تعددت المسلسلات.. لكن التونسيين يفضلون دراما رمضان القديمة

تتصدر المسلسلات التونسية القديمة نسب المشاهدة إلى اليوم رغم إعادتها على مدار العام

التونسيون يقبلون بكثافة على مشاهدة المسلسلات القديمة بدلا من الجديدة (مواقع التواصل)

تعددت القنوات التلفزية في تونس بعد الثورة بعد أن كانت تقتصر على 4 فقط، ليصل عددها إلى أكثر من 17 قناة منها اثنتان رسميتان، وقد احتدمت المنافسة هذا العام.

وعرف المشهد التلفزي التونسي زخما دراميا غير مسبوق، لكن ذلك لم يؤثر على ترتيب القناة الوطنية الثانية التي نجحت مؤخرا في تصدر نسب المشاهدة بسبب إعادة المسلسلات الرمضانية التونسية القديمة التي لاقت استحسانا كبيرا في صفوف التونسيين، وكثرت التعليقات المطالبة بمواصلة الإعادات على الصفحة الرسمية للقناة.

وتتنافس أكثر من 10 مسلسلات جديدة بين هزلية ودرامية يبث أغلبها في نفس التوقيت، أهمها مسلسل "فوندو" و"ابن خلدون" على قناة الحوار التونسي، ومسلسل "الحرقة" و"العيشة فل" على القناة الوطنية الأولى، بينما تبث قناة التاسعة سلسلة "الجاسوس" و"أولاد الغول"، ويبث المسلسل التونسي الجزائري "مشاعر" على قناتي حنبعل و قرطاج+.

انتقادات واسعة للمسلسلات الحديثة

وطالت الانتقادات بعض الأعمال التلفزية الحديثة منذ الحلقات الأولى، حيث استنكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي ما جاء فيها من إيحاءات اعتُبرت منافية لقيم المجتمع التونسي، على غرار مسلسل "الجاسوس" الذي يعرض على قناة التاسعة، وقد تم تأخير بثه من قبل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري إلى ما بعد العاشرة ليلا، مع ضرورة وضع علامة أسفل الشاشة تفيد بأن العمل غير مناسب لمن سنّهم أقل من 16 سنة، وذلك طوال عرض الحلقة.

أما مسلسل "فوندو" الذي يعرض على قناة الحوار التونسي، ورغم النجاح الذي حققه، فإن انتقادات عدة طالته منذ الحلقة الأولى، بسبب مشاهد اعتبرها البعض عنيفة وفيها تحريض على القتل والانتقام، وتتضمن إساءة لصورة المدرس التونسي الذي جُسِّد في مشهد غير لائق يتمثل في علاقة غير أخلاقية بين الأستاذ وتلميذته، قدمت على إثره الجمعية الوطنية للتعليم شكوى ضد القناة، معتبرة أن المشهد يمس من قدسية التعليم.

هل ينافس الجديد القديم؟

منذ ظهور القنوات التلفزية الخاصة بعد الثورة، هجر التونسيون التلفزيون الرسمي لقلة الإنتاج، لكنه عاد بقوة خلال الحجر الصحي الشامل عام 2020 بإعادة المسلسلات التونسية القديمة التي لاقت نسب مشاهدة منقطعة النظير، مما جعل القناة الوطنية 2 تتخصص في إعادة الأعمال التلفزية القديمة استجابة لرغبة المشاهدين، وهو ما جعلها تتصدر نسب المشاهدة بعد أن كانت تتذيل الترتيب.

وقد واصلت إدارة القناة برمجة المسلسلات الرمضانية القديمة خلال شهر رمضان، على غرار سلسلة "شوفلي حل" الكوميدية التي تتضمن 6 أجزاء وبثت منذ حوالي 15 عاما، إلا أنها تتصدر نسب المشاهدة إلى اليوم رغم إعادتها على مدار العام، ونذكر أيضا مسلسل "الخطاب عالباب" الذي بث منذ حوالي 30 عاما، ومسلسل "جاري يا حمودة" الذي بث لأول مرة سنة 2004.

أعمال درامية خالدة

وترى الناقدة السينمائية هند حوالة أن هذه الأعمال القديمة خلدت في المشهد السمعي البصري التونسي لأنها فعلا ناجحة فنيا، لذلك بقي لدى التونسيين حنين لمشاهدتها، "لكن لا أعتقد أنهم لا يتابعون الأعمال الجديدة التي تعددت بتعدد القنوات التلفزية".

وبالنسبة للانتقادات التي طالت الأعمال الجديدة، تقول حوالة للجزيرة نت "أنا ضد القيود التي تفرض على الفن وعلى المسلسلات والأفلام التي يجب أن يكون لها الحرية المطلقة في التعبير عندما يخدم المشهد القصة أو العمل ككل، لكن كما ذكرت أغلب الأعمال الدرامية التلفزية لا تعتبر فنية، إذ إن الإيحاءات التي تستخدم في بعض المشاهد ليس لها أي توظيف أو مبرر فني، وهي مسقطة بطريقة مبتذلة".

وفسر المختص في علم النفس الاجتماعي سامي بن نصر، ظاهرة إقبال التونسيين بكثافة على مشاهدة المسلسلات القديمة بدلا من الجديدة، بأن وسائل الإعلام لم تعد توجه الرأي العام، بل أصبحت تضطلع بوظيفة صناعة الذوق العام ومحوره الرئيسي ما ينافي الأخلاقيات العامة للمجتمع.

فالقنوات التلفزية -بحسب بن نصر- أصبحت تتنافس على ثقافة الإثارة للحصول على أعلى نسب مشاهدة، لذلك نجد المواطن التونسي اليوم وكأنه يستنجد بما كان ينتجه الماضي ليتجنب ما يقدمه الحاضر. وكما نعلم، فإن الرجوع إلى الماضي هو عادة ما يكون في وقت الخطر ووقت الألم.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

إعلان