القصة الخامسة وقفص السّكر.. آلام وطن متجسدة في 5 أفلام وثائقية إنسانية
تجارب ذاتية وإنسانية وتوثيق أوجاع العرب في الأفلام الوثائقية والتسجيلية
الأفلام التسجيلية الطويلة وحتى الأفلام القصيرة تجربة مختلفة يسعى صناع السينما إلى التعبير عن قضاياهم من خلالها، ومن خلال الدورة الـ22 لمهرجان الإسماعيلية السينمائي -الذي انتهت فعالياته قبل أيام- عرضت أفلام من مختلف دول العالم، لكن يظل القاسم المشترك في الأفلام العربية هو تناول الهموم وويلات الحرب وتوثيق التجارب التي يمر بها من يعيشون تفاصيلها.
الجزيرة الوثائقية تقدم "القصة الخامسة"
فيلم "القصة الخامسة" (The 5th story) من إنتاج الجزيرة الوثائقية والمنتج المنفذ لؤي حفار حصل على تنويه خاص في الإسماعيلية، ونال خلال العام الماضي جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما في الدورة الـ33 لمهرجان إدفا في أمستردام.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsضد العنصرية.. مهرجان “كان” يحتفي برئيس لجنة تحكيمه ذي البشرة السمراء
“ريش” فيلم مصري ينافس 6 أفلام في مهرجان كان
المغرب يمثل العرب في مهرجان كان السينمائي
الفيلم الذي عرض مؤخرا ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة استطاع مخرجه أحمد عبد مزج تجربته الذاتية بـ4 قصص رئيسية متنقلا بين الماضي والحاضر مع رؤية استشرافية للمستقبل، ليستعرض تاريخ الـ40 سنة الأخيرة في العراق، وذلك من خلال سرد بصري ببعد إنساني ينقل معاناة العراقيين من ويلات الحرب.
يروي الفيلم قصة نصار البدوي الذي يعيش في صحراء الموصل، والمقاتلة الكردية الإيزيدية آخنين شنكالي التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية بمدينة سنجار، ووالد الراوي الذي قرر أن يرسم أوجه الموتى الذين قتلوا في الحرب، إضافة إلى عدنان الذي شارك في الحرب بين العراق وإيران وعاد من الأسر بعد سنوات طويلة فعاش في عزلة.
حصار الشباب الفلسطينيين في الداخل والخارج
وحصل فيلم "قفزة أخرى" (One More Jump) على تنويه خاص من المهرجان، وهو الفيلم الذي أخرجه الإيطالي إيمانويل جيروسا الذي اختار أن يعبر في فيلمه الوثائقي عن أزمات الشباب الفلسطينيين الذين يعيشون تحت حصار الاحتلال، فالحصار هنا ليس داخل فلسطين فقط، لكنه امتد أيضا إلى الخارج، ليكشف عن حالة الإحباط والفشل التي يعاني منها الشباب.
اختار المخرج تناول زاوية مختلفة للاحتلال بعيدا عن توثيق الحرب والدمار، وحتى قصص الحب التي تنشأ بين قسوة الاحتلال، ووثق من خلال الكاميرا رحلة شابين أسسا فريق باركور الرياضي والمهتم بالقفز، هما جهاد وعبد الله، حيث يسافر الأخير إلى إيطاليا، فيما يحاول جهاد أن يحقق أحلامه الرياضية داخل الوطن، فنرى المعاناة داخل غزة، حيث يتدرب الفريق في المنازل التي هدمت على أيدي جيش الاحتلال، إلى جانب فشل جهاد في السفر بسبب تعنت الاحتلال الذي لم يسمح له بإنهاء إجراءات سفره.
وعلى الجانب الآخر، يعيش عبد الله الغربة ويواجه الصعاب فلا يجد طريقا ممهدا كما كان يظن، بل يعاني أيضا من البطالة وسوء التغذية، مما يتسبب في فشله، ويحاول المخرج من خلال الفيلم أن يوثق معاناة الفلسطيني في الداخل والخارج.
تجربة ذاتية لمناضلة
وثقت المخرجة ربى عطية علاقتها بوالدتها المناضلة حياة الحويك عطية من خلال فيلم "بيت اتنين تلاتة".
وبعيدا عن تجربة والدتها الكاتبة والباحثة والمناضلة التي قررت الانتقال إلى بيروت في فترة الاجتياح الإسرائيلي حاولت ربى استرجاع طفولتها والتنقل من منزل إلى آخر لتشكل ذاكرة ممزقة بين 3 بيوت، كل منها صنع لها عالما.
الفيلم يحمل تجربة مخرجته الذاتية والتي عملت لسنوات على موضوع النزوح والغربة وأقامت ورش دراما مع الجيلين الثاني والثالث للمهاجرين، وقررت أن تعبر عن التجربة من خلال علاقتها بوالدتها والصراع النفسي الداخلي الذي عاشته بسبب التهجير والحرب والغربة.
الخوف والعزلة والحب في سوريا
تجربة ذاتية أخرى من خلال فيلم "قفص السّكر" الذي توج بجائزة أفضل فيلم في مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة في مهرجان الإسماعيلية، وهو ثاني تجارب مخرجته زينة القهوجي التي اختارت تسجيل حياة عائلتها ويومياتها منذ أواخر 2012 وبداية الحرب السورية.
ترصد القهوجي من خلال فيلمها التسجيلي الوضع في سوريا وكيف يعيش أغلب السوريين في ظل انقطاع الكهرباء والمياه، والحياة بين دوي القنابل بلا أي أنشطة ترفيهية.
وبين مشاهد العزلة والخوف والترقب هناك أيضا المشاعر الإنسانية والحب والتمسك بالعائلة من خلال والدها ووالدتها حيث يعيشان بالقرب من دمشق وتحاصرهما الحرب، إلا أنها لم تنجح في كسر مشاعرهما، وقد نجحت المخرجة في الخروج من ذاتية تجربتها لتوثيق الحياة في سوريا.
شوارع مهجورة في بيروت
شوارع مهجورة مليئة بالركام وبقايا الحرب، ومدينة تركها سكانها بعد الحرب هي الصورة التي نقلها المخرج نيكولا خوري في فيلمه التسجيلي القصير "مدينة وامرأة"، والذي كتب له السيناريو أيضا.
الفيلم يسرد قصة لبنان بعد الحرب الأهلية، ويتمسك المخرج بالأمل رغم الدمار والخراب، حيث اختار استخدام الرمزية في أكثر من موقع، ومن بينها اختيار امرأة جميلة بطلة للفيلم التي ترمز إلى بيروت.