"الغسالة" يحقق إيرادات مفاجئة.. فهل تستعيد السينما عافيتها بعد كورونا؟

فيلم الغسالة
إيرادات فيلم الغسالة تجاوزت 10 ملايين جنيه رغم ضعف مستواه الفني (مواقع التواصل)

واحد من المجالات التي تأثرت سلبًا بشكل واضح بسبب جائحة كورونا مجال صناعة السينما؛ فنتيجة اشتراطات العزل والبقاء في المنزل أُغلقت دور العرض حول العالم، كما توقف تصوير الكثير من الأعمال.

ومؤخرًا عادت بعض دور السينما لفتح أبوابها في عدة دول، مع الكثير من الاحترازات وتقليل عدد المقاعد المتاحة لتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي.

لكن كانت هناك أزمة أخرى، وهي عدم وجود أفلام جديدة لعرضها، إذ خشي المنتجون عرض أفلامهم في ظل هذه الظروف التي لا تتيح لهم بالتأكيد المكاسب المتوقعة في الظروف الطبيعية، إلا أن منتجي فيلم "الغسالة" قرروا المخاطرة وعرضوا الفيلم في ظل هذه الظروف، ليحققوا مفاجأة غير متوقعة حتى لأكثر المتفائلين.

هل كان "الغسالة" محظوظًا؟

فيلم "الغسالة" من تأليف عادل صليب وإخراج عصام عبد الحميد، ومن بطولة محمود حميدة وأحمد حاتم وهنا الزاهد ومحمد سلّام.

وإذا حللنا الفيلم لنبحث عن عناصر قوته فسنجدها قليلة جدًا، فهو لا يعتمد على نجوم ذوي جماهيرية كبيرة، وهو العمل الأول لكلٍّ من مؤلفه ومخرجه، وتعتمد قصته على فكرة السفر عبر الزمن، وهي فكرة ليست جديدة.

جامعًا كل هذه العناصر غير الجذابة، طُرح الفيلم في دور العرض في عيد الأضحى الماضي، ليكون فيلم العيد المصري الوحيد للمرة الأولى ربما، إذ يعد موسم عيد الأضحى تحديدًا أحد المواسم الرئيسية لعرض أفلام النجوم والأفلام ذات الإنتاج الكبير.

كانت هذه هي النظرة الخارجية للفيلم قبل عرضه، ولكن مع عرضه أضيف إلى هذه العناصر الضعف الفني الشديد للفيلم، والذي اتفق عليه أغلب النقاد والجمهور على حد سواء.

في الظروف الطبيعية، لم يكن الفيلم يحقق نجاحًا يذكر، فالكثير من الأفلام الكوميدية التي تشبه في بعض عناصرها فيلم "الغسالة"، تُعرض من دون أن يشعر بها أحد. مع الأخذ في الاعتبار أن دور العرض في مصر تعمل بـ25% فقط من سعتها، وأن الجمهور لم يعتد بعد العودة إلى السينما وارتيادها مثلما كان يفعل قبل عصر فيروس الكورونا، فإن النتيجة المتوقعة للفيلم كانت الفشل الذريع، لكن "الغسالة" فاجأ الجميع وحقق إيرادات تجاوزت 10 ملايين جنيه مصري (600 ألف دولار أميركي تقريبا) في مصر وحدها.

هل 10 ملايين جنيه رقم ضخم؟

قد تبدو 10 ملايين جنيه بالنسبة لإيرادات الفيلم ليست رقما كبيرا، لكن دعونا نعقد مقارنة سريعة لمعرفة قيمة هذا الرقم.

في العام الماضي عرض فيلم "محمد حسين" بطولة النجم محمد سعد في عيد الفطر، وفشل الفيلم في الوصول إلى 5 ملايين فقط (300 ألف دولار)، بالطبع لم يعد لمحمد سعد الجماهيرية الكاسحة مثل السابق، لكنه لا زال نجمًا وله جمهور، وبالتالي كان هذا رقمًا شديد الضآلة.

وفي عيد الأضحى العام الماضي، عرض الجزء الثاني من فيلم "الكنز" بعنوان "الحب والمصير"، وبالكاد نجح الفيلم في تخطي حاجز 6 ملايين جنيه فقط (نحو 400 ألف دولار)، رغم وجود العديد من النجوم في فريقه، مثل محمد رمضان ومحمد سعد وهند صبري.

أما فيلم "حملة فرعون" الذي عرض العام الماضي أيضًا في عيد الفطر، فلم ينجح في الوصول إلى 20 مليونًا (1.6 مليون دولار)، وهو الذي ينتمي لنوعية الحركة (الأكشن) التي باتت تحقق الإيرادات الضخمة في السنوات الأخيرة، ويضم بعض الممثلين الأجانب بجانب المصريين، بالإضافة إلى اعتماده على ميزانية ضخمة للإنتاج.

بالنظر إلى هذه الأرقام، فسنجد أن تحقيق "الغسالة" هذه الإيرادات في ظل هذه الظروف هو إنجاز كبير لهذا الفيلم، وربما لو عرض في ظل الظروف الطبيعية مع عوامل ضعفه التي ذكرناها، لكان أخفق في تحقيق الإيرادات نفسها.

هل نشهد إنتعاشة؟

في ظل المخاوف من موجة ثانية لفيروس كورونا، لا يبدو أن دور العرض ستعود للعمل بكامل قوتها قريبًا، وكنتيجة لهذا أجلت شركات الإنتاج طرح أفلامها المهمة في دور العرض، بعضها حتى نهاية العام، مع قابلية تعديل موعد العرض مرة أخرى، في حين تقرر عرض بعض الأعمال مباشرة على المنصات الإلكترونية، مثلما سيحدث مع فيلم "مولان" (Mulan) الذي كان مقررًا له أن يعرض في الربع الأول من العام الحالي، وسيكون مصيره العرض حصريًا على منصة "ديزني بلس".

على الجانب الآخر، قررت الشركة الموزعة لفيلم "عقيدة" (Tenet) للمخرج كريستوفر نولان المخاطرة وطرحه في عدة دول، قبل حتى عرضه في الولايات المتحدة.

قد يكون الإقبال الجماهيري على فيلم "الغسالة" -رغم ضعف مستواه- مؤشرًا إيجابيًّا على رغبة الجمهور في مشاهدة أفلام جديدة داخل قاعات السينما بغض النظر عن مستواها.

فيلم "Tenet" الذي سيعرض في بعض الدول العربية أيضًا، قد يكون مؤشرًا أكثر قوة على عودة الجماهير إلى السينما، إذ تتمتع أفلام نولان بجماهيرية كبيرة، وقد كان هذا أحد الأفلام المنتظرة بقوة هذا العام.

حتى الآن لا توجد تأكيدات عن لقاح نهائي لفيروس كورونا، ولكن الحياة آخذة في العودة تدريجيًا، وأحد مظاهر هذه العودة الذهاب إلى السينما التي ربما نشهد إنتعاشة جيدة لها قريبًا.

المصدر : الجزيرة