هل وقع يحيى الفخراني في فخ السرقة الأدبية بمسلسل نجيب زاهي زركش؟
على الكاتب إعادة اكتشاف النص المقتبس، وتغييره حتى يكون ملائما لكل من الزمن الحالي والثقافة المصرية، ووضعه في قالب مناسب للبطل الرئيسي يحيى الفخراني.
مسلسل نجيب زاهي زركش واحد من أكثر مسلسلات موسم رمضان 2021 انتظارا، ومن أسباب ذلك كونه من بطولة النجم يحيى الفخراني الذي نافس على عرش التلفزيون لعقود طويلة، وهو تقريبا الباقي الوحيد على الساحة من جيل الكبار، خاصة بعد غياب عادل إمام هذا العام، لكن مسلسله أتى مخيبا للآمال بصور متعددة، منها الاقتباس غير المشروع لنصه المأخوذ من مسرحية وفيلم إيطالي شهير.
الزواج على الطريقة الإيطالية والمصرية
ربما راهن صناع مسلسل "نجيب زاهي زركش" وعلى رأسهم السيناريست عبد الرحيم كمال، على عدم اطلاع الجمهور المصري على السينما والأدب الإيطالي بما فيه الكفاية، فاختاروا قصة واحد من أشهر الأفلام وهو "الزواج على الطريقة الإيطالية"، من إخراج فيتوريو دي سيكا وبطولة صوفيا لورين ومارشيلو ماستروياني، ليكون أساس مسلسل يحيى الفخراني هذا العام.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsلماذا توقف عرض مسلسل غاندو 2 قبل الانتخابات الرئاسية في إيران؟
بسبب خدش الحياء.. تهديدات بوقف مسلسل "الطاووس" والجمهور يعلن ثورته
ليست في مسلسل الملك فقط.. أخطاء ملابس مسلسلات رمضان 2021
تدور قصة الفيلم الإيطالي المقتبس بدوره عن مسرحية إيطالية اسمها "زواج فيلومينا"، حول فيلومينا المحظية لرجل ثري، والتي تعيش معه علاقة غير شرعية لزمن طويل، في وضع أقرب ما يكون إلى الزوجة، حيث تعينه في العمل وتدير بيته وترعى أمه 30 سنة، وعندما يحاول الزواج من فتاة صغيرة، تدّعي فيلومينا المرض الشديد، وتطلب آخر أمنية لها قبل الموت وهي أن يتزوجا بصورة رسمية. وبداعي الشفقة يتزوجها بالفعل، ليكتشف بعدها الخدعة، والأهم أن لديها 3 أبناء أحدهم ابن له، ولكنها لا تخبره أيهم هو حتى يعترف على ثلاثتهم، وفي جو من الكوميديا السوداء يحاول الزوج اكتشاف أي الأولاد ابنه؟
وقد بدأ مسلسل نجيب زاهي زركش بالحبكة ذاتها، فهو يدور حول نجيب الرجل الثري الذي يحيا حياة لاهية، وتدير حياته عشيقة قديمة تدعى شفيقة، وفي أحد الأيام تخبره أنها على وشك الموت، وترغب في الزواج منه، وبالفعل يجيب طلبها، ولكنها في المسلسل التلفزيوني تتوفى بالفعل بعد أن تلقي قنبلة الأولاد الثلاثة المجهولي النسب، ويبقى على الأب أن يتعرف على ابنه الشرعي، وهو ما يفترض أن يولد الكوميديا.
الفرق بين الاقتباس والسرقة الأدبية
الاقتباس من فيلم أو وسيط مختلف -سواء مسرحية أو رواية- أمر مشروع، فالسينما في بدايتها اعتمدت على النصوص الأدبية، وفي الوقت الحالي أصبحت إعادة إنتاج لأعمال قديمة شائعة للغاية، سواء لاستغلال شهرة ونجاح الأخيرة، أو لتقديمها بإمكانيات فنية وتقنية أكثر جدة.
وعمليات "التمصير" أو الاقتباس عن أفلام وروايات أجنبية كانت واحدة من أعمدة السينما المصرية، ولكن هناك فرقا واسعا بين الاقتباس الأدبي والسرقة.
فالأول يتم فيه بوضوح ذكر مصدر العمل التلفزيوني أو السينمائي في الشارة أو المقدمة الخاصة بالعمل، بينما في الثاني يتم إغفال ذلك، وهو الأمر المثير للاستغراب للغاية، لأن عمليات الاقتباس لا تنفي أي إبداع لدى صانع العمل الجديد، بل على العكس، فذكرها يفتح بابا جيدا للمقارنات والدراسة والتحليل، ومعرفة مدى اقتراب المسلسل أو الفيلم من العمل الأصلي، وبعده عنه، وكيف تمت المعالجة؟
وفي عمل مثل نجيب زاهي زركش، فإن المعالجة من المفترض أن تغير الكثير من التفاصيل عن النص الأصلي، وألا يتوقف الأمر فقط عند موت الأم، لأن اكتشاف الابن الشرعي لم يعد أمرا مستحيلا مثلما كان في الماضي، فتحليل بسيط للحمض النووي يقوم به الأب مع الأولاد سيكشف الابن الحقيقي بسهولة، وعلى الكاتب هنا إعادة اكتشاف النص، وتغييره حتى يكون ملائما لكل من الزمن الحالي والثقافة المصرية، ووضعه في قالب كذلك ملائم للبطل الرئيسي يحيى الفخراني.
لذلك فإن عدم ذكر مصدر الاقتباس هو علامة استفهام كبيرة للغاية، ويوجّه أصابع الاتهام، ليس فقط إلى السيناريست عبد الرحيم كمال، ولكن كذلك إلى البطل يحيى الفخراني الذي يعرف بالتأكيد مصدر النص الأصلي، فقد مثله من قبل في مسرحية بعنوان "جوازة طلياني" لم يتم تمصيرها، بل فقط ترجمتها إلى العربية بنفس تفاصيلها، وقدمها مع الفنانة دلال عبد العزيز.
ومن ثم لا توجد أي شبهة في سوء الفهم أو الجهل لدى الممثل الكبير الذي يمتلك بالتأكيد رصيدا فنيا يجعله يعي الفرق الواضح ما بين الاقتباس والسرقة الأدبية.
والرهان على جهل الجمهور بالسينما الإيطالية في هذا العصر محض سذاجة، خاصة في ظل انتشار الإنترنت والوعي بالسينما العالمية، وأن الفيلم القديم ترشح لجائزتي أوسكار عن: أفضل فيلم وأفضل ممثلة، وهو واحد من أفضل أفلام فيتوريو دي سيكا.
وبالتالي فإن مسلسل نجيب زاهي زركش، بدلا من أن يصبح محط الأنظار لأسباب فنية مثل أداء أبطاله، أو المعالجة أو الكوميديا، لم يعد يذكر في الوقت الحالي إلا وهو مقترن باتهامات مثل السرقة الأدبية، ومحاولة التلاعب بالجمهور، مما حرمه من فرصته في المنافسة على الموسم الرمضاني، المتواضع للغاية.