بسبب مسلسل "ليه لأ".. وزارة التضامن الاجتماعي بمصر تعلن زيادة طلبات كفالة الأطفال

المسلسل وإن كان صناعه حرصوا على إظهار إيجابيات ومصاعب العمل فإن التجربة لم تأت كلها سهلة وجميلة.

منة شلبي وسليم بطلا مسلسل "ليه لأ-2" (مواقع التواصل)

حالة من البهجة تسود منصات التواصل هذه الأيام بسبب التأثير الإيجابي والإنساني الذي أحدثه الموسم الثاني من مسلسل "ليه لأ" خاصة بعد أن أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي في مصر زيادة أعداد طلبات كفالة الأطفال إثر عرض العمل، حتى أن الأعداد وصلت إلى 2700 طلب كفالة، وهو أكبر عدد تم تقديمه خلال عام واحد في تاريخ الوزارة.

 

الفن وتأثيره الإيجابي

الموسم الحالي من مسلسل "ليه لأ" والذي يُعرض حاليا على منصة "شاهد VIP" استعرض صُنّاعه مفهوم الأمومة من وجهات نظر مختلفة، لعل أشهرها والذي كان محل نقاش من الجمهور لأسابيع، تساؤل: هل الأمومة غريزة موجودة لدى النساء بالفطرة ومتَمَلّكة منهن؟ أم أنها خبرة تراكمية أساسها العاطفة الصادقة والرغبة الجادة بالتعلّم؟

وهو ما لا يغلق الباب بدوره في وجه من لم تُقدَّر لهن الأمومة البيولوجية، مانحا لهن الأمل بالنجاح كأمهات متى سعين لتحقيق حلمهن عبر احتضان أطفال أبرياء تخلى عنهم ذووهم؟  فتمنح النساء الأطفال ما يحتاجونه من اهتمام ورعاية وحب، في حين يُتيح الأطفال للأمهات البديلات الاكتشاف ومن ثمّ الممارسة لأمومتهن الجارفة.

وقد لعبت الفنانة منة شلبي دور الأم المُحتّضِنة بالعمل، ويبدو أن علاقتها الدافئة والعفوية مع الطفل الذي يقدم دور "يونس" خلال الأحداث شجعت العديدين على التحمُّس للاحتضان والتفكير فيه بجدية، أو على الأقل رؤية ما به من إيجابيات والدفاع عنه أمام المعارضين.

 

وهو ما أعاد للكثيرين إيمانهم بدور الفن وتأثيره الإيجابي على فئات المجتمع، فها هو عمل يُعرض خارج الماراثون الرمضاني ومع ذلك يحقق نسبة مشاهدة مرتفعة، كما أنه يتناول قضايا شائكة وهادفة، فيلتف حوله المشاهدون الذين طالما اتهمهم صناع الأعمال الرديئة بكونهم لا ينجذبون إلا لدراما العشوائيات والبلطجة.

القلق من المبالغة

لكن، وبالرغم من ردود الأفعال الإيجابية المتداولة على منصات التواصل، والسعادة بالنضج والحفاوة الذي قابل بهما المجتمع المصري فكرة الاحتضان والكفالة، سواء من قِبل الآنسات اللاتي لم يسبق لهن الزواج أو حتى الأزواج الذين لديهم أبناء بالفعل، وليس بالضرورة من حرموا من نعمة الإنجاب، ظهر تيار مضاد يشعر بالخوف والقلق من ذلك الحماس المبالغ فيه الذي انتاب الجمهور.

وهو ما برره هؤلاء بأن كفالة طفل أمر له جلالُه، وأبعد ما يكون عن اقتناء حيوان أليف ثم التخلي عنه متى وجد المرء نفسه غير قادر على تحمل المسؤولية. فتبنّي طفل بقدر ما به من إنسانية ليس بالعمل اليسير أو الذي يمكن التراجع عنه أو أن آخذ إجازة منه عند الحاجة.

التزام أبدي لمن يجرؤ فقط

المسؤولية الأبوية وممارسة الأمومة عمل شاق، يدرك ذلك كل من جربه ولو قليلا. لكن، على قدر ما به من مشقة، يجني الأهل من خلفه الكثير من المنح الربانية والمشاعر الحقيقية وغير المشروطة التي لا تُقدّر بثمن. الفارق هنا أن الأهل "البيولوجيين" حين تضيق بهم الحياة وتتضاعف على كاهلهم المهام لا يملكون سوى الاستمرار.

لكن، بحال الاحتضان، هناك خوف من استسلام الأهالي البدلاء الذين قد يقررون إعادة الأطفال المتبنين إلى دور الرعاية التي لا تملك سوى أن تقبلهم بالطبع، مما قد ينتج عنه شرخ نفسي لا يندمل أبدا لدى هؤلاء الأطفال، ويجعل تجربة الاحتضان على قدر أهميتها ونُبلها تتطلب الكثير من التفكير المسبق والترتيبات والمثابرة مهما ظهر من عثرات مستقبلية خلال الطريق.

المسلسل وإن كان صناعه حرصوا على إظهار إيجابيات ومصاعب التجربة، فلم تأت كلها سهلة وجميلة، لكنهم تغلبوا سريعا على عثراتِ ما ليس موجودا على أرض الواقع. فلا دور الرعاية كلها بهذه النظافة، أو أن القائمين عليها بهذا الترحاب والروح الخلوقة والحرص على تيسير الأمور، ولا المجتمع المحيط سيقبل انخراط أطفال محتضَنة وسط الأولاد الحقيقيين بتلك السرعة والمحبة.

وهو ما لا يعني أن الواقع شديد القبح مقارنة بالدراما، وإنما بأن على من ينوون المضي قدما والسعي خلف حلمهم ورغبتهم بكفالة طفل أو أكثر هو معرفة أن ما هم مقبلون عليه له رهبته ويتطلب منهم بذل جهد وطاقة حقيقيين قبل النجاح بالانصهار بين أفراد المجتمع.

وبالتالي، فعلى من توسم بنفسه القدرة والجدية المناسبين عدم الالتفات لتلك المخاوف والإيمان بحلمه والدفاع عنه، أما المترددون الذين ينتابهم الشك فالأفضل لهم أن يتريثوا ويثقوا بأن من مصلحة الأطفال المكوث في دور الرعاية عوضا عن خوض تجربة قد تستنزف ما تبقى لديهم من شعور بالقبول وثقة بالنفس.

"ليه لأ-2" يرفع سقف التوقعات

يذكر أن "ليه لأ-2" هو الموسم الثاني من مسلسل بالاسم نفسه قد عُرض قبل عام وقامت ببطولته الفنانة أمينة خليل، وناقش وقتها قضية نسائية أيضا تتعلق بحق المرأة العربية في الاستقلال والعيش بمفردها دون زواج بعيدا عن عائلتها.

وإن كانت ردود الأفعال قد تنوعت حول الجزء الأول بين الإعجاب والسخرية، فإن الموسم الثاني نجح في الفوز بمحبة الجمهور واستحسان النقاد على حد سواء. وهو من تأليف مريم نعوم وسيناريو وحوار دينا نجم، أما الإخراج فلمريم أبو عوف، في حين أسندت البطولة إلى كل من منة شلبي ودنيا ماهر وأحمد حاتم ومراد مكرم وسارة عبد الرحمن.

ومن المتوقع أن تظهر مواسم أخرى من العمل، كل منها ينتمي لدراما 15 حلقة، ويتمحور حول قضية نسوية عربية ما، على أن تسند بطولة كل جزء إلى أبطال جدد. ومع نجاح هذا الجزء، لا بد وأن يرتفع سقف التوقعات التي سيضعها المشاهدون على كاهل صناع العمل، فهل ينجحون في هذا التحدي؟

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

إعلان