"نتفرج بعدها نحكم".. الملك أحمس يتسبب باشتباك بين الفنانين والجمهور

على الفنانين إيجاد طريقة للتواصل مع هؤلاء النقاد الجدد الذين هم أشد قسوة وعنفا من أسلافهم، ويمتلكون وسائل متعددة للتعبير عن رأيهم منها الوسوم أو الكوميكس

(من اليمين) أحمد حلمي والمخرج عمرو سلامة ودينا الشربيني وعمرو يوسف (مواقع التواصل الإجتماعي)

منذ عرض الإعلان الترويجي لمسلسل "الملك" -الذي يتناول قصة الملك المصري القديم "أحمس"- بدأت الكثير من القلاقل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث خلق المسلسل حالات جدل متتالية ومتضاربة ومتباينة، اشترك فيها كل من الجمهور والوسط الفني، آخرها وسم "#نتفرج_بعدها_نحكم" الذي شارك فيه الكثير من النجوم المصريين دفاعا عن حق عرض أعمالهم الفنية.

كيف بدأ "التريند"؟

ما تعرّض له مسلسل "الملك" (الملك أحمس) -منذ أن عُرض الإعلان الخاص به- أمر نادر بالتأكيد، حيث أدت قوة رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى تغيير رأي منتجي عمل فني ما، للدرجة التي تُوصل إلى إيقاف تصويره وإعادته مرة أخرى للجنة مراجعة.

وقد تلقى الكثير من الأعمال الفنية النقد على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة أن هذه المنصات جعلت من كل مشترك ومشاهد ناقدا قادرا على التعبير عن رأيه، سواء بطريقة جدية أو عبر الصور الكوميدية أو الكوميكس، ولكن ذلك لم يؤثر من قبل في أعمال نالت من النقد السلبي والسخرية قدرا كبيرا مثل مسلسلات الممثلة ياسمين صبري، ومسلسل "لؤلؤ" الذي عُرض منذ شهور قليلة.

إعلان

ولكن هناك حساسية خاصة في التعامل مع مسلسل "الملك" الذي تقدمه شركة "سينرجي" (Synergy)؛ لكونه واحدا من أعمالها الوطنية -مثل مسلسل "الاختيار" وفيلم "الممر"- التي تحرص مؤخرا على حشد كل عوامل النجاح لها، وبالتالي لا يمكن أن يتحول المسلسل ببساطة إلى محل سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي من المشاهدين، وهذا ما قلب الموازيين، لأنه لأول مرة امتلك الجمهور السلطة الحقيقية كصوت يستطيع أن يؤثر على صنّاع العمل حتى لو بالسخرية.

الفنانون ما بين الاستعلاء والاستجداء

أحدث وقف تصوير المسلسل بلبلة واسعة، سواء بين أوساط المشاهدين أو الفنانين والعاملين في الوسط الفني، وتراوحت ردود الأفعال ما بين الاستعلاء على المشاهدين بأن صنّاع الأعمال الفنية يقدمون ما يشبه الخدمة للمشاهد، ويجب عليه تقدير عملهم وتعبهم، وأن هناك تصيدا مستمرا لأخطائهم، وأن المشاهد أصبح عنيفا وساخرا.

ولكن نغمة أخرى بدأت تظهر، حيث بدأ وسم "#نتفرج_بعدها_نحكم" على مواقع التواصل الاجتماعي -والذي شارك فيه عدد من الفنانين مثل أحمد حلمي ودينا الشربيني وعمرو سلامة وغيرهم- برسالة محددة توضح أن العمل الفني ما هو إلا قصص تهدف إلى إسعاد الناس وتسليتهم ودفعهم إلى التفكير، مع إدانة مواقع التواصل الاجتماعي، وأن مطالبات المنع قد تكون مضرة أكثر من كونها مفيدة.

وكان الخطاب في هذا الوسم يقدم رسالة ملتبسة إلى المشاهدين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، فمن ناحية هناك نبرة استجداء واضحة، وفي ذات الوقت إدانة مستترة، وهذه المشاعر المرتبكة هي بالفعل ما يشعر به الفنانون تجاه ما يحدث في الوقت الحالي ويهدد عرشهم.

النقد الجديد

قديما كانت هذه العلاقة المرتبكة موجودة بالفعل، لكنها كانت بين الفنانين والنقاد الكبار، حيث امتلك هؤلاء القدرة على التأثير في الصناعة والصوت القوي الذي قد يُشهر الممثل أو يدينه بشكل يؤثر عليه، وكان الممثلون يقيمون وزنا لتقييم النقاد، ويخشونهم بصورة حقيقية مهما كانوا نجوما أو يمتلكون جماهيرية، لأن النقاد كانوا يمتلكون صوتا مسموعا لدى الجمهور.

إعلان

 

ولكن مع مرور الوقت، ووفاة عدد كبير من النقاد المهمين أمثال سامي السلاموني وسمير فريد، بهتت هذه السلطة الرمزية، وأصبح لدى الفنانين إجابة جاهزة على أي نقد احترافي يوجه لهم، بأن سببه الغيرة وأن الفيصل هو الإيرادات أو الشعبية، أو غيرها من الإجابات التي تعتمد على قيمتهم لدى الجمهور.

ولكن الآن ظهرت هذه القوة بشكل مغاير عبر رواد وسائل التواصل الاجتماعي، الذين لا يحتاجون إلى جريدة لنشر رأيهم، بل يكفي اشتراك في الإنترنت وحساب على المنصات، فهم يمتلكون صوتا يستطيعون التعبير من خلاله عن رأيهم، وهو صوت أصبح بالفعل مسموعا، ويستطيع أن يؤثر على شركة إنتاجية مثل "سينرجي"، وأن يوقف عرض أكبر مسلسلات رمضان من حيث الميزانية.

ومن ثم كان على الفنانين إيجاد طريقة للتواصل مع هؤلاء النقاد الجدد الذين هم أشد قسوة وعنفا من أسلافهم، ويمتلكون وسائل متعددة للتعبير عن رأيهم، ومنها الوسوم أو الكوميكس، وبالتالي قد يرفعون عملا للسماء، أو يسخرون منه حتى يفقد أي احترام أو مصداقية.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

إعلان