عارضت صدام وغادرت البلد بعد تهديدات بالقتل.. غزوة الخالدي فنانة عراقية رائدة اقتحمت عالم السياسة
غزوة الخالدي مخرجة إذاعية وممثلة تلفزيونية ومسرحية وكاتبة بارعة، ولها مؤلفات عديدة للعمل التلفزيوني.

تعدّ الممثلة العراقية غزوة الخالدي واحدة من أبرز رائدات المسرح العراقي، وحققت شهرة واسعة من خلال عملها الفني المتنوع سواء في المسرح أو السينما أو في الدراما التلفزيونية أو الإذاعة أو الكتابة الدرامية، إلى جانب تقديمها العديد من الأعمال المسرحية الناجحة.
ولدت الخالدي في 19 يناير/كانون الثاني 1943، وبدأت نشاطها الفني منذ ستينيات القرن الماضي، لكنها اضطرت لاحقا إلى مغادرة العراق بسبب مواقفها المعارضة لنظام الرئيس الراحل صدام حسين، فقد تعرضت للتهديد بالقتل أكثر من مرة.

بداياتها الفنية
يقول المخرج تقي هاني إن الظهور الأول للخالدي على المسرح كان عام 1965 حينما كانت طالبة في معهد الفنون الجميلة، وذلك في عمل مسرحي سمّي "الطوفان" للأستاذ حميد محمد جواد؛ تلك الشخصية التي تأثرت بها تأثرا كبيرا.
ويضيف هاني للجزيرة نت أن الخالدي اشتركت في بداياتها الفنية في مسرحية "هاملت"، وكذلك مسرحية "الشمس تشرق من هناك" من إخراج الدكتور عبد المطلب السنيد، مشيرا إلى أنها عملت في الإذاعة عام 1972.
وعن سبب تسميتها، يذكر هاني أن اسم غزوة الخالدي أطلقته عليها أمها وهي تقرأ كتابا عن غزوة بدر، وكان بعض الأصدقاء ينادونها باسم "غزوة بدر".
وعن بدايات دخولها عالم الفن، تقول الفنانة الخالدي إن "للفنان عبد المرسل الزيدي الفضل في دخولي عالم التمثيل"، وتضيف -في حوار صحفي- أنها "حين شاركت في تمثيل مسرحية الطوفان قدمت شخصية مهمة واعترف الجميع بي ممثلة، وأنا حتى الآن غير معترفة بنفسي أنني ممثلة".
وترى الخالدي أن الوسط الفني في الستينيات كان أجمل بكثير من اليوم، و"كانت العلاقات والصداقات في الوسط الفني جميلة ونقية ولم تكن المادة مهمة في حياة الفنان، فقد كان يمثل لأنه يحب التمثيل".
وتستدرك بالقول "لا يزال الفن بخير، ولكن أتمنى أن يعود مستوى مسرح الستينيات، وتعود جماهير المسرح من المجتمع العراقي إلى شغف المتابعة".
فنانة رائدة
تقول الفنانة والمخرجة التفات عزيز إن الخالدي تعدّ من الفنانات العراقيات الرائدات في العمل الفني بمختلف أنواعه المسرحي والسينمائي والتلفزيوني والإذاعي، مشيرة إلى أنها خريجة معهد الفنون الجميلة منذ أيام الفنان الكبير حقي الشبلي.
وتضيف عزيز للجزيرة نت أن الخالدي كاتبة بارعة، ولها كتابات عديدة للعمل التلفزيوني، كما أنها عملت في مجالات فنية متنوعة؛ فهي مخرجة إذاعية وممثلة مسرحية، كما عملت على تقديم برامج في قنوات تلفزيونية محلية.
وتؤكد عزيز أن غزوة الخالدي تعدّ فنانة ملمّة سواء في التمثيل المسرحي والتلفزيوني، أو في الإخراج الإذاعي أو في الكتابة، لافتة إلى أن أحد أبرز أعمالها كانت فيه مساعدة مخرج أولى في مسلسل "حرب البسوس" مع المخرج عمانوئيل رسام.
وعن الأعمال الفنية المشتركة مع الخالدي، تبيّن عزيز أنها عملت معها في مسرحية "ليلة بغدادية مع الملا عبود الكرخي" عام 1982، التي كانت من إخراج الراحل سامي عبد الحميد، وتمثيل يوسف العاني ومحمد حسين عبد الرحيم وغزوة الخالدي، مع طلبة من الأكاديمية.

فن وسياسة
بدوره، يؤكد الكاتب المسرحي هشام شبّر أن الفنانة غزوة الخالدي من رائدات المسرح العراقي، وقدمت العديد من الأعمال المسرحية الناجحة.
ويتحدث شبّر للجزيرة نت عن أبرز أعمالها المسرحية، ومنها مسرحية "الطوفان" و"هاملت" و"الشمس تشرق من هناك"، ويقول إنها قدمت مجموعة أعمال تراجيدية وكوميدية، مبيّنا أن من أعمالها الكوميدية مسرحية "أم خليل" مع الممثل جاسم شرف، وفن الأوبريت مع الفنان فؤاد سالم، كما عملت الفنانة في ميادين فنية متنوعة وكتبت مجموعة أعمال درامية.
ويؤكد الكاتب المسرحي أنه رغم انقطاع الخالدي الطويل عن النشاط الفني بتأثير الغربة، فإنها ما زالت تبحث عن عمل درامي يليق بمستواها، فهي تريد نصا جديدا من كل الجوانب، ولا تريد الصورة الراقية التي عرفت بها، بل تريد عملا يليق باسمها.
ويلفت إلى أنها رغم صعوبة الغربة، فهي لم تنقطع عن كتابة النصوص التي تنصبّ معظمها على معالجة الاغتراب للجالية العراقية وهمومها.
ويكشف شبّر عن تعرض الفنانة الخالدي لتهديدات بالقتل أكثر من مرة بسبب معارضتها نظام صدام حسين قبل عام 2003، وأن ذلك دعاها إلى مغادرة العراق.

في الغربة
الكاتب والناقد أحمد حميد يصف الخالدي بأنها فنانة عراقية شاملة واستثنائية في التاريخ النسائي الفني العراقي الحديث، وهي على أعتاب الـ80 من العمر وقد هاجرت من العراق منذ نحو 40 عاما إلى الولايات المتحدة.
ويضيف للجزيرة نت أن الخالدي ابنة جيلها الثقافي، ومن ثم فهذه الشمولية الفنية التي تتمتع بها كانت نتيجة مناخ ثقافي عالي المستوى شهده العراق في الستينيات والسبعينيات.
وينوّه إلى أن الخالدي كانت معارضة للنظام العراقي السابق، وعملت حينها في إذاعة العراق الحر، كما عملت مع قناة السومرية العراقية وراديو سوا، وهي تتنقل بين عمان وأميركا.
ويرى حميد أنه بعد غيابها لم يسدّ مكانها أحد في الساحة الفنية النسائية على الرغم من وجود فنانات قديرات عراقيات داخل الوسط الفني، فإن هذه الشمولية الفنية كانت شمولية خاصة بغزوة الخالدي دون غيرها.