نقاد: سوء الحظ يطارد نجيب الريحاني في مسلسل "الضاحك الباكي"

أثار العمل الذي يعرض حاليا حالة من الجدل مع بدء عرض الحلقات الأولى منه، وتعرض لانتقادات لاذعة، سواء لاختيار الفنانة فردوس عبد الحميد في شخصية الأم، أو وجود العديد من المغالطات والأخطاء التاريخية

ملصق مسلسل الضاحك الباكي
ملصق مسلسل الضاحك الباكي (الجزيرة)

لو قُدِّرَ للممثل المصري الراحل نجيب الريحاني أن يشاهد مسلسل "الضاحك الباكي" -الذي يتناول سيرته- لسقط في حالة من الحيرة بلا ضحك أو بكاء. تلك الحالة تشبه ما أصاب الجمهور والنقاد الذي تابعوا العمل، أمام العدد الكبير من المفارقات الغريبة.

أثار المسلسل الذي يعرض حاليا، حالةً من الجدل مع بدء عرض حلقاته الأولى، وتعرض لانتقادات لاذعة، سواء لاختيار الفنانة فردوس عبد الحميد في شخصية الأم لطفل رضيع رغم تجاوزها الـ70 من العمر، أو لوجود العديد من المغالطات والأخطاء التاريخية التي ظهرت خلال الأحداث.

مغالطات تاريخية في "الضاحك الباكي"

رصد الناقد عصام زكريا المغالطات التاريخية والتداخل بين ملامح وطبائع مرحلة زمنية وأخرى، فقال لـ"الجزيرة نت" إنه "بعد مشاهدة المسلسل، قررت أن أعيد فتح مجلد الأستوديو والذي نشر مذكرات نجيب الريحاني بعد وفاته، حيث نشرت للمرة الأولى في مجلة (الكواكب)، ولم أجد في مذكراته شيئا عن أنه عمل في بداية حياته حمالا للأسمنت والطوب أو في محل بقالة. ففي مذكراته، قال الريحاني إنه كان موظفا في بنك وفي شركة سكر الحوامدية لأنه كان يحمل شهادة البكالوريا، وبالتالي لم يكن غير متعلم وكان ذلك يتيح له فرص عمل جيدة".

إعلان

وأضاف زكريا أن ثمة أخطاء أخرى مثل مقتل بطرس غالي، ووجود صورة ملك بريطانيا في قسم الشرطة أيضا، مشيرًا إلى أن المتاجر والإعلانات التي ظهرت في العمل تخص مرحلة الأربعينيات من القرن الماضي لا بدايته التي شهدت نشأة نجيب الريحاني.

تكنيك غير مواكب للعصر

أما على المستوى الفني، فيرى زكريا أن الملاحظات على مسلسل "الضاحك الباكي" سلبية حتى الآن على مستوى التمثيل والكتابة والإخراج، "فاختيار الفنانة فردوس عبد الحميد لتقديم شخصية الأم لم يكن موفقا لكن الصدمة كانت في الفنان عمرو عبد الجليل خاصة وأنه فنان كوميدي ولديه طاقة جيدة ويقدم نوع كوميديا قريبة الشبه بالكوميديا التي قدمها الريحاني وهي الإضحاك من خلال المواقف الجادة، إلا أن أداء عمرو (مطفي)".

وتابع زكريا قائلا، "توقعت لعمرو أن يصول ويجول خاصة أن العمل كان فرصة لإعادة ميلاد جديدة له لكونه دور عمره".

ورأى زكريا أن المخرج محمد فاضل استخدم تكنيكا غير متطور وكان عليه أن يلجأ لمساعد مخرج مطلع وجيد ليخرج من هذا الموقف، "ولا بد أن نعترف بأن الفن والفنانين لديهم زمن، هناك من لا يستطيع أن يتجاوز هذا الزمن وهناك من يطور نفسه دائما، فحين ظهرت السينما الناطقة اختفى كبار نجوم السينما الصامتة حتى شارلي شابلن لم يحقق نفس النجاحات في السينما الناطقة لأن السينما كانت قد تجاوزته. لذلك فقليل من الفنانين لديهم القدرة على التجدد ومواكبة التجدد والتطوير، ونفس الأمر في السيناريو فالنص قديم وغير مواكب للعصر الحالي".

واعتبر عصام زكريا أن "التكنولوجيا الحديثة لها أسرار في التصوير والمونتاج والمؤثرات وتصحيح الألوان خاصة في الأعمال التاريخية، التي تحتاج إلى كل الإمكانيات للوسيط الحديث والتكنولوجيا لكني لا أرى مبررا لاستخدام الفلاتر (المرشحات الضوئية) في المسلسل لأن هناك برامج على الكمبيوتر (الحاسوب) يمكنها أن تقدم صورة أفضل وتعطي إحساسا بالعصر القديم من خلال الألوان".

إعلان

إحباط الجمهور

من جانبه، قال الناقد الفني إيهاب تركي لـ"الجزيرة نت" إن "أفضل ما قدمه المسلسل هو التذكير بفنان كبير مثل الريحاني، وأسوأ ما قام به هو إحباط الجمهور والنقاد؛ فنجيب الريحاني شخصية ثرية درامية وحياته نفسها دراما تستحق أكثر من عمل درامي، ولكن ما رأيناه حتى الآن هزيل على مستوى الشكل والمضمون، وبعيدًا عن أي مصطلحات نقدية معقدة فالمسلسل لا يحمل روح نجيب الريحاني ولا وهج شخصيته، وما رأيناه عمل أقل من عادي على مستوى الكتابة والإخراج والأداء، عمل يخاصم روح العصر وتطور الدراما خلال السنوات الماضية، عمل تم تنفيذه بروح أداء الواجب وأساليب الدراما التلفزيونية التي عفا عليها الزمن، وأسوأ ما فيه هو عمرو عبد الجليل الممثل الموهوب الذي خذل نجيب الريحاني بأدائه الفاتر الذي يلمس شخصية الريحاني بسطحية".

ثنائية فاضل وفردوس

وفي مداخلة مع برنامج "المصري أفندي"، قال الناقد طارق الشناوي إنه لا بد أن تتغير فكرة اتهام من ينتقد عملا فنيا بأنه متربص وحاقد وغير وطني لمجرد إبداء رأيه في عمل.

وأشار إلى أن أزمة اختيار المخرج محمد فاضل لفردوس عبد الحميد قديمة، فهناك نجوم كثيرون اعتذروا قديما عن العمل معه، وكتاب أيضا رفضوا أن يكملوا المسيرة مع فاضل لإصراره على وجود فردوس، رغم أنها نجمة كبيرة من قبل زواجها بمحمد فاضل لكن هناك مشكلة في اختيارها في أعماله ومشكلة في هذه الثنائية.

وقال إن الأزمة ليست في اختيار فردوس عبد الحميد فقط، ولكن أيضا في عمرو عبد الجليل فهو ينتمي لفصيلة الفنانين أصحاب الأداء الثابت الذي لا يتغير.

كان العمل قد تعرض لانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي أيضا، فكتب الناقد السينمائي رامي المتولي عبر صفحته على الفيسبوك إن نجيب الريحاني مؤسس وعبقري، وإن العمل لا يقلل من قيمة فاضل أو فردوس عبد الحميد، لكنه لا يليق باسم نجيب الريحاني.

إعلان

اعتراضات من مؤلف "الضاحك الباكي"

مؤلف مسلسل "الضاحك الباكي" محمد الغيطي، علق بدوره على الانتقادات عندما حل ضيفا على برنامج "القاهرة اليوم" الذي تبثه قناة "سي بي سي" (CBC)، وقال خلال البرنامج إن الفكرة بدأت في عام 2004 أثناء وجوده في المتحف الكوميدي في باريس وكانت صورة نجيب الريحاني إلى جانب صورة شارلي شابلن وعاد ليبحث عن مذكرات نجيب الريحاني، وإنه حلم بالريحاني يقول له "اكتبني"!

واعترض الغيطي على انتقادات المسلسل، بل وصف شبكات التواصل الاجتماعي بـ"المستنقع"، ورفض انتقاد مخرج كبير مثل محمد فاضل لما له من مكانة كبيرة ورفض ما قيل عن الأخطاء التاريخية وقال إنه راجع العمل جيدا.

يشار إلى أن "الضاحك الباكي" هو مسلسل يتناول حياة الفنان الكوميدي الراحل نجيب الريحاني، وهو من بطولة عمرو عبد الجليل، ومحمد سليمان، وفردوس عبد الحميد، وإخراج محمد فاضل.

المصدر : الجزيرة

إعلان