روكيت" الذي يؤدي صوته "برادلي كوبر"، فيبدأ الفيلم بهجوم على الحيوان الناطق والقائد العسكري الذي يصاب فيه بشدة، وعندما يحاول أصدقاؤه إنقاذه يكتشفون بداخله جهازا قاتلا تم إعداده للتخلص منه، وبالتالي عليهم اكتشاف ماضيه، الأمر الذي يقودهم إلى مجموعة من المغامرات بين الكواكب، ويجدون بعدها أنهم لن ينقذوه فقط، بل سينقذون الكثيرين غيرهم من ضحايا عالِم مهووس بصنع كائنات مثالية.

 أشرار مارفل والبحث عن اليوتوبيا

يحمل شرير فيلم "حراس المجرة" لقب "المطور العظيم" (High Evolutionary) فهو عالم معني بالجينات وتطوير الكائنات عبر التلاعب في صفاتهم الوراثية، والراكون "روكيت" هو صنيعة أحد تجاربه، بل على وجه التحديد هو أفضل الكائنات الهجينة التي قدمها بذكائه الشديد الذي يوازي الذكاء الإنساني، ولهذا السبب يحاول "المطور العظيم" اختطافه لمعرفة سر نجاحه كتجربة علمية.

يحلم "المطور العظيم" بإنشاء عالم مثالي يتفوق على كوكب الأرض، ويحاول صنع يوتوبيا من نوع خاص تختلط فيها الأجناس المختلفة، وتعيش في سلام.

من أجل ذلك الهدف الذي يبدو ساميا؛ لأول وهلة يتعامل مع كل الكائنات من حوله كتجارب قابلة للتطوير أو الاستغناء عنها وتدميرها في حال فشلها.

يتشابه "المطور العظيم" في ذلك مع اثنين من أهم أشرار سلسلة مارفل، "ثانوس" و"كانغ"، وثلاثتهم يحاولون تحسين العالم بل وإنقاذه من وجهة نظرهم، ولكن خلال هوسهم بالوصول إلى "اليوتوبيا" يدمرون الكائنات بلا رحمة.

ثانوس رأى أن قلة الموارد سبب تعاسة الكائنات في المجرات المختلفة فجعل بحثه عن "أحجار الطاقة" شغله الشاغل حتى يستطيع إبادة نصف العالم في محاولة لتحسين حياة النصف الآخر، بينما "كانغ" ملك الخطوط الزمنية والقادر على التجول بينها بحرية يحاول إنقاذ العالم والحفاظ على التوازن بين الأزمنة المختلفة، الأمر الذي يؤدي مع كل محاولة إلى خلل يبيد الكائنات بلا مبالاة.

بدأت سلسلة أفلام "مارفل" بصراع بسيط بين الخير والشر، ولكن مع التطور والاستمرارية أصبح لهذا الصراع أبعاد فلسفية أعمق. فأبطال هذه الأفلام لا يحاربون الآن أشخاصا طامعين في مال ونفوذ وسلطة فقط، بل علماء مخابيل وأشرار يحملون مبادئ تبدو في ظاهرها سامية، ولكن بداخلها ظلم وعنف لا يمكن تصوره.

وتقدم سلسلة مارفل في صورتها الآنية تصورا يؤكد أنه لا يوجد أفضل من التوازن الحادث الآن، وأن العالم هو أفضل نسخة ممكنة من الحياة، وعلى الأبطال الحفاظ على هذه الحالة وإقرار السلام واستبعاد الأشرار الذين يفكرون أكثر من اللازم، ويمتلكون القوة الكافية لتحويل هذه الأفكار إلى حقائق قاتلة.

مثّل فيلم "حراس المجرة 3″ الخاتمة المثالية لهذه السلسلة، واستخدم فيه مخرجه كل ما يميز أفلامه السابقة سواء من بناء الشخصيات وديناميكيات علاقتها أو الموسيقى التصويرية لصنع فيلم يجمع بين خطوط الثلاثية بإحكام.

و"حراس المجرة 3" يؤكد على أن "جيمس غن" مخرج سيفتقده عالم مارفل السينمائي بالتأكيد.

المصدر : الجزيرة