دفع ثمنا باهظا لمواقفه الثورية.. عبد الحكيم قطيفان من الاعتقال إلى اللجوء
رغم أن الفنان السوري عبد الحكيم قطيفان يعيش سنته الرابعة في بلد اللجوء ألمانيا شأنه شأن أي لاجئ سوري؛ لكنه يصف المرحلة التي يمر بها بأنها حالة طارئة أُكره عليها قسرا، وسوف يعود حالما يتحصل على الإقامة بشكل رسمي له ولأسرته.
لم يكن لدى الفنان المعارض للنظام السوري خيارات عدة بعد رحلة طويلة من سوريا إلى مصر فالخليج ثم ألمانيا، بعد أن تعرض لتهديدات عدة بالقتل والتصفية؛ جراء مواقفه الجريئة من النظام ومناصرته جهرا للحراك الشعبي في سوريا، الذي انطلق من مسقط رأسه درعا في ربيع عام 2011.
اعتقال مبكر
في عام 1981 تخرج قطيفان من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وهي المؤسسة التي أنجبت معظم نجوم الدراما السورية الذين لمع نجمهم في وقت سابق، وحمل قطيفان طموحات كبرى في إثبات ذاته كممثل واعد في سوريا؛ لكن القدر أوقف مسيرته بعد بداية انطلاقتها بسنتين فقط، حيث اعتقل الشاب العشريني قطيفان بتهمة التحريض ضد حكم حافظ الأسد آنذاك، ليتحول من مشروع فنان شاب إلى معتقل في غياهب السجون.
9 سنوات كانت كفيلة أن تشكل لدى الشاب قطيفان حالة من التمرد على النظام السوري في وقت لاحق، حيث تعرض للتعذيب والتنكيل داخل المعتقل، ولم تشفع له ملكة الإحساس والفن بأن يُعامل معاملة خاصة.
"عفو" ومرحلة جديدة
بعد خروج قطيفان ضمن عفو عام أصدره رئيس النظام السوري حافظ الأسد عام 1991، بدأت مرحلة جديدة لدى الممثل، الذي واجه التهميش ونكران الأصدقاء له جراء تجربة الاعتقال، التي جرت عليه صعوبات من تقبل الوسط الفني له، وهو المعارض والمعتقل السابق؛ مما أصابه بصدمة كبرى لفترة من حياته.
لم تستمر حالة الانكفاء لدى قطيفان، فسرعان ما أثبت حضورا طاغيا بالدراما السورية في عدة مسلسلات أبرزها: لعنة الطين، غزلان في غابة الذئاب، مرايا، سرايا عابدين، وولادة من الخاصرة، حيث برز بأدائه لشخصية "أبو إياد"، وهو مسؤول نافذ في السلطة السورية، ويدير ملفات فساد وسوء إدارة من خلال شبكة من الموظفين الفاسدين، وسط المراحل الأولى لبداية الثورة السورية عام 2011، حيث يكشف الدور كيف تعاطى النظام مع الحراك.
الثورة واللجوء
لم يتردد قطيفان للحظة بأن يناصر الثورة السورية، التي بدأت شرارتها من مسقط رأسه درعا (جنوب سوريا)، وهو المعتقل السابق في زمن حافظ الأسد، الأمر الذي دفع ثمنه باهظا من التهميش والإبعاد عن الساحة الفنية، قبل أن يرحل إلى مصر إثر تهديدات بالقتل جراء موقفه.
يحسب لقطيفان جهوده الشخصية لدعم النازحين السوريين، حيث قام الفنان الثائر بزيارات عدة للمخيمات السورية في إدلب للمشاركة في الأعمال الإغاثية والإنسانية، فضلا عن نصرته للفصائل المعارضة، وتشجيعها في معاركها مع قوات النظام السوري.
أُجبر قطيفان، كما يقول، أن يرحل إلى ألمانيا كلاجئ سوري دون أي امتيازات؛ لكن لم ينقطع يوما عن نصرة السوريين والحراك من أوروبا، فقدم الرجل عبر وسائل التواصل رسائل عدة للشعب السوري لدعم النازحين في إدلب، كما كانت أبرز نشاطاته الفنية أغنية في رثاء الناشط والمقاتل في صفوف المعارضة "عبد الباسط ساروت"، الذي يلقبه السوريون بحارس الثورة، وحملت عنوان "لو ترجع".