النصّ فلسطيني والإخراج عراقي.. أول مسرحية عن مرض التوحد
المسرحية مأخوذة عن نص مسرحي للكاتب الفلسطيني عمر كلاّب وعنوانها "لحظة من فضلك"
يستعدّ المخرج والأكاديمي العراقي الدكتور حسين علي هارف لتقديم أوّل مسرحية من نوعها تتناول موضوع التوحّد لدى الأطفال ضمن احتفال يوم الطفل العراقي الذي تنظمه هيئة رعاية الطفولة ومنظمة إنقاذ الطفولة، وتحمل المسرحية عنوان "لا تصرخ في وجهي"، وهي من تقديم المركز الثقافي العراقي للطفولة وفنون الدمى.
أعدّت المسرحية من نصّ مسرحي لكاتب فلسطيني يدور حول التعامل مع الأطفال، فجعل منها المخرج العراقي فرصةً مناسبةَ لكي يعدّ عملًا مسرحيًا من أجل التنبيه إلى ضرورة التعامل الحسن مع هذه الحالات.
رؤية فلسطينية وبيئة عراقية
يقول المخرج الدكتور هارف، -وهو مدير المركز الثقافي العراقي للطفولة وفنون الدمى، وقدم العديد من الأعمال الخاصة بالطفولة وخاصة مسرح الدمى- إن "المسرحية مأخوذة عن مسرحية للكاتب الفلسطيني عمر كلاّب وعنوانها: لحظة من فضلك".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي ذكراه 71.. كيف أثرت وفاة الفنان نجيب الريحاني على نهاية فيلم غزل البنات؟
شريهان.. مشوار حافل بالمآسي ولكن في قلبها الحياة
سخر من مبارك وهددته إسرائيل.. 7 سنوات على رحيل “سلطان الكوميديا” سعيد صالح
وتعد هذه المسرحية الأولى من نوعها حتى على مستوى المسرح العراقي، وأوضح هارف "حين اطلّعت على نص الكاتب الفلسطيني شعرت بأن النص ينطوي على تحدٍ كبير كون المسرح لم يتطرق لهذه القضية التي تعرضت للتجاهل والتهميش، لذا قرّرت تقديم هذا النص".
لم يكن النص متوافقًا مع ما أراده هارف، فاستأذن المؤلف في التصرف بالنص؛ إذ كانت المسرحية الفلسطينية تتضمن شخصيتين فقط، ولهذا أجرى التعديلات على النص ليكون متوافقًا مع البيئة العراقية وما تتعرّض له الطفولة هناك.
وأشار هارف "أضفت شخصيتين: طبيبة مختصة بالتوحد، ومخرجا لتقديم مشاهد مسرحية توضيحية عن حالة التوحّد" وهو ما يعني أن هناك مسرحية داخل المسرحية.
وذكر هارف أنه لم يرد أن يكون العرض موجها للأطفال فحسب، بل موجّهًا للكبار أيضا، لأن القضية تحتاج إلى مجتمع قادر على تقليل مضارها على الطفل، لذا وصفها بـ"محاضرة ممسرحة".
وأضاف المخرج بعض الكوميديا والمرح للمسرحية لكسر حدّة المواقف الدرامية، فقدم أغنيتين، إحداهما بإيقاع راقص أدّاها ببراعة محارب السرطان الفنان خالد أحمد مصطفى، الذي اختاره لتجسيد شخصية (صالح) الأخ المشاكس لأخيه سليم (بطل المسرحية).
وأردف هارف "قمت بتعزيز الموقف الكوميدي الرئيسي الذي يوجد في النصّ متمثّلًا في المقلب الذي يعدّه صالح لأخيه، والذي ينقلب عليه بالضد من خلال ذكاء طفل التوحّد (سليم) الذي أداه ببراعة الفنان الشاب عمار أحمد".
وعن سبب إقحام نفسه في دور مخرج ضمن العرض المسرحي -في حين أنه مخرج العمل الكلّي- قال "كنت بحاجة لتقديم المعلومة العلمية تعقيبًا على ما تسفر عنه المشاهد التمثيلية".
ويتوقع هارف أن ينال العرض الكثير من الاستحسان من الكبار والصغار لكونه يسعى إلى جعل دقائق العرض الأربعين مكتنزة بما ينتظره الأطفال وبما يأمله الكبار، وبما أراد المؤلّف، وما استهدفه -بوصفه مخرجا- من رسائل ووصايا تتعلّق بطفل التوحّد وكيفية التعامل معه.
وعن سبب تسمية العرض (لا تصرخ في وجهي)، قال المخرج، "لأن طفل التوحد عادة يكره الظلام والصراخ في وجهه".
آراء الممثلين
مرض التوحّد هو اضطراب في نمو الدماغ، ويؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتواصل معهم، مما يتسبب في حدوث مشكلات في التفاعل الاجتماعي، وتظهر أعراضه في مرحلة الطفولة المبكرة، ويتسبّب في حدوث مشكلات على مستوى الأداء الاجتماعي، ولا يوجد علاج شاف من هذا الاضطراب، إلّا أن العلاج المكثف المبكّر قد يؤدي إلى إحداث فارق كبير في حياة المصابين.
وقد عبّر الممثلون المشاركون في المسرحية عن آرائهم، إذ تقول الممثلة بسمة ياسين إن "دوري في العمل (الطبيبة) و(الأم)، الطبيبة وظيفتها في العمل توجيهية وتعليمية وتثقيفية لحالة الطفل مريض التوحّد، وكيفية التعامل معه من قبل الآخرين".
وتشير بسمة إلى أن دورها توجيهي أيضا، فهو "موجّه إلى العائلة وطفل التوحّد والمجتمع كافة"، وعن دورها الآخر تقول إنه "ليس توعويا فحسب، بل لطرح السلبيات والإيجابيات من حيث التعامل مع طفل التوحّد وعدم السماح بتوجيه الاتهام أو التعامل معه على أنه مؤذٍ، وكذلك ألّا يتم الصراخ في وجهه أو الكلام معه بطريقة الأمر والتذمّر من تصرفاته".
في حين يقول الممثل عمار أحمد، للجزيرة نت "أؤدي دور طفل التوحّد (سليم)، الذي أنقل من خلاله حالة المريض الذي يخشى الصراخ والظلام، ويحتاج إلى الاهتمام والرعاية والحب ليعيش ويتكيف مع المجتمع حاله حال باقي الأطفال" معتبرًا دوره "رسالة واضحة للمجتمع ليعملوا على التعامل الحسن مع الطفل".
أما الممثل خالد أحمد مصطفى فيتحدّث عن دوره موضحا أنه "يقدّم شخصية (صالح) الولد المشاكس الذي يصرخ دوما بوجه شقيقه الأصغر (سليم)، ولكن سلوكه يتغيّر بعد موقف ما خلال أحداث المسرحية".
ويشير مصطفى إلى دور الأم والأب في التأثير على سلوكه "حيث يستجيب لتنبيهاتهما المتكرّرة في كيفية التعامل مع أخيه المريض".