أحمد بن عيسى.. مصباح آخر ينطفئ في مسرح الجزائر

الفنان الجزائري أحمد بن عيسى
الفنان الجزائري أحمد بن عيسى رحل عن عمر ناهز 78 عاما (مواقع التواصل)

الجزائر- استيقظ الجزائريون اليوم الجمعة على خبر رحيل الفنان أحمد بن عيسى عن عمر ناهز 78 عاما، بعد رحلة خلد فيها اسمه بين رموز السينما والمسرح بالجزائر، وهو الرجل الممثل الذي انصهر في شخوص مئات الأدوار التي أداها على مدى نحو 6 عقود.

لم يربط هذا الرجل النجومية بمساحة الدور؛ فرغم اسمه الكبير، فإنه ظل يظهر في أعمال هو بطلها أحيانا أو ضيف شرف في أخرى أو حتى ليقول جملا معدودة ويمضي، فولاء هذا الفنان دائما كان للنص، لا للمسافات "الثرثرية".

ظل بن عيسى يتنقل من ركح المسرح لكاميرا الفن السابع، كما كان يتنقل بين بلاده الجزائر والمكان الذي كبر فيه باريس حيث أنجز العشرات من الأعمال في كلا البلدين.

لم ينس هذا الأستاذ يوما أنه تلميذ في مدرسة الحياة والفن، فرغم أنه تخرج من معهد الفنون ودرّس التمثيل لآلاف الطلبة لاحقا، فإنه ظل كذلك الممسك بقلمه يدون ويكتب ليطور من نفسه.

تواضع الكبار

لم ينفرد غرور النجوم بابن عيسى، بدليل أنه لم ير أن اسمه أكبر من أي حدث ثقافي في بلاده، فكان يستجيب لجميع الدعوات المتاحة، كما لم يشترط دعوة رسمية في الكثير من المناسبات التي حضر فيها وسط الجمهور.

دخل بن عيسى بيوت الجزائريين بدور الابن والأخ، وبعد سنوات من العمل بات دور الأب والزوج تحديا جديدا لهذا الفنان الذي كان هاجسه التجدد، وجسد أدوارا تكرس معتقداته الوطنية، كما لم يكن غريبا يوما ما عن مجتمعه، بل عكس صورة الفنان ابن بيئته.

وهو يحمل همّ قضايا الفن والثقافة في بلاده، رحل بن عيسى محتفيا بعمله السينمائي الأخير "القطرة الذهبية" الذي يمثل الجزائر في "مهرجان كان" (Festival de Cannes) الذي تجري فعالياته هذه الأيام بفرنسا.

خبرة وتواصل

ارتبط اسم الراحل بعمالقة الثقافة في بلاده، كالمسرحي عبد القادر علولة والروائي كاتب ياسين وحبيب رضا وعبد القادر سفيري، وغيرهم كثر ممن طبع هو فيهم، وجمع بدوره في شخصيته الفنية شيئا من كل هؤلاء.

قدم "فاجعة الملك كريستوف"، "غرفتان ومطبخ"، و"النقود الذهبية"، وغيرها، ليعود بعد سنوات طويلة من العمل الفني، في فيلم "خارجون عن القانون" وتتوالى بعدها الأعمال.

لم يكد هذا الرجل أن يتوقف عن العمل، كأنما كان يتحاشى الأوقات خارج الفن، أو أن يضيع يوما واحدا خارج فنه، الذي رأى أنه كان أحد أسباب ابتعاده عن عائلته.

رغم المرض الذي لازمه، فإنه لم يستسلم في المحطات الأخيرة من حياته قبل أن يخطفه قطار الموت، بل ناضل من أجل أن يعيش أيامه الأخيرة بصمود عكسته خطواته الواثقة على السجاد الأحمر ببدلته السوداء، وظهوره في مواقع التواصل الاجتماعي مبتسما في صوره الأخيرة.

المصدر : الجزيرة