"السبّاحتان".. سوريون يتهمون صنّاع الفيلم بتشويه الحقيقة

تدور أحداث الفيلم حول قصة أختين تعانيان من تبعات الحرب الدائرة في سوريا، وتحديدا في مدينة دمشق، حيث تتساقط القذائف وتنتشر الحواجز الأمنية، ثم تتناول رحلتهما القاسية للوصول إلى ألمانيا، إذ تنجح إحداهما في تحقيق حلمها في المشاركة بالألعاب الأولمبية.

الشقيقتان يسرا وسارة مارديني مواقع التواصل
الشقيقتان يسرى وسارة مارديني (مواقع التواصل)

أثار فيلم "السبّاحتان" (The Swimmers) عقب إتاحته على منصة نتفليكس مؤخرا ردود فعل متباينة في أوساط السوريين، خاصة أنه يعد من أول الأعمال العالمية التي تسلط الضوء على جزء من معاناة ملايين السوريين، واللاجئين بشكل عام.

الجدل حول الفيلم يشبه إلى حد كبير ما يحصل بعد طرح أي عمل يقارب الواقع السوري عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011 وما تلاها من حروب، كنتيجة طبيعية لتعطش المشاهد السوري إلى الأعمال التي تتناول القضايا التي أثرت وما زالت تؤثر في شتى جوانب حياته.

وعلى الرغم من أن الفيلم يحكي القصة الحقيقة للأختين يسرى وسارة مارديني، إلا أنه لم يسلم من الانتقادات لطريقة عرض القصة، وليس القصة بحد ذاتها.

رحلة المهاجرين القاسية

تصدّر الفيلم قوائم المشاهدات في عدة بلدان عربية وغربية، ولاقى استحسانا من الجمهور العربي بشكل عام.

الكاتب محمود سعد، قال في تغريدة على موقع تويتر إن مشاهدة الفيلم تختلف عن سماع القصة، لافتا إلى أن فيه نوعا من الفرح بالرغم من هول المأساة التي في داخله.

السباحتان السوريتان تحملان جوائز الفيلم (الصحافة الأوروبية)

وأثنى الصحفي بشار يوسف، في تصريح للجزيرة، على المستوى الفني للفيلم، وقال "أعتقد أن صنّاع العمل نجحوا إلى حد كبير في تصوير رحلة اللجوء الطويلة التي مر بها مئات الآلاف، ولا شك أن كثيرا ممن شاهدوا الفيلم تذكروا لحظات مرّوا بها خلال معركتهم للبقاء على قيد الحياة".

وانتقد يوسف بعض التفاصيل التي اعتبرها "مربكة" للمشاهد الذي لا يعرف حقيقة ما جرى في سوريا خلال تلك الفترة، معللا ذلك بأنهم ربما كانوا يبحثون عن نسب مشاهدة أعلى، أو ربما كان العمل بالأصل موجها للمشاهد الغربي، لذلك تم التركيز على قضية الهجرة فقط، دون إجراء مقاربة موضوعية للأحداث في سوريا".

اتهامات بتشويه الواقع

وطغت سمة عدم القبول على غالبية المعارضين السوريين، خاصة النقاد والصحفيين منهم، الذين عبروا عن استيائهم من عدم إلقاء الضوء بشكل مباشر على جرائم النظام السوري، واكتفى بالإشارة إلى سقوط القذائف بدون تحديد الجهة المسؤولة عنها، كما تم تمرير مشهد حاجز الجيش السوري والجندي الذي يصرخ في محاولة لحماية المدنيين في الحافلة من رصاص القناص، واصفين ذلك بالتهرب من تحديد الجهة التي تتسبب بقتل المدنيين وتهجيرهم نتيجة قصف المناطق السكنية.

الصحفي طالب غنوم، وصف الفيلم على حسابه في موقع فيسبوك بالـ"معيب جدا" لمحاولته التلاعب بالحقائق، واتهم صنّاع الفيلم بالكذب بعد أن زوّروا حقيقة أن البطلة يسرى مارديني لم تفز بالمركز الأول، ولم تكن أصلا ضمن المراتب الأولى في سباق "ريو دي جانيرو" الأولمبي، في حين تم تجاهل قصة أختها سارة، وهي وفق غنوم القصة الأهم، خاصة أنها اتهمت بالاتجار بالبشر وحوكمت بسبب ذلك.

وفي موقف مماثل، يرى القاص عدي الزعبي أن الفيلم "فشل فشلا ذريعا" في فهم الثورة السورية ليجعل من العنصر الأهم هو الأيديولوجيا النيوليبرالية واليمين الغربي، متهما منصة نتفليكس بدفع ملايين الدولارات في سبيل "تحقيق الأرباح وتشويه سوريا وثورتها وأحلامها"، مشددا على أن جزءا من معارك السوريين اليوم هي ضد تهميش قصتهم من قبل ما وصفه بالفن الرديء في الغرب.

وأشار الصحفي عبد الناصر القادري في مقال له على موقع تلفزيون سوريا إلى أن الفيلم احتوى على مشاهد غير صحيحة، فالفتاتان لم تتعرضا إلى قصف في المسبح، ولم يتم توثيق أي حالة مشابهة.

ومن جانب آخر يرى القادري أن بعض حوارات الفيلم ركزت على تمثيل سوريا في الأولمبياد ورفض يسرى تمثيل اللاجئين واضطرارها إلى فعل ذلك كونه الخيار الوحيد، وهذا ما ينافي تصريحاتها الصحفية عن أهمية تمثيلها للاجئين حول العالم.

أعلنت نتفليكس الاستحواذ على أول استوديوهاتها لألعاب الفيديو.
أثار فيلم "السبّاحتان" ضجة عقب عرضه على منصة نتفليكس (الجزيرة)

وفي السياق ذاته، ذهبت الصحفية اللبنانية ميريام سويدان في مقال لها على موقع "درج" إلى أن الفيلم يحاول تزوير الحقيقة بعد أن تعمّد تجاهل قصف النظام السوري للمناطق السكنية والمستشفيات والمدارس.

نبذة عن الفيلم

السبّاحتان فيلم درامي من إخراج سالي الحسيني، وبطولة الأختين منال وناتالي عيسى، وجيمس كريشنا فلويد، وعلي سليمان، وأحمد مالك، وماتياس شفايغوفر، وكندة علوش.

تدور أحداث الفيلم حول قصة أختين تعانيان من تبعات الحرب الدائرة في سوريا، وتحديدا في مدينة دمشق، حيث تتساقط القذائف وتنتشر الحواجز الأمنية، ثم رحلتهما القاسية للوصول إلى ألمانيا، إذ تنجح إحداهما في تحقيق حلمها في المشاركة بالألعاب الأولمبية.

المصدر : الجزيرة + وكالات