المخرج الأميركي أوليفر ستون متّهم بـ"تلميع صورة" رئيس كازاخستان السابق

ملصق الفيلم الذي سبب الأزمة القوزاق تاريج الرجل الذهبي
ملصق الفيلم الذي سبب الأزمة "القازاق.. تاريخ الرجل الذهبي" (مواقع التواصل الاجتماعي)

تشن بعض المنظمات ووسائل الإعلام الغربية حملة على المخرج والمقاتل السابق في فيتنام أوليفر ستون، متهمةً إياه بتلقي "تمويل مشبوه" من الرئيس الكازاخستاني السابق نور سلطان نزارباييف لتقديم فيلم ومسلسل توثيقي عن حياته ورؤيته السياسية خلال 30 عاما حكم خلالها البلاد.

منظمة الإبلاغ عن الفساد والجريمة المنظمة (OCCRP)، تحدثت في تحقيق نشر مؤخرا عن "تعاون مشبوه" بين المخرج الحاصل على 3 جوائز أوسكار، وإحدى المؤسسات التي يسيطر عليها الرئيس الكازاخستاني السابق.

وكان المخرج والمنتج الأميركي، أصدر في عام 2021 سلسلة قصيرة مدتها 8 ساعات وفيلما روائيا طويلا هو "القازاق.. تاريخ الرجل الذهبي" (Qazaq.. History of the Golden Man) يثني خلاله على نزارباييف، ويستعرض السنوات التي قضاها في السلطة ويشارك أفكاره في الفيلم حول مستقبل البلاد.

من جانبها، قامت مؤسسة مركز الدولة لدعم السينما في كازاخستان برفع دعوى قضائية ضد مشروع الإبلاغ عن الفساد والجريمة المنظمة (OCCPR).

ويزعم التحقيق الذي نشرته (OCCPR)، أن 5 ملايين دولار أميركي دُفعت لمنتجي الفيلم من قِبل مؤسسة خيرية تخضع لسيطرة رئيس كازاخستان السابق، فيما اعتبره تضاربا في المصالح.

وكان أوليفر ستون ومخرج الفيلم إيغور لوباتونوك قالا في حوار مع صحيفة "ذا غارديان" (The Guardian) البريطانية، إن الحكومة الكازاخستانية لم تشارك في تمويل العمل، لكنهما رفضا الكشف عن ممول الفيلم.

وتم الكشف عن العلاقة بين المؤسسة الكازاخستانية والشركة المنتجة للفيلم والرئيس في أغسطس/آب 2022، عندما نشر الصحفي الكازاخستاني ميخائيل كوزاكوف نسخة من عقد بين مؤسسة الرئيس الأول لجمهورية كازاخستان ومنظمة مركز الدولة لدعم السينما الوطنية.

ونص العقد على أن يتلقى مركز السينما الحكومي مبلغ 7 ملايين دولار من المؤسسة "لتنظيم إنتاج وعرض وتوزيع" الفيلم، ويحمل المشروع اسم "أوليفر ستون فيلم وثائقي – كازاخستان".

وحكم نزارباييف كازاخستان لما يقرب من 30 عامًا، وواكبت رئاسته طفرة تنمية مدعومة بالنفط، فيما وثقت جماعات حقوق الإنسان قيودًا صارمة على حرية التعبير والتعبير السياسي، والإفلات من العقاب على التعذيب، والمحاكمات ذات الدوافع السياسية، وغيرها من الانتهاكات.

ستون.. عاشق المناطق الملغومة

لم يكن أوليفر ستون مخرجا عاديا منذ أن وطأت قدماه أستوديوهات هوليود، أي بعد مواجهات عديدة للموت في فيتنام، ولم تكن أفلامه كمخرج روائي أقل إثارة من تلك التي قدمها كصانع أفلام وثائقية.

وكما قدم فيلمه السياسي "سلفادور" (Salvador) عام 1986 والذي كان سببا وراء ترشيحه للأوسكار للمرة الأولى، و"ولد في الرابع من يوليو" (Born on the Fourth of July) في عام 1989، قدم العديد من الأفلام الوثائقية التي جاءت موضوعاتها مهمومة بالزعامات والأحداث السياسية المثيرة للجدل في العالم.

فاز ستون بـ3 جوائز أوسكار من بين 65 جائزة عالمية و60 ترشيحا لجوائز مختلفة. ستون هو المخرج الأكثر اقترابا من الواقع السياسي الأميركي والعالمي، وهو صاحب السلسلة الناجحة "التاريخ غير المحكي للولايات المتحدة الأميركية" (The Untold History of the United States).

اهتمام برؤساء الولايات المتحدة

بسبب مشاركته في حرب فيتنام، قدم في بداياته فيلما قصيرا عنها تحت اسم "العام الماضي في فيتنام" 1971 (Last Year in Viet Nam)، وقدم عام 1986 فيلم "بلاتون" (Platoon)، ويدور حول مجند مبتدئ في فيتنام يجد نفسه عالقًا في معركة إرادات بين رقيبين، أحدهما صالح والآخر شرير. كان أوليفر ستون يتأمل من خلال الفيلم وحشية الحرب بين طرفين أحدهما صالح والآخر شرير.

انتقل بعدها من الانشغال بماضيه مع الحرب إلى السؤال حول حادث اغتيال جون كينيدي، وهو الرئيس الـ35 للولايات المتحدة الأميركية والذي اغتيل في نوفمبر/تشرين الثاني 1963، ولم يعرف قاتله حتى الآن.

حاول المخرج السبعيني جمع الخيوط معا للوصول إلى فرضية جديدة حول قاتل محتمل، حيث يعيد ترتيب القصة من جديد بدءا من القبض على "لي هارفي أوزوالد" بتهمة الجريمة وإطلاق النار عليه بواسطة "جاك روبي" انتقاما لمقتل الرئيس. ورغم أن التحقيق خلص إلى أن أوزوالد وروبي تصرفا بمفردهما في جرائمهما، فإن محامي مقاطعة لويزيانا "جيم جاريسون" يتشكك، ويجري تحقيقه الخاص، مما تسبب في رد فعل عنيف من الشخصيات الحكومية والسياسية القوية.

ويتابع أوليفر ستون أفلامه مع عمل جديد حول الرئيس الأميركي نيكسون والذي تلا جون كينيدي وتسببت فضيحة ووترغيت الشهيرة باستقالته من منصبه. تابع فيلم نيكسون 1995 (Nixon) نشأة نيكسون وافتقاده للكاريزما، وهزيمته في الانتخابات على يد كينيدي 1960، وخسارته لسباق حاكم كاليفورنيا 1962، واستمراره رغم ذلك وتوليه الرئاسة عام 1972، لتبدأ ملامح فضيحة ووترجيت في التشكل.

روسيا وكوبا وفنزويلا

التقى أوليفر ستون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكثر من 12 مناسبة على مدار عامين، ليقدم سلسلة وثائقية مكونة من 4 أجزاء عن حياة بوتين الشخصية والمهنية؛ استعرض خلالها طفولته في ظل الشيوعية، ثم صعوده إلى السلطة، وعلاقاته بـ4 رؤساء أميركيين، ومواجهته المفاجئة للعلاقات – الأميركية الروسية اليوم.

وكان ستون قد قدم فيلمين وثائقيين عن الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو؛ هما "كوماندانتي" في عام 2002، و"البحث عن فيدل" في عام 2003، ثم عاد لإجراء مقابلة معه شخصيا في عام 2009 لإجراء أول حوار بعد تنحيه عن منصبه كرئيس لكوبا.

وقدم كاسترو وجهة نظره حول قادة مثل باراك أوباما وهيلاري كلينتون، وكذلك الأحداث المثيرة للجدل مثل اضطرابات إيران وانهيار الاتحاد السوفياتي. وتحدث كاسترو أيضًا عن بعض اللحظات الحاسمة في حياته، بما في ذلك اغتيال جون كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية.

كان أوليفر ستون قد ربطته علاقة صداقة شخصية بالرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز، وبعد عام من رحيله قرر تقديم تحية له في فيلم وثائقي تحت اسم "صديقي هوغو" 2014 (Mia Amigo)، ويغطي الفيلم الوقت الذي أمضاه ستون وشافيز أثناء تصوير فيلم "جنوب الحدود" (South of the Border) في عام 2009، عندما طورا علاقة وثيقة بينهما. وكذلك شهادات من قادة أميركا الجنوبية وأشخاص مقربين من شافيز للحديث عن آرائهم حول الرجل والسياسي، ومشاركة بعض قصصهم الشخصية.

المصدر : الجزيرة + وكالات

إعلان