من هو أمير فخر الدين مخرج فيلم "الغريب" المرشح للأوسكار 2022؟
ينتمي المخرج السوري أمير فخر الدين إلى الحساسيات الجمالية الجديدة التي برزت على المشهد السينمائي العربي في السنوات الأخيرة. فتجربته السينمائية لم تبق حبيسة النسق التقني الذي يتحكم في آليات إنتاج العمل السينمائي كما هو الأمر لدى كوكبة من المخرجين الجدد، بقدر ما تظل تجربته مفتوحة على نوع من التجريب السينمائي القادر على إعادة تخييل قصص وحكايات وفق نسق بصري متماسك.
لا ينفي الهاجس التقني في التعامل جماليا مع الصورة، بل يدمجها عبر مسارات الحكي وفتنة السرد، حتى تصبح الصورة السينمائية مركبة وذات دلالات رمزية قوية، ما يجعلها تتغلغل في وجدان المشاهد.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفاز بها كلب وممثلة صماء ومصور لم يرشحه أحد.. أرقام قياسية لجوائز الأوسكار
هاياو ميازاكي.. أسطورة الأنيمي الذي قضى طفولته تحت القصف ورسم الحياة بألوان مبهجة
من “قوة الكلب” إلى “الملك ريتشارد”.. توقعات النقاد لجوائز أوسكار 2022
بمناسبة ترشيح فيلمه الروائي الطويل "الغريب" (2021) للأوسكار، كان للجزيرة نت هذا الحوار الخاص معه:
الطريق إلى الأوسكار
-
ما الذي يعنيه لك كمخرج واعد ترشيح فيلمك الجديد "الغريب" (2021) للأوسكار عن فئة أفضل فيلم روائي فلسطيني؟
تمثيل فلسطين بسباق الأوسكار يشرفني وأفتخر به وبالجولان ككل، على الرغم من هويتنا السورية والانتماء إلى الوطن سوريا.
وهذا الترشح أعتبره شخصيا لحظة تبني شرفية، خاصة أننا نتشارك المعاناة وحالة الانتظار مع الإخوة الفلسطينيين، وبالرغم من أن الفيلم تدور أحداثه بالجولان، إلا أنني أراه فيلما سينمائيا عاما ولا ينتمي إلى بلد واحد فقط، بل إلى الوطن الأكبر وهو الوطن العربي.
وأكيد فيما يخص العمل الأول أنا سعيد بالأصداء وبالنجاحات التي يحققها الفيلم، خاصة أن الفيلم الأول من ضمن الثلاثية التي أفكر فيها والتي من الممكن أن نسميها "حول البيت". وكذلك لأن العمل لقي هذه الأصداء ونال هذا الترشيح من وزارة الثقافة الفلسطينية وحاز على جوائز بالقاهرة وبالوطن العربي ككل.
-
كيف جاءت فكرة عنوان الفيلم؟ وهل كان لرواية "الغريب" أي تأثير على صياغة عوالم النص وآفاقه الفنية والجمالية والتخييلية؟
عنوان الفيلم جاء من مرحلة المونتاج، حيث كنت مشرفا عليه خلال سنة كاملة. وفي تلك المرحلة شعرت أنه العنوان المناسب للفيلم، بعد أن كان ثمة عنوان آخر.
جاء اسم "الغريب" بعد مشاهدات طويلة وبحث مطول حول المشاعر الموجودة بالفيلم وحالة الغربة التي كنت أريد أن أحكي عنها بشكل عام.
وأما بخصوص رواية ألبير كامي، رغم أنني معجب بالموجة الوجودية لبعض الكتاب والمؤلفين، فإن الفيلم لا يأخذ من الرواية أكثر من اسمها. لكن من الممكن مشاهدة بعض نقاط وصل التي قد تتلاحم فيها الرواية مع فيلم "الغريب" مثل شعور الانتظار بلا أمل.
جماليات السرد
-
هل كان للأدب نصيب من حيث التأثير على مخيّلتك وابتداع صور جديدة من الجولان؟
باعتقادي أن السينما عمليا لم تخلق السرد، بل استعرته من المسرح أو الأدب. وأنا مع الوقت كنت دوما أبحث عما يقنعني ويجذبني ويحرك دواخلي من الناحية السردية حتى يدفعني للتفكير، وهذا كان واضحا من التأثيرات التي تأثرت بها من الأدب الذي ساهم بصقل رؤيتي السينمائية للطريقة السردية التي اخترتها في فيلم "الغريب".
لذلك فأنا لا أحب السينما التي تعتمد على الحبكة السببية، بل أفضل السينما التي تعالج النتيجة بدلا من السبب، حيث يكون السرد عبارة عن دراسة للشخصية. والفيلم رغم أنه بحبكة قصصية، فإنه يحكي دراسة شخص يقع في أزمة وجودية وعليه الخروج منها.
بين الواقعي والتخييلي
-
ما حدود التقاطع والالتقاء في شخصية "عدنان" بين الواقعي والتخييلي؟
ارتكزت في الفيلم على مكان الجولان كجزء أساسي من سرديتي البصرية، ولكن الزمان ليس بالضروري مرتكز أساسي على خلفية مفهوم الواقعية.
لذلك فإن الفيلم يدور خلال لحظة الحرب بسوريا، حيث نسمع الحرب ولا نراها. لذلك فأنا أخلق عالما خاصا بالجولان للشخصيات نفسها التي استخدمت فيها المكان وجسدته ليخدم حالة الشخصيات.
حاولت في "الغريب" أن أجسد المكان من خلال استخدام المكان وليس بنسخه كما هو. فأنا أكسبه أبعادا تشخيصية تحاكي العالم الذي أطمح إلى خلقه سينمائيا حول شخصية ما. وهي شخصية عدنان الموجودة بمكان معين.
لذلك فلو نسخت المكان يبقى سطحيا وبدون عمق ويفصل الشخصية عن محورها. فأعتقد أن المكان عليه أن يلعب دورا بالنهاية، ولكن ليس بالدور الواقعي الذي يعكس واقعا.
صحيح أنا بالصورة الأكبر أحاكي حالة الجولان وحالة البطل التراجيدي العربي، فلذلك بين التخييلي والواقعي، ولم يكن عندي أي خوف من الحفاظ على الواقعية أو فقدانها، بل العكس كانت آلية العمل واضحة. أنا كسينمائي أخلق عالما خاصا ليكون داخله انعكاسات من الواقع.
احتفاء كبير
-
حظي "الغريب" باستقبال مثير للدهشة والإعجاب من النقاد والصحافة السينمائية، رغم تباين خطاباتها على مستوى فهم الفيلم. هل تعتقد أن ذلك يعود أساسا إلى طبيعة الفيلم المركبة؟
أنا شخصيا معك. لأني رأيت كيف استقبل الفيلم بمهرجان البندقية والنقاد الأجانب كيف شاهدوا الفيلم، وشعرت بالذهول من وعيهم السياسي وكانوا قادرين على توصيل هذا الوعي بشاعريتهم الإنسانية التي وصفوا بها واقعنا وكأنهم يعيشون معنا.
وهذه أهمية المهرجانات العالمية والمشاركة فيها، حيث تشعر أنها بالفعل جسر ثقافي، وأننا نعيش نفس الحالات بألوان مختلفة ونشعر بنفس المشاعر ونخوض نفس تجارب الغربة والعزلة والألم والحب.
وحتى النقاد العرب والألمان، كان هناك تنوع بتلقي الفيلم وفهمه، وتلقيت الكثير من الرسائل من أناس حضروا الفيلم وأرادوا أن يكتبوا ما شعروا به، وجمعت كل تلك الرسائل التي فاق عددها 100 رسالة، وهي جميعها مختلفة وتناقش مفهوما خاصا عند المشاهد. وهذا أسعد شيء يجعلني أقوى سينمائيا ويعطيني أملا بما أعمله وما أحدثه داخل السينما.