مسلسل "أخوات سيئات".. العائلة ملاذنا الأخير من شرور العالم
يُعرض مسلسل الجريمة والغموض "أخوات سيئات" على شاشة "آبل تي في بلس" في مزيج من الكوميديا السوداء والانتماء والحب الشديد للعائلة

يطرح مسلسل " أخوات سيئات"(Bad Sisters)، الذي كتبته الممثلة شارون هورغان، سؤالا أساسيا، منذ اللحظة الأولى يحاول أبطال العمل الإجابة عليه بشكل غير مباشر، وهو: ما الذي نتعلمه من العائلة؟ وهل يمكن تبرير الشرور التي يرتكبها أفرادها؟
يُعرض مسلسل الجريمة والغموض "أخوات سيئات" على شاشة "آبل تي في بلس"، وهو مزيج من الكوميديا السوداء والانتماء والحب الشديد للعائلة.
تبدأ الحلقة الأولى بجنازة شخص، نعلم بعد ذلك أنه جون بول زوج غريس، إحدى الشقيقات الخمس. وعبر استرجاع عدة مشاهد من الماضي، سرعان ما يعطي المسلسل الانطباع بأن موت هذا الشخص "مستحق"، إذ إنه كان شخصا أنانيا قاسيا ومخادعا.
بعد واقعة مزعجة بعينها، بدأت شقيقات غريس الأربع -اللواتي يحتقرن جون بول- في الشرب بعد وفاته ونسج التخيلات حوله.
تتحرك شخصيات الفيلم في قرية محدودة داخل أيرلندا بحساب هندسي يبدو مملا، بين العمل وقضاء عطلات قصيرة ومحاولات التنزه في تجمعات أسرية حميمية.
اقتباس
مسلسل "الشقيقات السيئات" الذي عُرض قبل أيام، جاء استغلالا لنجاح حققه المسلسل الفلمنكي "العشيرة" (Clan)، كان عُرض في بلجيكا عام 2012، فقد قرر منتجوه (الشقيقات السيئات) اقتباس فكرته وتقديمها لجمهور إنجليزي أوسع استهلاكا.
يطرح المسلسل الأسئلة نفسها التي تناولها سابقه (العشيرة) لكن مع اختلاف في الأسماء: كيف مات جون بول؟ وكيف تورطت الشقيقات في وفاته؟ وهل سيفلتن بجريمتهن؟
رغم أن المسلسل الأول الأصلي قدّم الفكرة ذاتها، فإنه لم "يسطّح" الشخصيات الرئيسية نسبيًا مثلما حدث في "الأخوات السيئات"، الذي صورهن شريرات ساذجات، لكنه تمكن من تبرير تفكيرهن جميعا دون استثناء في "إنقاذ الأخت الأطيب المسحوقة أمام زوجها الشرير".
يبدأ المسلسل بالتعريف بالشخصيات عبر الكوميديا الخفيفة التي يعتمد عليها، ويقدم شخصية كل فتاة من الأخوات الخمس، كما يقدم زوج أختهن الكبرى، وهو متسلط وعنصري وشديد الجهل، ويرفضه الجميع في المسلسل، إلى درجة جعلته "النذل" الذي عليهن التخلص منه.
يعتمد المسلسل على مشهد رئيسي لدفن هذا الرجل ثم العودة عبر تقنية السرد باسترجاع الأحداث السابقة (فلاش باك) لمعرفة جذور القصة، ونفهم فيما بعد أنه يحاول مرارا قمع زوجته والوقوف أمام سعادتها بأنانية، وتسبب في فقدان إحداهن عينها اليسرى. وفي إحدى المرات تحاول هذه الأخت إقناعهن بالتخلص منه تماما لضمان سعادة الأخت الكبرى.
وتنتهي الحلقة الأولى بالتعريف بالشخصيات بشكل عام والحدث المؤسس والحبكة التي تكتمل بظهور شركة التأمين التي يملكها أخوان نفهم منهما أنهما لو تورطا في دفع مبلغ التأمين على الزوج المقتول ستعلن إفلاسها، ليصبح هناك من يبحث عن أي خيط لإثبات تورط الأخوات كي يسقط عن الشركة دفع التأمين ويتم إنقاذها.
تورط لا يزعج
يتحرك المسلسل منذ الحلقة الثانية في هذا الاتجاه الوحيد، السعي سريعا من جانب الفتيات لإبقاء الأمر سرا، مقابل سعي الأخوة الآخرين في شركة التأمين لكشف أي ثغرة تجعلهم غير مجبرين على دفع مبلغ التأمين الكبير الذي سيدمر حياتهم.
هذا التورط "المشوق" يقدمه المسلسل "بشكل خفيف لا يزعج المشاهد"، سلسلة من الأحداث التي تبدو ثقيلة لكنها تقدم في إطار كوميدي لا يحمل أي شخصية في المسلسل أزمة خطئها أو شرها.
تبدو العائلة في المسلسل رغم كل أخطائها مصدر الأمان الأكبر لدى كل فرد، لا يمكنك تخيل أي شخصية خارج إطار العائلة الكبرى، المشاهد الأكثر سعادة نتابعها بعدسات تصوير تراقبهم من السماء وتسلط الضوء على لهوهم سويا.
حدث مركزي
لا يركز المسلسل على كون الفتيات فكرن في القتل كمعضلة تستحق الإدانة، ولم يفكر في المقابل بالعائلة الأخرى التي تتحايل للتهرب من دفع التأمين، لكنه يسلط الضوء أكثر على العلاقة القوية بين "الأخوات السيئات".
رغم أن مضمون المسلسل قد يبدو مزعجا نوعا ما، لكنه على جانب آخر يبدو مسليا، بسبب إعلائه مفهوم العلاقات القوية بين أفراد العائلة، في وقت لا نشاهد فيه أعمالا كثيرة تؤكد أهمية ذلك.
مسلسل "أخوات سيئات" يحاول بشتى الطرق التهرب من الحكم الأخلاقي الذي يمكن استنتاجه من الاسم نفسه، ولعله يحاول الترويج لفكرة فلسفية مفادها أنه ليس هناك "أخوات سيئات" ما دمن يسعين لصناعة السعادة لعائلتهن، وكأنه يريد أن يرسل رسالة واضحة وهي أن "العائلة هي ملاذنا الوحيد من شرور العالم".