المخرج أسامة رزق: مسلسل "غسق" تأكيد للعالم أن الشعب وحده حرّر ليبيا من الإرهاب
يرمز "الغسق" إلى اللحظة الفاصلة بين الضوء والظلام وهي اللحظة التي قصدها صناع المسلسل بالمرور من ظلمة الإرهاب إلى نور تحرير ليبيا
تحدث المخرج الليبي أسامة رزق عن تفاصيل مسلسل "غسق" الرمضاني الذي يؤرخ لعملية "البنيان المرصوص" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، بدءا من فكرة إنجاز العمل إلى اختيار طاقم الممثلين والتنفيذ والتصوير.
وحصل رزق على عدة شهادات في الإخراج والإنتاج السينمائي من لندن وأسكتلندا، وأخرج عدة برامج تلفزيونية فازت بجوائز محلية مثل الملف، إضافة إلى الفيلم الوثائقي "النيهوم.. سيد الكلمات". ومن أعماله الدرامية التلفزيونية مسلسلات "فوبيا" سنة 2013 و "دراجنوف" عام 2014 و"زنقة الريح" سنة 2019 و"الزعيمان" عام 2020.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsخبراء ونقاد: هذه أهداف النظام المصري من إنتاج مسلسل الاختيار 2سيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدة
مسلسلات رمضان المقبل.. منافسات قوية وماراثون درامي مشحون
بطولات جماعية لحل أزمات النجوم.. الإنتاج الرمضاني بمصر يواجه تخمة في الفنانين
وفي رصيده عدة جوائز من بينها جائزة أفضل مخرج فيلم وثائقي عام 2009 وجائزة أفضل مخرج دراما عن مسلسل "الزعيمان" وكان للجزيرة نت معه الحوار التالي:
-
هل لك أن تقدم لنا مسلسل "غسق" في كلمات؟
يتألف مسلسل "غسق" من 10 حلقات وسيعرض خلال شهر رمضان المقبل على قناة "سلام" الليبية الخاصة، وهو من تأليف سراج هويدي ومن إنتاج وليد اللافي، ويضم عددا كبيرا من الممثلين من ليبيا وتونس والمغرب ومصر وسوريا والأردن.
وهو يؤرخ لعملية "البنيان المرصوص" ضد تنظيم الدولة (داعش) ويرصد الأوضاع داخل مدينة سرت تحت سيطرة التنظيم، والأوضاع داخل مدينتي طرابلس ومصراتة خلال الفترة الممتدة من سبتمبر/أيلول 2014 إلى ديسمبر/كانون الأول 2016 تاريخ سقوط الجيزة البحرية آخر معاقل التنظيم داخل سرت.
-
ماذا يعني غسق في المسلسل؟
يرمز الغسق إلى اللحظة الفاصلة بين الضوء والظلام، وهي اللحظة التي قصدناها من وراء المسلسل بالمرور من ظلمة الإرهاب وداعش إلى نور تحرير ليبيا، ومن الطغيان إلى السلام. وهذه اللحظة في النهار فارقةٌ في تاريخ الوطن.
-
لماذا اخترتم ممثلين من عدة دول عربية وتركيا للتصوير؟
لا أؤمن بمسألة الجنسيات في التمثيل، وأنا على خلاف مع الجمهور الليبي حول هذه المسألة والذي ينتقد اعتمادي في أعمالي على ممثلين من خارج البلاد.
وهناك جانبان فرضا عملية اختيار الممثلين في "غسق" الأول وهو الواقع الليبي الذي يعاني من نقص كبير في عدد الممثلين. وهي حقيقة، على الجمهور الليبي الاعتراف بها، ويتجلى هذا النقص خاصة في الممثلات الليبيات وهو موضوع اجتماعي صرف والحديث بشأنه معقد.
كما نعاني نقصا فادحا في الممثلين من الفئة العمرية الكبيرة لأن المردود المادي ليس بتلك القيمة التي تشجع العائلات على قبول تشغيل أبنائها في مجال التمثيل.
أما السبب الثاني فيتعلق بالجانب الفني للعمل، ورغبة المخرج في اختيار ممثل معين للعب دور معين، فالمسألة تتعلق بالممثل القادر على لعب الشخصية المخصصة له وإتقانها. وهذا معمول به في كافة دول العالم.
وبالنسبة لاختيار تركيا للتصوير، فقد تطلبت عملية الإنتاج الضخمة التفكير في كل العناصر الفنية والمادية واللوجستية وفي سهولة التنفيذ، وتركيا دولة منفتحة تقدم تسهيلات كبيرة للحصول على تصاريح للتصوير داخل أراضيها.
كما أن مسلسل "غسق" يتكلم عن معارك و45% من أحداثه حربية وكل العتاد الحربي الخاص بالتصوير من أسلحة ورصاص موجود بكثرة في تركيا، وقد وفرته لنا وبسهولة شركات متخصصة وهي أسلحة مشابهة للأسلحة التي اعتمدتها قوات "البنيان المرصوص" في عمليتها ضد التنظيم.
كما استغرقنا 3 أشهر في عملية البحث عن مواقع التصوير، واخترنا مدينة أورفا جنوب شرقي تركيا لأنها تتوفر على نفس بيئة مدينتي سرت ومصراتة، فأنا أتعامل حسب متطلبات المشروع.
-
حدثنا عن قصة المسلسل؟
منذ أن صارت عملية تحرير مدينة سرت من سيطرة داعش ونحن لدينا رغبة حقيقية لإنجاز مسلسل أو فيلم سينمائي حول هذه الملحمة البطولية لأن بعض وسائل الإعلام هضمت حق الليبيين الذين ضحوا بأنفسهم وأخرجتهم "داعمين" للإرهاب ولم يقاتلوه.
والحقيقة أن الليبيين هم من قضوا على التنظيم في أكبر معاقله شمال أفريقيا دون أن ينالوا حقهم إعلاميا، لذلك اتخذنا نحن فريق العمل القرار بالتحرك منذ شهر رمضان الماضي.
وتمكنا من الحصول على الدعم المادي، والتقينا بالمركز الإعلامي الخاص بعملية "البنيان المرصوص" وكانوا متعاونين جدا معنا وأمدونا بالمعلومات والأرشيف وبكافة مراحل العملية، حيث استغرقت عملية تحضير النص 4.5 أشهر، وأصبح المشروع حقيقيا.
ينطلق المسلسل بالعوامل والأسباب التي مهدت لاحتلال داعش سرت، ثم يسرد الأحداث خلال فترة سيطرة المسلحين على المدينة، وسيتابع الجمهور أحداثا جرت بين الإرهابيين في حد ذاتهم إلى حين تحرير ليبيا من سيطرة التنظيم.
تحدثنا مع مواطنين عاشوا أحداثا حقيقية ومع مقاتلين ومع قيادات في عملية "البنيان المرصوص" وكافة الأحداث في المسلسل حقيقية مع جانب من الخيال، ولكن الشخصيات ليست حقيقية لا الشهداء ولا من القيادات حتى لا نستثني ولا نظلم أحدا.
-
هل "غسق" توثيق لاحتلال تنظيم الدولة لليبيا ومحاكاة تامة لما جرى؟
نعم بكل تأكيد ولكن برؤية درامية مشوقة، لأن التوثيق بمفرده يجعل المشاهد يملّ.
-
هل كان الوضع الأمني المتوتر سبب تصوير المسلسل خارج البلاد؟
هنالك عدة أسباب، وحتى وإن كان الوضع الأمني مستقرا فلم تتوفر كل الظروف اللوجستية في ليبيا لتصوير المسلسل.
-
ما الصعوبات التي واجهتكم أثناء تنفيذ العمل؟
واجهنا صعوبات كبيرة جدا من كتابة النص إلى البحث عن التمويل واختيار الأحداث التي سنتكلم عنها، وهي من المهام الصعبة التي أخذت منا وقتا كثيرا، وجعلتنا نقرر عدم ذكر أسماء أي شخصية حقيقية من الشهداء أو القادة تجنبا لأي جدل قد يحدث بالرأي العام.
كما واجهنا صعوبات في اختيار مكان التصوير الملائم، إلى جانب مصاريف نقل عدد كبير من الممثلين من عدة دول عربية إلى تركيا، وهي تكاليف مرتفعة جدا.
-
ما رسالتكم من وراء المسلسل؟
نوجه رسالتنا الأولى إلى العالم بأن الليبيين قدموا تضحية كبيرة جدا من أجل تحرير بلدهم من الإرهاب، وإلى الدول التي تآمرت علينا وبكل ما أوتيت من قوة و"تفّهت" تضحيات الشعب الليبي واتهمته بأنه مليشيات تتعارك مع بعضها البعض.
وأردنا من خلال "غسق" أن نبين للعالم أننا قاتلنا الإرهاب ودافعنا عن عدة دول وحميناها من خطر الإرهاب، وأن الشعب الليبي لم يكن يوما حاضنا للإرهاب، وأن نكرم الشهداء والمصابين ونرد لهم ولعائلاتهم الجميل.
-
هل لديكم مخاوف بعد عرض "غسق" وما توقعاتكم لردود الأفعال؟
لدينا مخاوف منذ بداية كتابة النص وحتى هذه اللحظة من تنظيم داعش، ومن الناس الداعمين للإرهاب الذين يتظاهرون بعكس ذلك، ولكن أقبلنا وكافة الفريق على العمل بحب وشجاعة كاملين وبقناعة تامة بالمشروع، والحافظ هو الله سبحانه وتعالى.
ونذكّر الناس الذين يستغربون شجاعتنا بتضحيات الشهداء الذين تقدموا في جبهات القتال ضد الإرهاب ولم يخافوا، فكيف لنا نحن أن نخاف، فما نقدمه لا يمثل شيئا أمام ما قدموه.
لدينا تصور أن الناس سيفهمون حقيقة ما حدث في ليبيا بعد عرض المسلسل، وسيفرحون كثيرا بالجرعة الوطنية الموجودة فيه، وسيُرجع لهم ثقتهم في وطنيتهم وفي بلدهم، ونتمنى أن يساهم في مزيد من توحيد الليبيين.
-
من هو الجمهور الذي تتوجهون له بالمسلسل؟
نتوجه بالمسلسل إلى الجمهور العالمي لأن مجموعة هامة من أحداثه لا تهم ليبيا فقط، وعلى رأسها الجريمة "البشعة" عملية ذبح الأقباط من قبل متطرفين من جنسيات مختلفة حيث سيشاهد الجمهور ولأول مرة كواليس الحادثة من العقل المدبر إلى التخطيط إلى التنفيذ.
-
كيف يمكن للمثقف والممثل أن يلعب دورا في معالجة قضايا شعبه ونقلها؟
واجب على الممثل أن يوظف فنه لنقل قضايا شعبه وبطولاته، ويسلط الضوء على معاناته ويطرحها للعالم، لكن للأسف في ليبيا وبسبب الانقسام السياسي يواجه الفنان تهجما من بعض الأطراف التي لا تؤيد طرحه للقضايا السلبية الموجودة في البلاد.
ونحن في "غسق" متخوفون من هذه النقطة، ونتمنى أن يتجاوز الليبيون هذا الانقسام لأننا كلنا موحدون ضد الإرهاب.
-
ما تقييمكم للإنتاج الدرامي الليبي منذ الثورة إلى اليوم وهل هو بالطريق الصحيح؟
لا توجد صناعة دراما في ليبيا بل تجارب فردية نعتقد أننا كنا ناجحين فيها إلى جانب محاولات أخرى ناجحة أيضا، حيث انفتح بعد الثورة أفق كبير أمام الرؤية الفكرية، ولم تعد أمامنا خطوط حمراء باستثناء بعض الخطوط الحمراء على صلة بالتوجهات السياسية.