رحيل "صوت المعركة" حمدي الكنيسي.. كورونا ينهي حياة أشهر مراسل حربي مصري
قدم حمدي الكنيسي خلال تاريخه المهني العديد من البرامج مثل "قصاقيص" و"المجلة الثقافية" و"تليفون وميكرفون" و"200 مليون".

شُيعت اليوم السبت من مسجد الحصري، بمدينة 6 أكتوبر، جنازة الإعلامي الكبير حمدي الكنيسي، الذي رحل عن عالمنا أمس الجمعة عن عمر يناهز الثمانين بعد تعرضه لأزمة صحية، وحضر الجنازة محمود الخطيب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي، وطارق سعدة نقيب الإعلاميين، وعدد كبير من الكتاب والصحفيين.
أيقونة المراسلين الحربيين
وكان الإعلامي المصري، الذي أصبح أيقونة للمراسلين الحربيين، قد تعرض للإصابة بفيروس كورونا في مارس/آذار الماضي، وتعافى بعد فترة لكنه عانى بعدها عدم استقرار حالته الصحية، وتم نقله لأحد المستشفيات حيث عانى من التهاب رئوي حاد أدى إلى تدهور حالته، وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أمر بتوفير الرعاية الطبية الكاملة للكنيسي ونقله لمستشفى المعادي العسكري حيث قضى أيامه الأخيرة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsوفاة الفنان والموسيقار اللبناني إلياس الرحباني
وفاة الفنان هادي الجيار.. تلميذ مدرسة المشاغبين ضحية جديدة لكورونا
من هو الحلاج.. شيخ الفنانين العرب؟
من التدريس لميكرفون الإذاعة
وبرحيل حمدي الكنيسي فقدت الإذاعة المصرية واحدا من أهم الإعلاميين.
ولد الكنيسي في 19 مارس/آذار 1941 بقرية شبرا النملة مركز طنطا، وانتقل إلى القاهرة ليدرس الإنجليزية في كلية الآداب في أوائل الستينيات من القرن الماضي، وأكمل دراسته في الولايات المتحدة ودرس أيضا الترجمة الفورية في الجامعة الأميركية بالقاهرة.
لكن الكنيسي صاحب الصوت المميز أدرك أن مهاراته في عالم مختلف عن التدريس، وبالفعل انتقل ليعمل قارئ نشرة في إذاعة البرنامج العام، حيث عُين في الإذاعة المصرية في أكتوبر/تشرين الأول 1963، وبعدها مراقبا للبرامج الثقافية في الإذاعة نفسها، ثم تقلد العديد من المناصب.
صوت المعركة
قدم حمدي الكنيسي خلال تاريخه المهني العديد من البرامج مثل "قصاقيص" و"المجلة الثقافية" و"تليفون وميكرفون" و"200 مليون".
لعبت الصدفة دورها حين اعتذر زميله أحمد أبو السعود عن تقديم برنامج "صوت المعركة" ليحل الكنيسي مكانه وذلك في أثناء حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، فلم يكتف بمجرد التحليل أو إبداء رأيه، فاختار أن ينضم لأرض المعركة وطلب بالفعل من الإعلامي الكبير بابا شارو أن يسافر ليكون مراسلا حربيا ينقل الأحداث من هناك، فكان يسافر للجبهة يوميا، ثم يعود مساء إلى ماسبيرو لينقل الأحداث.
وقدم وقتها أيضا برنامجه "يوميات مراسل حربي"، ليكسب حينها شعبية كبيرة لدى المصريين ويرتبط صوته بانتصارات مصر ضد العدو الإسرائيلي، وقد اختارته وقتها اليونسكو ليعمل خبيرا دوليا في الإعلام لديها في 1975 حتى عام 1977.
"أوفرول" أسير
أتاح عمله مراسلا حربيا الفرصة له ليكون وسط جنود الجيش المصري في وجه العدو، فكان يشاهد الجندي المصري وهو يجري خلف دبابة ويقفز فوقها أو يفتح البرج ويلقي قنبلة داخلها من فوق الدبابة قبل أن تنفجر، بحسب ما قاله في أحد لقاءاته.
كما أتيحت له الفرصة ليجري لقاءات مع الأبطال من الجنود وقتها، ومنهم "طيار طائرة ميغ-17″، وهي طائرة بإمكانيات محدودة لكن قائدها تمكن من إسقاط طائرة إسرائيلية أميركية فانتوم حديثة.
عمل الكنيسي في تلك المرحلة كان يحتم عليه الغياب عن زوجته وبناته الثلاث مها ولبنى وعبير، فكان عمه يتولى رعايتهم، وقد حرص على تربيتهم على حب الوطن والشعور بالفخر بعمل والدهم، خاصة عندما جاء لهم بـ"أوفرول" (زي عسكري) خاص بجندي إسرائيلي تم أسره.
واعترف الكنيسي في أحد لقاءاته بأن زوجته قررت ترك عملها من أجل التفرغ له وللمنزل، وكان لها دور كبير في حياته، وشعر بحزن شديد عقب رحيلها.
أول نقيب للإعلاميين
النجاح والشعبية الكبيرة التي حققها الكنيسي وقت حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 لم تكن في مصر وحدها، فالرئيس الراحل محمد أنور السادات تلقى وقتها اتصالا من المخابرات بأن برنامج "صوت المعركة" كان الأكثر شعبية بين الإسرائيليين الذين يتحدثون العربية، فطلب السادات من وزير الإعلام وقتها جمال عطيفي تكريم حمدي الكنيسي. لكن الكنيسي رفض التكريم وطلب بدلا من ذلك أن تكون هناك نقابة للإعلاميين، وهو الحلم الذي ظل يحارب من أجله للحفاظ على شرف المهنة، حتى أصبح أول نقيب للإعلاميين بعدها بسنوات طويلة وذلك في 2016.
مناصب وتكريمات
تقلد حمدي الكنيسي العديد من المناصب خلال تاريخه المهني فكان مديرا عاما لإذاعة الشباب والرياضة في عام 1988 وحتى 1992، وفي العام نفسه أيضا تولى منصب رئيس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتلفزيون، كما أصبح رئيسا للإذاعة المصرية في عام 1997 وحتى 2001، كما حصل أيضا على العديد من الجوائز والتكريمات منها درع التفوق تقديرا لتطوعه مراسلا حربيا في أثناء الحرب، ووسام من رئيس الجمهورية الراحل محمد حسني مبارك نظير قيامه بمهام المستشار الإعلامي لمصر في لندن ونيودلهي عام 1980 ولمدة 4 سنوات.
وثق حمدي الكنيسي تجربته في المراسلة الحربية في بعض مؤلفاته، مثل كتاب "الحرب طريق السلام" الذي نال جائزة أفضل كتاب في الدراسات الإستراتيجية عام 1997، ومن مؤلفاته أيضا "عاشر العشرة" و"يوميات مذيع في جبهة القتال".