مسلسل "آخر دور".. بداية مبشرة وخطوط درامية زائدة ونهاية محبطة

دينا الشربيني في مسلسل "آخر دور" (مواقع التواصل)

انتهى عرض الحلقة الأخيرة من المسلسل المصري القصير "آخر دور" الذي تصدَّر الأعمال الأعلى مشاهدة عبر منصة "شاهد" مؤخرا، خاصة مع اقتراب النهاية التي كانت ستُقدّم حلولا لكل الألغاز.

قصة "آخر دور"

تدور الأحداث حول الشابة روان التي تُتهم بقتل زوجها، ليتم الزج بها في السجن لفترة قبل أن تَثبُت براءتها وتُقرر البدء من جديد بعيدا عن الشائعات على أمل أن تنجح بالعودة إلى حياتها الطبيعية.

وفي ليلتها الأولى، تُفاجأ بامرأة غريبة تطرق باب منزلها، وخلال دقائق تكون الضيفة قد سقطت من شرفة المنزل في الطابق الأخير، ومع أن الأمر يصبح مَحل اهتمام الإعلام، لكن روان تُقرر ألا تُخبر الشرطة حقيقة ما جرى خوفا من اتهامها ظلما مرة أخرى. وفي الوقت نفسه يبدأ رجل غريب بمطاردتها بحثا عن متعلقات القتيلة، فإذا بها وقد تورطت بأشياء لا علاقة لها بها.

تدور تلك الأحداث بالتزامن مع قصص جانبية أخرى قد يتقاطع بعضها مع الحبكة الأساسية. جدير بالذكر أن معظم تلك الخيوط الدرامية يغلب عليها التشويق والإثارة، مما أضفى على المسلسل حالة من الترقُّب ساهمت في رفع نسب مشاهدته خلال الحلقات الأولى، خاصة مع سرعة التصاعد الدرامي بالأحداث حلقة تلو حلقة.

ورغم النجاح الذي حققه المسلسل، فإن "آخر دور" عانى من ثغرات فنية خفضت من مستواه رغم بدايته المُبشِّرة، وهو ما نتج بدوره نقاشات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي بسبب اختلاف الآراء بين الاستحسان والامتعاض.

هل ملّ المشاهد من دراما التشويق؟

نقطة الضعف الأولى بالعمل كانت في ما دارت حوله الحبكة الأساسية حيث الإطار البوليسي وعالم الجريمة، فمع أن القصة نفسها يعتريها التشويق وربما تستحق أن تلقى رواجا، فإن شريحة من الجمهور أصيبت بحالة من التشبّع التام خلال عام 2022 من المسلسلات التي أتت على الشاكلة نفسها.

فعلى سبيل المثال، تشابهت حبكة مسلسلات مثل "منعطف خطر، ستات بيت المعادي، الليلة واللي فيها، ستيليتو، وعد إبليس، منورة بأهلها" وغيرها من المسلسلات التي حققت نجاحاً كبيراَ.

خطوط درامية بلا أهمية

العيب الثاني: رغم الإيقاع السريع وتلاحق أحداث السرد الدرامي حيث الاكتشافات الجديدة كل حلقة والذي حال دون شعور المتفرج بالملل، فإن الخطوط الدرامية الكثيرة التي طرحها "آخر دور" تبيّن أن بعضها لا أهمية له على الإطلاق، ولم يُثر القصة الأساسية في شيء.

وبالتالي فإن حذفه تماما لم يكن ليشكّل أي فارق درامي، بل أن ذلك كان من شأنه جعل المسلسل أكثر تكثيفا وربما أكثر قوة ونجاحا.

ومن بين الخطوط الدرامية التي لم تكن ذات أهمية قصة أحمد بدير، الجار السكير الذي على خلاف مع ابنته لا نعرف عنه شيئا لكننا نشهد فقط نتيجته عبر مشاهد مبتورة بأداء قد يوصف بـ "المُفتعل". وقصة زواج رياض الخولي من فتاة تصغره للاستيلاء على أمواله وهو ما لم نعرف ما جرى به بالنهاية أو جدواه بالأساس. وكذلك قصة الارتباط السابق لنهى عابدين بشاب يطاردها للرجوع إليه، في ظل اعتراض والدته على تلك العلاقة ورفض الشابة معاودة الارتباط به.

أما دور الإعلامي المعروف طارق عبد العزيز الذي تعمل البطلة مساعدة له، فلم يكن ذا حيثية تُذكر بالرغم منه أنه كان يمكن استغلاله لخدمة الحبكة الأصلية. ويظل الخط الدرامي الخاص بالفنانة ميمي جمال، الأجمل والأصدق والأكثر إنسانية، أفضل حتى من الحبكة الأساسية، بما يستحق أن يُفرد له عمل درامي كامل.

فقد أجادت لعب دور المُسنّة التي يحاول من حولها استغلالها فتُقرر أن توهمهم بإصابتها بالجنون لحماية نفسها، وحين تأتي البطلة روان للسَكَن بجوارها، تستعين بها للهروب من المنزل.

لكن، لسوء الحظ، تتورط ميمي جمال بإخفاء متعلقات القتيلة، وهو ما تدفع حياتها ثمنا له، بالطريقة نفسها التي راحت ضحيتها الفنانة الراحلة سعاد حسني، مما أعاد ذكريات حزينة للكثيرين وأعاد فتح قضايا لم يغلقها الزمن. ولكل ما سبق، يمكن القول إن ميمي جمال كانت الأفضل من حيث الأداء التمثيلي وصدق الإحساس، وموتها خلال الحلقات أفقد العمل جزءا من رونقه وأصالته.

نهاية نصفها محبط والآخر متوقَّع

كيفما كان العمل الدرامي وخط سيره والانطباعات المُكوَّنة حوله طوال فترة عرضه، يمكن للنهاية أن تقلب كل الموازين وتُغيِّر الآراء سواء بالسلب أو الإيجاب.

بعض صناع المسلسلات العربية يعانون من مشاكل في ما يخُص كتابة نهايات أعمالهم، فيميل بعضهم إلى النهايات المفتوحة هربا من فخ الاضطرار للابتكار، أو يقوم آخرون بحل كل المشكلات جملة وتفصيلا فإذا بجميع الأبطال وقد عاشوا في سعادة أبدية، وبالحالتين تصبح النهاية غير مُرضية جماهيريا.

وبالنظر إلى صانعي مسلسل "آخر دور" سنجدهم لم يفعلوا هذا أو ذاك، إلا أن النهاية لم تأت منطقية تماما. فمن جهة أُصيبت الحلقة الأخيرة بتخمة من كثرة الأحداث، كما لو أن أصحاب العمل فوجئوا بضرورة إنهائه عند الحلقة 12، فإذا بكل الألغاز تتفكك خلال الدقائق الأولى من الحلقة الأخيرة، فنعرف من ارتكب كل تلك الجرائم ولماذا، بل ويُقدم الجناة اعترافاتهم.

كذلك تتكشّف أسرار الخيوط الدرامية الجانبية بطرق أكثر سرعة وبساطة، ومع اقتراب نهاية الحلقة تحدث مفاجأة يظنها أصحاب العمل مدوية لكنها للأسف كانت متوقعة منذ الحلقة الأولى، حتى أنها تتطابق مع نهاية مسلسل "المتهمة" الذي عُرض الشهر الماضي.

دينا الشربيني في "آخر دور"

يبدو أن الممثلة المصرية دينا الشربيني لم تنجح في استغلال "آخر دور" للعودة إلى صفوف نجوم الصف الأول، خاصة وأن أعمالها الدرامية مؤخرا لم تكن موفقة، آخرها مسلسلات "لعبة النسيان، قصر النيل مشوار".

ورغم محاولتها التركيز على اختيارات مشاريع فنية مميزة، فإن خيبة الأمل التي أصابت شريحة من المشاهدين بسبب النهاية المتواضعة وضعف الأداء التمثيلي لبعض طاقم العمل، بالإضافة إلى ركاكة الحوار، لم يساعد الشربيني في مهمتها.

يُذكر أن مسلسل "آخر دور" درامي بوليسي من 12 حلقة، من إخراج حسين المنباوي الذي كان آخر ما قدمه للدراما مسلسل "جزيرة غمام" الذي عُرض العمل عام 2022، وأجمع على جودته الفنية الجمهور والنقاد، مما أسفر عن فوز طاقمه بالعديد من الجوائز المُستحقة.

أما التأليف فقام به وسام صبري، والبطولة جماعية أُسندت إلى كل من دينا الشربيني، أحمد خالد صالح، رياض الخولي، أحمد بدير، ميمي جمال، نهى عابدين، مها نصّار، إبراهيم السمان.

المصدر : الجزيرة