بطولة جماعية ونهايات أخلاقية.. 200 جنيه في منافسة متواضعة مع أفلام موسم الصيف
رغم تعدد القصص وتنوع الحكايات وتوالي ظهور كبار الفنانين في شخصيات مختلفة، فإن الملل لا يلبث أن يسيطر على أحداث الفيلم.
القاهرة- بعد أكثر من شهر على عرض الفيلم المصري "200 جنيه" في دور العرض، اقتربت إيراداته من حاجز 7 ملايين جنيه مصري فقط (445 ألف دولار)، رغم تقديمه بطولة جماعية لم تشهدها شاشة السينما منذ سنوات طويلة أبرزهم أحمد السقا وهاني رمزي وإسعاد يونس.
ورغم تحقيق الفيلم 3 ملايين جنيه (191 ألف دولار) في أسبوعه الأول، فإن السيناريو النمطي وافتقاد الفيلم لحبكة جديدة نوعا ما تسببا في عزوف الجمهور عنه، في منافسة حامية تشهدها دور العرض المصرية هذا الصيف.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبعد إعلان توم كروز تصوير أول فيلم في الفضاء.. روسيا تسبقه بإرسال طاقمها لتصوير فيلم “التحدي”
“ذا كارد كاونتر” وقصة الجندي العائد من أبو غريب الذي يفضح السياسات الأميركية
فيلم الأصليين.. هل انتقد المراقبة أم أحكم قبضة السلطات؟
عالم المؤلف
يغرم مؤلف الفيلم أحمد عبد الله بثيمة القصص المتعددة التي يجمعها مكان أو زمن محدد، وقدم لنا تجارب مختلفة بعضها حقق نجاحا تجاريا ونقديا كبيرا مثل "كباريه" (2008) و"الفرح" (2009) و"الليلة الكبيرة" (2015) مع المخرج سامح عبد العزيز، وقدم مع المخرج وائل إحسان "ساعة ونص" (2012)، ثم تجربته الوحيدة مع المخرج يسري نصر الله في "الماء والخضرة والوجه الحسن" (2016).
أما مخرج "200 يوم" محمد أمين فقد ابتعد هذه المرة عن عالمه المميز في هذه التجربة، وهو الذي عرفناه مؤلفا لبضعة أفلام لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة طوال 20 عاما من مسيرته الفنية، منذ قدم تجربته الشبابية الكوميدية "فيلم ثقافي" في بداية الألفية عن 3 شباب يبحثون عن عناصر المشاهدة الثلاثة (مكان وجهاز فيديو وشريط الفيلم) لقضاء بعض الوقت معا في استكشاف عالم لا يعرفونه خصوصا أنهم لم يجربوا الزواج بعد.
مجموعة كبيرة من النجوم
يضم "200 جنيه" مجموعة كبيرة من أبرز الفنانين المصريين الذين لم يجتمعوا معا في فيلم سينمائي من قبل: ليلى علوي، وأحمد آدم، وصابرين، وهاني رمزي، وأحمد السقا، وغادة عادل، ومي سليم، ودينا فؤاد، وملك قورة. كما تشارك إسعاد يونس بعد غياب 11 عاما عن شاشة السينما.
تدور أحداث الفيلم حول ورقة مالية بمئتي جنيه، تنتقل من شخص إلى آخر لنستعرض معها حكايته وخلفيته الاجتماعية، ونقترب من مشاكله وخواطره بشكل سريع حتى ننتقل إلى قصة أخرى.
ورغم اجتهاد المؤلف في استعراض عوالم مختلفة وطبقات اجتماعية متباينة، فإنه مع هذا الكم من القصص والحكايات غير المترابطة يفقد المشاهد تواصله مع الشخصيات، فلا تعاطف كبيرا مع شخصية يربطك بها أن تسلمت ورقة نقدية فقط لتعرف حكايتها خلال دقائق، دون أن تتعمق في عالم الشخصية نفسها.
غياب رؤية المخرج
ينتمي هذا الفيلم لعالم كاتبه أحمد عبد الله بقصصه وحكاياته عن المصريين البسطاء، والحارات الشعبية، والراقصات في الأفراح، والأمهات التي تعاني من أجل توفير لقمة العيش، وغيرها من التيمات التي طالما رأيناها في السينما المصرية خلال العقدين الأخيرين لا سيما في فيلمي عبد الله نفسه "كباريه" و"الفرح"، فلا جديد يقدمه في "200 جنيه" سوى محاولة ربط هذه الحكايات معا بطريقة ساذجة عبر تنقل الورقة المالية.
ولا يجد المشاهد شيئا من الرؤية المميزة لمخرجه محمد أمين، حتى إخراج بعض المشاهد جاء غريبا بالمرة، مثل المشهد الذي يقف فيه الفنان أحمد رزق -مدرس علم الاجتماع- يغني مع الطلبة في درس خصوصي كي يلقنهم مبادئ علم الاجتماع، ماسكا الطبلة والصاجات، ويبدو أن الكاتب اقتبسه من مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عن طرق التدريس في الدروس الخصوصية.
معاناة المصريين
تبدو مشاكل الأبطال لتوفير متطلبات الأبناء هي الفكرة المسيطرة الأساسية، حيث تعاني الشخصيات من أجل توفير ضرورات الحياة، ومصاريف المدارس الخاصة التي تحرص الراقصة على إلحاق أولادها بها، والملابس الغالية نسبيا التي تطمح طفلة هاني رمزي لشرائها، إلى تأمين مستقبل أبناء أحمد رزق في الطبقات الأعلى اجتماعيا.
ويحاول الفيلم استعراض معاناة الفقراء في مقابل الأغنياء بشكل متواز نمطي، مقدما البعض من الفقراء وهو يتعب أو ينصب من أجل لقمة العيش، والبعض الأخر يتاجر في المخدرات من أجل مطالب الحياة الترفيهية، وهو ما بدا واضحا في حديث الأفكار بين خالد الصاوي وخادمته، الذي جاء مباشرا للغاية.
افتقاد أداء الممثل
لا يعطي ضعف السيناريو ونمطية الشخصيات أي مساحة لأغلب الممثلين لتقديم أداء جذاب أو متميز، مثلا تقديم أحمد السقا في صورة سائق التاكسي الشهم الذي يتدخل لإنقاذ زبونته من بعض البلطجية يبدو مشهدا مستهلكا شديد النمطية، وكأن المخرج اختار السقا لأنه يشتهر على مواقع التواصل بالممثل "الجدع"، أو ليلى علوي في أداء هزلي في شخصية امرأة فقيرة تعمل بائعة في الشارع.
ملل رغم تنوع الحكايات
ورغم تعدد القصص وتنوع الحكايات وتوالي ظهور كبار الفنانين في شخصيات مختلفة، فإن الملل لا يلبث أن يسيطر على أحداث الفيلم، جاعلا المشاهد يشعر بأنه شاهد هذه القصص مرارا من قبل، ولا يقدم له رحلة ورقة مالية من خلال التشويق الكافي لمتابعة أحداث الفيلم، كما أن النهاية تحمل وعظا أخلاقيا نمطيا حيث ينبغي معاقبة الأبطال "الأشرار" بقسوة.