لماذا خسرت ديزني قيمتها أمام نتفلكس للمرة الأولى في تاريخها؟
حسام فهمي
يمر العالم بواحدة من أشد الأزمات الاقتصادية كإحدى التبعات المباشرة لوباء كورونا الذي وصل عدد المصابين به حتى اليوم ما يزيد على مليوني إنسان حول العالم، لتطبق الدول إجراءات حظر التجول والتباعد الاجتماعي، وتغلق السينما ودور المسرح وجميع أماكن الترفيه من مطاعم ونواد، ويظهر في الأفق فائز واحد كبير، هو عملاق البث الترفيهي عبر الإنترنت شبكة نتفلكس.
ارتفعت قيمة رأس مال نتفلكس لتصبح وللمرة الأولى تاريخيا أعلى من قيمة شركة الإنتاج الفني الأضخم في العالم "ديزني"، فلماذا ربحت نتفلكس وكيف تأثرت ديزني؟
نتفلكس على القمة
ارتفاع أسهم نتفلكس يوم الأربعاء 15 أبريل/ نيسان واستمر قبل ذلك ثلاثة أيام، وصل -طبقا لموقع "فرايتي" الأميركي- إلى نسبة صعود 3.2% مع وصول سعر السهم إلى 426.75 دولارا، ليصل السعر السوقي لنتفلكس إلى 187.3 مليار دولار، في حين انخفضت أسهم شركة ديزني بنسبة 2.5%، لتصبح القيمة السوقية الإجمالية لديزني 186.6 مليار دولار.
السعر الأعلى للسهم الواحد الخاص بشبكة نتفلكس تاريخيا كان يقدر بحوالي 418.97 دولارا، وقد كان ذلك في يوليو/تموز 2018، ماذا حدث إذن لتصعد قيمة نتفلكس بهذا الشكل؟
نسب المشاهدة الخاصة بنتفلكس خلال فترة وباء كورونا توفر الإجابة الشافية، فقد ارتفع عدد المشتركين في شبكة نتفلكس بمقدار 7.1 ملايين مشترك جديد فقط خلال الأشهر الثلاث الأولى من 2020، وعدد مشاهدات نتفلكس قد ارتفع أيضا وبشكل جنوني، حيث ارتفعت مشاهدات مارس/آذار 2020 بنسبة 109% مقارنة بمشاهدات الشهر نفسه العام الماضي.
|
الجميع يجلس في المنزل الآن، ونتفلكس توفر باقة متنوعة من الأفلام والمسلسلات والبرامج بمختلف اللغات ولمختلف الأعمار، هي دون منازع وسيلة الترفيه الأولى للمحتجزين في بيوتهم خلال الوباء العالمي.
تراجع ديزني
ديزني هي عملاق الإنتاج الفني في العالم خلال القرن الحادي والعشرين، فالشركة الضخمة قد استحوذت على إستوديوهات "فوكس للإنتاج السينمائي" (20th century Fox)، وإستوديوهات "مارفل" وإستوديوهات بيكسار، بالإضافة لما تملكه من إستوديوهات "والت ديزني"، يضاف لذلك منصة العرض عبر الإنترنت الجديدة "ديزني بلس"، وأيضا عدد من دور الملاهي والفنادق، وحتى السفن الترفيهية العملاقة.
رغم كل ذلك، أصبحت الشركة اليوم أقل قيمة من منصة إلكترونية للعرض عبر الإنترنت هي نتفلكس، السبب الرئيسي أن كل ما تملكه "ديزني" من إمكانيات أصبح معطلا، ودون قيمة الآن نتيجة وباء كورونا الذي أدي لإغلاق الفنادق والملاهي ودور السينما، وتوقفت أرباح كل مواردها.
كما توقفت قدرة "ديزني" على إطلاق أفلامها ذات الميزانيات الضخمة، التي تقوم بشكل رئيسي على الأبطال الخارقين، والتي كانت عادة ما تدر مئات الملايين من الدولارات.
أدت كورونا لتأجيل المرحلة الرابعة من أفلام عالم مارفل السينمائي، الذي يدر مليارات الدولارات سنويا لديزني، الآن لا يعلم أحد متي ستتاح الفرصة فعليا للفيلم المنتظر "بلاك ويدو" (Black Widow) من بطولة "سكارليت جوهانسون"، وبالتالي تأجل أيضا فيلم "الخالدون" (Eternals) من بطولة أنجلينا جولي.
الشيء الوحيد الذي يبقي "ديزني" في المنافسة حاليا هو منصتها الرقمية "ديزني بلس" التي وصل عدد مشتركيها عالميا وطبقا لموقع "فوربس" المالي المتخصص إلى ما يزيد على 50 مليون مشترك.
غير أن خسارة "ديزني" مؤقتة، فالإمكانيات متوفرة، وبمجرد انتهاء الأزمة وإعادة فتح الفنادق والملاهي ودور السينما ستعود الأرباح مرة أخرى، وسيرتفع سعر السهم، لكن لا أحد يمكنه الجزم متى سيحدث هذا، كما أن الشك يسكن نفوس المحللين الاقتصاديين أيضا حول شكل العالم في زمن ما بعد كورونا.