منتدى قطر الاقتصادي 2021: تقنية (NFT) مجال ناشئ في سوق الفن يدرّ إيرادات طائلة

جلسة "الفن في عصر التكنولوجيا" ضمن فعاليات النسخة الأولى من "منتدى قطرالاقتصادي" (الجزيرة)

الدوحة- إذا كنت من هواة جمع القطع الفنية الفريدة وتؤرقك الأصالة وحقوق الملكية الفكرية فإن رمز (NFT) يضمن لك شراء نسخة أصلية مشفرة من مصمم اللوحة أو كاتب الرواية أو من التقط الصورة.

وإذا كنت من هواة الكسب السريع فقد حققت القطع الرقمية الموثقة بتقنية (NFT) خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2021 ما يقرب من 2.5 مليار دولار. أما إذا كنت من محبي البيئة أو مستثمرا صغيرا، أو تعيش في دولة نائية، فتوفر لك مواقع مثل "أوبن سي" (Open Sea) و"نيفتي غايتواي" (Nifty Gateway) فرصة شراء القطع الفنية في نسخة (JPG) دون أن تبرح مقعدك.

كان ذلك محور الحديث في جلسة "الفن في عصر التكنولوجيا" ضمن فعاليات النسخة الأولى من "منتدى قطرالاقتصادي" الذي يعقد عبر تقنية الاتصال المرئي، أيام 21، 22، 23 من شهر يونيو/حزيران الجاري.

دارت الجلسة بين الرؤساء التنفيذيين لجيلين من الشركات الرائدة والناشئة في السوق الفنية العالمية، مثل شركة "كريستيز" (Christie’s) البريطانية، و"فريز" (Frieze) للفن البديل، و"آرت بازل" (Art Basel)، ومنظمة "تيرا كالشر" (Terrakulture) للفنون والثقافة النيجيرية، لمناقشة سوق الفن الرقمية، في أحدث تجليات الشغف المتصاعد بتكنولوجيا (NFT).

الكاتب والمحرر الفني جيمس تمري بمجلة بلومبرج (الجزيرة)

صراع الأجيال إزاء ماهية الفن

كانت تكنولوجيا (NFT) أو "الرمز غير القابل للاستبدال" (Non-fungible token) موجودة منذ بضع سنوات، ولكنها قفزت إلى دائرة الضوء في الأشهر الأخيرة في أعقاب العديد من الجهود رفيعة المستوى للاستفادة منها لحماية الملكية الفكرية ودعم التوازن البيئي وشيوع الأعمال الفنية، فتقدم تلك الرموز أصولا رقمية قابلة للشراء والبيع والتبادل، وقد يشبّهها بعضهم بالعملات المشفرة، إلا أنها تحمل مواد فنية وثقافية متنوعة.

بدأ النقاش في جلسة "الفن في عصر التكنولوجيا" بترتيب أولويات العاملين في سوق الفن بعد انتهاء أزمة "كوفيد-19″، بين أهمية عودة المعارض الفنية بعد انقطاع طوال العام الماضي، مقابل ضرورة الاستثمار في السوق الفنية الرقمية (NFT) التي شهدت نشاطا طوال 18 شهرا الماضية، لم تحققه المعارض الفنية خلال 10 سنوات.

واتفق الحضور على انشقاق سوق الفن منذ عرضت المتاحف والمعارض الفنية مقتنياتها في صورة رقمية، ليتصفحها رواد الإنترنت، وصار لدينا صناعتان تسيران بالتوازي، إحداهما قاصرة على مجموعة صغيرة جدا من أثرياء العالم الأول ومحبي اللوحات الزيتية الفخمة، أما الثانية فتخدم الملايين في شتى أرجاء العالم ممن لم يستطيعوا قبل اليوم زيارة متحف، كما أنهم قد يفضلون الاستثمار في الفيديو والتغريدات وأعمال الغرافيك.

جلسة "الفن في عصر التكنولوجيا" منتدى قطر الاقتصادي الأول 2021 (الجزيرة)

تنتمي النيجيرية بولانلي أوستن بيترز، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمنظمة "تيرا كالشر" لمؤيدي الفرقة الثانية، وترى في الاهتمام بالفن الرقمي احتراما لجيل الألفية ورغبته في العيش داخل واقعه الافتراضي، فدافعت عن شباب الفنانين المستقلين في نيجيريا الذين لا يملكون الأدوات البسيطة لإقامة معارض فنية على أرض الواقع، وكانوا يجمعون لوحاتهم الفنية أسفل أسرّتهم، ولكن العام الماضي كان بمنزلة ثورة فنية لهم، فأقاموا معارض فنية افتراضية، وأصبح لهم جمهور من محبّي الاقتناء والمستثمرين من أبناء الألفية الجديدة ومتذوّقي الفن المستقل.

وترى بولانلي أن هجوم طبقة الأغنياء على تقنية (NFT) أنانية من محتكري الفن منذ قرون لأنها باتت الطريقة التي يدعم بها الفنانون النظام البيئي العالمي، ويبنون ويحافظون بها على مشهد فني عالمي وإنساني خارج حدود الدول، ولأنها تمكن القائمين على المعارض الفنية من مدّ شبكات بين جمهور ينتشر عبر قارات العالم ولا يقتصر فقط على سكان القصور الفخمة.

Jeremy Hodkin
جيرمي هودكن جيريمي هودكين هو الناشر ورئيس تحرير  "ذا كانافاس"، النشرة الإخبارية الرائدة في مجال الفن (الجزيرة)

قيمة الفن بين الترفيه والاستثمار

بدوره، نفى نوح هورويتز مدير شركة "آرت بازل" الفكرة القائلة إن الاستمرار في بيع القطع الفنية الرقمية سيلغي الأهداف الأساسية للعمل الفني، وقيمة اقتناء لوحة، ولكنه بات من الضروري استيعاب الأهداف المختلفة من اقتناء عمل فني، فالبعض يحب الفن، والبعض يستهويه ضمان الملكية الفكرية، والبعض الآخر يسعى للاستثمار، وهو أمر لا يعيب الفنانين الرقميين ولا يعيب جمهورهم.

وأضاف نوح أن النسخ الفنية الرقمية لن تمنح فرصة للتجار غير الشرعيين بدخول سوق الفن، بخاصة أن عمليات التزوير والاستيلاء تتم في أفخم المعارض والمتاحف الفنية، أما تكنولوجيا (NFT) فهي تمنح شهادات ملكية غير قابلة للخرق أو النسخ، وهي مصممة وفق تكنولوجيا "بلوك تشين" (Blockchain) المستخدمة في تشفير العملات الرقمية مثل "بتكوين" (Bitcoin).

ويرى أن الشركات الناشئة قد حققت شهرة كبيرة، فشركتا "آرت بازل" و"فريز" أصبحتا أشهر منظمتين فنيتين بعدما أقامتا معارض فنية افتراضية وأدخلتا فكرة "مواسم التنزيلات" إلى سوق الفن، ولم تفقدا ثقة الجمهور، بل زاد عددهم أضعافا، فبعدما كانت سوق الفن تستهدف 5% من سكان العالم، انضم إليها 95%، وباتت المليارات تعرف طريقها إلى التسوق الإلكتروني بعدما كانت محدودة في معارض نيويورك وباريس الفنية.

المصدر : الجزيرة