فيلم "نبيل الجميل أخصائي تجميل".. الفخ الذي ابتلع هنيدي

فيلم "نبيل الجميل أخصائي تجميل" مبني على أحداث غير منطقية تقدم حلولا مصطنعة (مواقع التواصل)

بدأ عرض فيلم "نبيل الجميل أخصائي تجميل" للنجم الكوميدي محمد هنيدي، يوم 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ليصبح بالفعل رقم 1 في شباك التذاكر خلال أول أسبوعين من يناير/كانون الثاني الجاري، حتى بعد انضمام فيلم مصري آخر لهذه المنافسة، وهو فيلم "شلبي" لكريم محمود عبد العزيز. ولكن على الجانب الآخر، جاءت آراء الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي منتقدة للفيلم ومستاءة للغاية، وتطرح أسئلة عن كيفية خروج هنيدي من فخ التجارب السينمائية المتواضعة المتتالية.

 

 

شخصيات وأحداث بلا رابط

قصة "نبيل الجميل أخصائي تجميل" من أفكار هنيدي أيضا، والفيلم من تأليف أمين جمال ومحمد محرز، وإخراج خالد مرعي، وتدور أحداثه حول الطبيب الشاب حديث التخرج نبيل الجميل الذي يحلم بأن يصبح طبيب تجميل شهيرا، ولكن الفقر وسوء الحظ وضميره الحي ووشايات منافسه على حب الطبيبة عليا، تؤدي إلى جعل حياته أكثر صعوبة حتى تُحَل مشاكله بشكل أقرب إلى المعجزة.

بعد ذلك، يحتار صناع الفيلم لأن الحل أتى مبكرًا قبل الأوان، فيقررون تقديم عقبة أخرى وهي عبارة عن "مقلب" يقوم به منافسه يكاد ينهي مسيرته المهنية، لكن الصدفة مرة أخرى تقف بجانب بطل الفيلم، لينجو ويفوز بالحبيبة وكل شيء آخر تقريبا.

في هذه الفقرة التي تقدم قصة الفيلم باختصار، تظهر صدفتان رئيسيتان تغيران مجرى الأحداث، ولكن في العمل نفسه هناك عشرات غيرهما، فالسيناريو ذاته مبني على هذه الأحداث غير المنطقية التي تقدم حلولا مصطنعة، مثل قيام زعيم أفريقي أنقذ نبيل الجميل حياته -على الرغم من كونه طبيب تجميل- بمكافأته بحقيبة مليئة بمئات الدولارات؛ ذلك هو الحل الذي وجده صناع الفيلم لإنهاء مشاكل نبيل، حل لا يمكن قبوله في فيلم من خمسينيات القرن العشرين، فما بالك بفيلم يُعرض عام 2023.

لم تتوقف مشاكل السيناريو عند الصدف والحلول غير المنطقية، بل إن بعض الشخصيات والأحداث يمكن حذفها بالكامل من دون إفساد النسيج العضوي للسيناريو الذي يجب أن يكون كجسم الإنسان الذي يختل إن فقد أحد أعضائه.

فعلى سبيل المثال، تظهر شخصية سامبو (الممثل محمود حافظ) -البلطجي الذي يقوم الطبيب بعلاج وجهه بعد شجارات متعددة- عدة مرات ليس لأي منها أي تأثير على أحداث الفيلم أو الحبكة، فهذه شخصية لا يعلم أحد لماذا تم تقديمها ضمن الأحداث.

ويسجل الناقد أندرو محسن ملاحظة حول سفر شخصية أساسية وعودتها من دون أن يقدم هذا الحدث ما يفيد الفيلم، وينطبق الأمر نفسه على تفاصيل أخرى كثيرة في العمل، فكتاب السيناريو لم يراعوا أن يصبح أكثر من مجرد مشاهد وشخصيات بلا رابط تصنع ساعتين إلا 10 دقائق من محاولات الإضحاك الفاشلة.

خفة ظل هنيدي تعوزها الاختيارات الجيدة

لا يمكن تطبيق عبارة "الوصول للنجاح سهل ولكن الحفاظ عليه صعب" على مسيرة هنيدي، فعلى الرغم من ظهوره منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي تقريبا في أدوار صغيرة، فإنه اضطر للانتظار حتى نهاية التسعينيات ليلمع نجمه ويصبح واحدا من طليعة موجة جديدة في السينما المصرية بالعقد الأول من الألفية الثالثة، في مسيرة بدت كقطار لا يمكن إيقافه، نجاح كبير في السينما والمسرح، وأصبح هنيدي أيقونة الكوميديا المصرية الحديثة.

نظريا، لا يزال محمد هنيدي هذه الأيقونة، ولكن عمليا بتتبع بسيط لمسيرته نجد تراجعا كبيرا بعد مضي عقد واحد من الزمان على نجاحه، ويمكن اعتبار نقطة البداية لهذا الانحدار فيلم "أمير البحار" عام 2009.

ومن مشروع متواضع لآخر مثل فيلم "عنتر ابن شداد" عام 2017، قل ظهور محمد هنيدي، الأمر الذي كان من الممكن تبريره ببحثه عن مشاريع سينمائية مميزة، ولكن بعد الصمت لا يخرج إلا بأفلام مثل "الإنس والنمس" و"نبيل الجميل أخصائي تجميل"، التي لا يدعمها سوى شعبية الممثل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب حساباته خفيفة الظل بالفعل، والترويج الكبير.

تعتمد هذه الأفلام المتواضعة على كاريزما محمد هنيدي وقدرته على الإضحاك، ورغم أن كلتيهما حقيقيتان، فإنهما لا تكفيان لجعل فيلم ينجح، ربما كان الأمر كذلك في البداية مع تشوق المشاهدين لأعمال مختلفة عن كوميديا عادل إمام التي ظلت على القمة لعقود، ولكن ما أن انتهت مرحلة نضارة أعمال محمد هنيدي حتى تحول خلال 10 سنوات فقط إلى تكرار ورجع صدى لأعمال سابقة ناجحة تحتاج ربما إلى دراسة مدققة أكثر لاستكشاف أسباب نجاحها إذا ما كانت بسبب تغيرات مجتمعية لدى المتلقين أكثر من جودتها نفسها.

المصدر : مواقع إلكترونية