الموسيقية ماتيلدا.. قصة طفلة موهوبة تهزم مديرة متسلطة

رغم القرار الجريء لصُناع الفيلم بعدم الخروج عن القصة الأصلية، فإن النقاد يحسبون للمخرج وارشوس تحديثه بعض العناصر على نحو مرح وجيد وإنساني، يناسب أجيالا من المشاهدين.

الممثلة أليشا وير أو الطفلة ماتيلدا في فيلم الموسيقية ماتيلدا المصدر: مواقع التواصل الاجتماعي
الممثلة أليشا وير أو الطفلة ماتيلدا في فيلم "الموسيقية ماتيلدا" (مواقع التواصل)

صدر الإعلان الترويجي لفيلم "الموسيقية ماتيلدا" (Matilda The Musical)، المقتبس عن رواية للأطفال للكاتب البريطاني رولد دال، وجمع الفيلم فريق عمل متميزا، ويقودهم المخرج المسرحي ماثيو وارشوس، والسيناريست دينيس كيلي، وكاتب الأغاني الشهير تيم مينشين، أما البطولة فهي لنجمة الأوسكار البريطانية إيما واطسون.

عُرض الفيلم أول مرة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2022 في إطار فعاليات مهرجان لندن السينمائي (BFI)، وقال عنه الناقد غاي لودغ إنه "سحابة مُزدهرة من الروح المعنوية العالية والأغاني الرائعة". ووصفته الناقدة ستيفاني بنبري بأنه "انفجار مُطلق لأطفال متوهجين وعباقرة يغنون". كما ألحقته الناقدة كلاريس لوغري بعالم "بادينغتون" الدب المحبوب (Paddington) السينمائي، "كفرحة رقيقة غريبة الأطوار، قد تفوق كل التوقعات".

صدرت الرواية الأصلية عام 1988، وجاءت مليئة بالحيوية، لدرجة تجعلها تحتمل كثيرا من إعادة السرد.

المسرحية الموسيقية التي كتبها دينيس كيلي أيضا عُرضت أول مرة في لندن عام 2010، وحازت على إشادة واسعة وشعبية في شباك التذاكر؛ واستمرت سنوات، وحصدت فيها 7 جوائز "أوليفيه" (Olivier Awards) عام 2012؛ ثم 5 جوائز "توني" (Tony Awards)، في نيويورك عام 2013. أما الفيلم الأميركي "ماتيلدا" فأخرجه داني ديفيتو عام 1996، وتقاسم بطولته مع مارا ويلسون.

تدور أحداث فيلم "الموسيقية ماتيلدا" الجديد حول دودة الكتب العجيبة النجمة الإيرلندية الواعدة ماتيلدا ورموود (أليشا وير)، وعبقريتها المتقدمة في القراءة التي غيرت حياتها بعد أن كانت طفلة مُهملة من والديها المبتذلين الكارهين للثقافة، لدرجة تأخرهما في إلحاقها بالمدرسة حتى بلغت 12 عاما.

تمتلك ماتيلدا خيالا واسعا، جعل الأطفال يصفونها في الأغنية الختامية بأنها "معجزة". تجد ماتيلدا الدعم الحقيقي والتشجيع من معلمتها جينيفر هوني (لاشانا لينش)، التي لعبت دورها بدفء ساحر كامرأة تعيسة وخائفة، تتخذ من حبها للتعليم ملجأ من الحياة التعيسة التي تعيشها خارج المدرسة، كما كانت ماتيلدا تتخذ من الكتب ملجأ، قبل أن تتحول بما لديها من قدرات خارقة على التحكم والتحريك الذهني، وذكاء حاد في ابتكار الفخاخ المُحكمة إلى قوة فاعلة تهزم المديرة المُتسلطة التي تعتقد أن مهمتها تتلخص في جعل الأطفال بائسين طوال الوقت.

الجمع بين الأصالة والتحديث

رغم القرار الجريء لصُناع الفيلم بعدم الخروج عن القصة الأصلية، فإن النقاد يحسبون للمخرج وارشوس تحديثه بعض العناصر "بشكل مرح وجيد وإنساني يناسب أجيالا من المشاهدين"، حسب لودغ.

أصبح فريق الممثلين أكثر تنوعا عرقيا، وأصبحت الشخصيات أكثر عمقا، كما تم الاستغناء عن شخصيات مثل شقيق ماتيلدا ونائب مدير المدرسة، وإضافة شخصية أمينة المكتبة فيلبس (سيندو في)، كصديقة داعمة لماتيلدا، بالإضافة إلى تقليص بعض الأغاني، وفقا للناقدة ليزلي فيلبرين، التي ترى أن الفيلم نجح في "تجسيد السخط الإنساني الإيجابي على الظلم الذي يحيط به".

تميزت قصة فيلم "الموسيقية ماتيلدا" بإضفاء مزيد من النعومة على الأداء، لإسعاد المشاهدين الصغار لمدة ساعتين؛ "عندما يرون الحماسة في أعين زملائهم، وهم يدافعون بصوت عال عن حقهم في أن يكونوا أطفالا"، في مواجهة استبداد الكبار، والغضب العدائي الذي تتزعمه المديرة؛ الآنسة ترانشبول (إيما طومسون)، بطلة رمي المطرقة السابقة، "التي تستدعي مهاراتها القديمة لجذب فتاة من ضفائرها ورميها بعيدا"، كما يقول لودغ.

ويقول أيضا إنه "رغم أن تلك الضخمة المليئة بالرعب والقسوة تكره الأطفال فإنها توفر بتشنجاتها اللاإرادية الجسدية واللفظية الغريبة الجزء الأكبر من الضحك على مدار الفيلم، وبشكل ربما يكفي لجذب انتباه الجماهير الجُدد، إلى جانب المُعجبين القدامى".

تبدأ الافتتاحية بتدرج ذكي يفسح المجال للإشباع البصري، من خلال لقطات لدورة تدريبية قتالية بالمدرسة، التي تبدو مخيفة ومليئة بالعقبات؛ ومنزل ماتيلدا ووالديها الجاهلين (الممثلين ستيفن غراهام وأندريا ريسبورو) اللذين يتسمان بالغباء الشديد، ولم يرغبا يوما في إنجاب طفل؛ مما جعلهما يحتقران طفلتهما الذكية، ويمزق الأب كتبها وهو يضحك، وصولا إلى الأغنية الختامية عن قيمة التمرد، وكيف يمكن للصغار عندما يجتمعون معا أن يكونوا أقوياء قادرين على إزالة القسوة والتسلط.

رأي آخر في الفيلم

يرى الناقد نيكولاس باربر أن فيلم "الموسيقية ماتيلدا" -المتوقع عرضه في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2022- "يُعد الأكثر رعبا وإثارة للقلق هذا العام"، بوصفه مستوحى من "الظلام" الكامن في كتب أطفال رولد دال، التي لا تخلو من "إشارات إلى التنمر والفقر والموت، لكنه يخلطها بلهجته المرحة، وشخصياته الأبوية الدافئة، ورسوم كوينتين بليك المُبهجة".

ولكن مهما كانت قصص رولد دال مخيفة، فلن تصيبنا بصدمة نفسية، مثل عمليات إعادة الهيكلة الخادعة، "التي جعلت ماتيلدا -الفتاة المتواضعة والمثابرة في الرواية- أكثر غباء وطمعا، كما أنها بدت متمردة عابسة ومتحدية من اليوم الأول لها في مدرسة تشبه السجن؛ وتديرها امرأة سادية، تحمل طنا من المكياج الصناعي، وتضع في مدخل المدرسة تمثالا ضخما وكئيبا من الجرانيت، يصورها وهي ترمي المطرقة، وكتبت عليه "لا للبكاء"؛ لتبدو شريرة ومثيرة للشفقة بشكل رهيب وغريب".

تأتي أكثر اللحظات فظاعة عندما يسرق صبي يُدعى بروس بوغتروتر (تشارلي هودسون بريور) قطعة صغيرة من كعكة الشوكولاتة؛ فتعاقبه ترانشبول بجعله يأكل كل شيء أمام الجميع"، في مشهد بشع من للتنمر المخزي"، وفقا للناقد بيتر برادشو.

يقول باربر إن "الموسيقية ماتيلدا" الرواية والمسرحية وفيلم داني ديفيتو عام 1996 كلها تجعل الأطفال يضحكون؛ "لكنهم هذه المرة قد يصرخون ويبكون؛ وهو ما يوجب على الكبار أن يقلقوا".

المصدر : الجزيرة + وكالات