كوفيد-25.. عندما لا يصلح الاقتباس ما أفسده السيناريو

الفنان يوسف الشريف بطل مسلسل "كوفيد-25" (مواقع التواصل)

قرر صناع مسلسل "كوفيد-25" اللحاق بموسم رمضان 2021 في النصف الثاني من الشهر الكريم، وذلك عبر عمل من 15 حلقة فقط، على عكس أغلب المسلسلات العربية التي اعتدنا على عرضها في 30 حلقة.

وأثار المسلسل الاهتمام منذ الإعلان عن إنتاجه، وذلك بعنوانه الذي يداعب مخاوف المشاهدين من فيروس كورونا (كوفيد-19)، الذي غيّر مصير البشر منذ مارس/آذار 2020، فكان مسلسلًا مرتقبًا ومثيرًا للتساؤلات حول طريقة معالجة الوباء في عمل تلفزيوني مصري، في حين أن الوباء لا يزال مستمرًا حتى اليوم في الحقيقة.

المسلسل وكوفيد

أول سؤال يطرحه المشاهد على نفسه: ما علاقة مسلسل يوسف الشريف بفيروس كورونا (كوفيد-19)؟ وهل هو معالجة للتحديات التي وُضعت أمامها البشرية في مواجهة الوباء؟

في الحقيقة المسلسل لم يأخذ من الوباء إلا الاسم فقط؛ فأحداثه تدور عام 2025، في عالم تقليدي للغاية يشبه عالمنا، ولكنه استطاع تخطي وباء كورونا، وتمت الإشارة إلى هذا عبر مشاهد تسترجع الأحداث للبطل ياسين، الذي عانى من المرض، وتوفي ابنه، ولكن لم يحدد السيناريو كيف استطاع العالم التخلص من الوباء.

أما وباء "كوفيد-25" الذي يحمل المسلسل عنوانه، فهو فيروس مختلف تمامًا عن فيروس كورونا؛ فهو ليس فيروسًا تنفسيًا، ولا يشبهه في الأعراض أو طريقة الانتقال، بل إن أحداث المسلسل التي تدور حوله لا تشبه حتى الفيروسات المعتادة في أفلام ومسلسلات الخيال العلمي الحقيقية، إنها أقرب إلى اللعنة التي تحوّل البشر إلى "زومبيز" (الموتى الأحياء) الذين يميلون إلى القتل والانتحار.

 

أما عن طريقة انتقال الفيروس فهي أمر عجيب؛ حيث وصفه الطبيب ياسين بأنه ينتقل عبر الأشعة الكهرومغناطيسية التي تصدر من العين البشرية، وهو أمر ليس منطقيًّا، وغير علمي من الأساس؛ لأن العين لا يخرج منها أي نوع من الأشعة.

وبالتالي لا يصح اعتبار المسلسل يندرج تحت الخيال العلمي، فهو أقرب إلى الرعب والإثارة والتشويق أو حتى "الفانتازيا"، وكوفيد في العنوان ليس إلا وسيلة لجذب انتباه المشاهدين.

اقتباس لم يخفِ العيوب

ومنذ بدء عرض مسلسل "كوفيد-25" لاحظ المشاهدون التشابه الكبير بينه وبين الأفلام الأجنبية، والجمع هنا صحيح وليس مبالغة؛ فالمسلسل بصورة واضحة لم يقتبس من فيلم سينمائي واحد، بل صنع مزيجًا من عدة أعمال شهيرة للغاية.

فنجد المسلسل اقتبس الفكرة من فيلم "صندوق الطيور" (Bird Box) حول القوة الغامضة التي تحوّل البشر إلى منتحرين عنيفين، وبعض المشاهد -مثل لقطة المرأة التي تهشم رأسها في الزجاج- مأخوذة بالضبط من الفيلم، ويتكرر الأمر سواء من حيث الموضوع أو اللقطات مع أفلام "الحرب العالمية زي" (World War Z9 و"الضباب" (The Mist).

الأزمة الحقيقية ليست فقط في عملية الاقتباس التي لم يشر إليها "تتر المسلسل"، فالنتيجة في النهاية جاءت ضعيفة للغاية؛ فالسيناريو رغم مرور نصف الحلقات لم يعرض لنا سوى مشاهد متلاحقة لاكتشاف الطبيب ياسين المرض الجديد، الذي لم يعلن لماذا يُدعى كوفيد بما أنه لا يتبع السلسلة نفسها من الفيروسات الشهيرة.

وفي نهاية كل حلقة يتم إنتاج مشهد تشويقي، يدل على حدوث خطر قادم، ثم يتضح أنه ليس خطرًا على الإطلاق، مثل التهديد بقتل ابنة البطل في إحدى الحلقات، ونجد في الحلقة التالية أنه لم يكن تهديدًا بالفعل، بل ينتحر القاتل. بالإضافة إلى الكثير من المشاهد الملفقة التي خرجت عن أي منطق، مثل نجاة البطل من حادث سقوط طائرة في الصحراء، ثم وصوله في اللحظة ذاتها إلى الفندق المشتعل وإنقاذ ابنه، من دون توضيح كيف نجا، وكيف انتقل عبر كل هذه المسافة.

أزمة التوقيت

رغب صناع مسلسل "كوفيد-25" في الاستفادة من توقيت عرض المسلسل بالتزامن مع وجود فيروس حقيقي باسم مشابه، مما يرفع عدد المشاهدات بشكل طبيعي، ولكن هل هذا هو التوقيت المثالي بالفعل؟

في الحقيقة هذا هو التوقيت الأسوأ، ليس فقط لأنه استغل مخاوف البشر الطبيعية في ظل وجود وباء مميت بترويعهم من آخر أكثر خطورة، بل لأن حبكة المسلسل تعتمد على أن "كوفيد-25" وباء مصنع بفعل فاعل، للاستفادة من مبيعات اللقاح الذي تم تطويره مسبقًا قبل نشره بشكل متعمد.

يعتمد المسلسل على نظرية المؤامرة، وفي الوقت نفسه يثير المخاوف بين المتفرجين، في وقت يتم فيه تشجيع الملايين حول العالم على الحصول على اللقاح ومحاولة محاصرة الجائحة، مما يمكن اعتباره تلاعبا بعقول المشاهدين عبر عمل درامي في أزمة عالمية شديدة الحساسية.

المصدر : الجزيرة