ليس وصمة عار.. هاوي مانديل يشارك جمهوره رحلته مع الوسواس القهري
يعيش الوسط الفني في هوليود مؤخرا حالة من الوعي الصحي الفائق والمرتفع، بفضل المشاهير الذين شرعوا في مشاركة الجمهور ما يعانون منه من اضطرابات وسبل علاج، أو على الأقل كيفية التأقلم والتكّيف مع الوضع دون الاستسلام لليأس، آخرهم الممثل والكوميدي الكندي هاوي مانديل، أحد أشهر حكام برنامج المسابقات العالمية "أميركاز غوت تالنت" (America’s Got Talent).
With the destigmatization of mental illness in recently, many celebrities have felt comfortable enough to share their mental health struggles. A few celebs that have OCD diagnosises: Leo Dicaprio, Howie Mandel, and Camila Cabello. This shows that you can succeed despite OCD! pic.twitter.com/jtxzxySYLW
— OCD Ottawa (@OcdOttawa) April 16, 2021
أرجوك لا تلمسني
لطالما كان مانديل مريضا بالوسواس القهري (OCD) منذ الطفولة، وهو ما أثّر على حياته العملية والعائلية ووضعه في الكثير من المواقف المحرجة، ليس فقط مع زملاء العمل بل أيضا مع المعجبين الذين لا يعرفون شيئا عما يعانيه أو لا يدركون مدى عمق اضطرابه وأبعاده.
بسبب هذا الوسواس، يعاني مانديل من بعض السلوكات الغريبة إثر خوفه الشديد من الجراثيم، أشهرها رفضه لمس أي شيء أو شخص، إذ اعتاد رؤية اليدين مثل طبق مُغطّى بالبكتيريا على حد تعبيره، بل إن ظهوره أصلع على الدوام هو نتيجة حالته المرضية هذه، لأنه -بحسب تصريحاته- يفضّل حلق رأسه، لأنه هكذا يشعر بأنه أكثر نظافة.
ومن أجل تعريف العالم بطبيعة حالته وتقديم كامل دعمه لمن هم مثله عسى أن تكون قصته ملهمة للآخرين، خاصة أن واع بشأن صحته العقلية؛ ألّف مانديل كتابا عن اضطرابه أطلق عليه اسم "إليك هذه الصفقة: لا تلمسني" (Here’s the Deal: Don’t Touch Me!).
لست وحدك.. أنا أيضا
وفضلا عن الوسواس القهري، يعاني مانديل من اضطراب القلق، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD). ولأنها اضطرابات ليس لها علاج، سيظل طوال حياته مضطرا لمحاولة إدارة الأعراض وتطوير مهارات تأقلمه.
وبالرغم من إصراره على الحفاظ على خصوصية حياته في بداية مشواره، فإنه ما إن بدأ الحديث علنا عن حالته حتى اعترف بوصمة العار المقرونة دوما بالاضطرابات العقلية، والتي تضاعف من حدة شعور المرضى بالوحدة وتجعلهم يميلون معظم الوقت إلى الانغلاق والانعزال.
المرضى من هذا النوع يخشون في الغالب من نظرة الآخرين السلبية إليهم، حتى لو كانوا أصدقاء أو مقربين، غير أن المشاركة العلنية للحالة المرضية دون خجل أو إحراج -رغم صعوبة ذلك- لن تلبث أن تُطمئن المريض وتُحفّزه على مواجهة ما يتعامل معه في الحياة بشجاعة.
العيش في كابوس
بالنسبة لمانديل، فإن الحياة أشبه بكابوس مستمر يمكن أن يُوقعه بأي لحظة في شراك اكتئاب مظلم، تحول بينه وبين ذلك أدويته التي يواظب عليها، بالإضافة إلى تمارين التنفس، والاستماع إلى الموسيقى، وبالطبع دعم عائلته؛ ومع ذلك كانت ذروة كورونا بمثابة جحيم مطلق يُهدد سلامه النفسي.
وبسبب "سلوكاته الغريبة"، لجأت زوجته وأولاده إلى العلاج النفسي، إذ إن أعراض اضطرابه لا تؤثر عليه وحده وإنما على المقربين منه أيضا، ومن بينها شعوره الدائم بالخطر، والتململ المستمر، وعدم القدرة على التركيز على المهام أو تنفيذ التعليمات، وتغيير الأنشطة طوال الوقت.
وبحسب ما ذكر مانديل لبعض المواقع الفنية، فإن أحد أهم أسباب انفتاحه على العالم بشأن مرضه، هو إصابة ابنته الكبرى (36 عاما) بالقلق والوسواس القهري هي الأخرى، مما جعله يسعى جاهدا للمساهمة في جهود التعريف بهذا المرض والسعي للتشجيع على التعامل معه بشكل عادي، لعل ذلك يخفف عن ابنته ويجعلها تشعر بالرضا والقبول بحالتها.
مصافحة مستحيلة
جدير بالذكر أن مانديل تعرّض في إحدى حلقات برنامج الموسم العاشر من برنامج "أميركا غوت تالنت" إلى التنويم المغناطيسي من قِبل أحد المشاركين، وكدليل على صدق العرض قام المتسابق بمصافحته على الهواء.
وقد أحدث ذلك صدمة للجميع، خاصة الحكام الآخرين الذي يعرفون استحالة أن يفعل مانديل ذلك إلا إذا كان فاقد الإدراك، لذلك استغلوا وضعه وصافحوه جميعا، وهو ما بدا طريفا للجميع باستثناء مانديل.