إثارة وغموض.. وثائقي "أسرار مقبرة سقارة" يكشف عن كنز الفراعنة المدفون منذ 4400 عام

مشهد من الفيلم الوثائقي "أسرار مقبرة سقارة" (مواقع التواصل)

تخيل أن تكون محظوظا لتشهد اكتشاف مقبرة أثرية أخفيت لأكثر من 4400 عام، لم تُلمس من قبل، ولم يُنهب منها شيء، وللمرة الأولى يصل إليها البشر، وتبدأ رحلة اكتشاف هذا الحدث التاريخي، الذي وُصف بأنه الأهم منذ 50 عاما، ولحسن الحظ أنه وُثق لحظة بلحظة في وثائقي جديد على شبكة نتفليكس بعنوان "أسرار مقبرة سقارة".

في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عثر فريق مصري على واحد من أكثر الاكتشافات إثارة وتعقيدا وأهمية في التاريخ المصري القديم، وهي مقبرة "بوباستيون" في منطقة سقارة، وتبعد مسافة أقل من نصف كيلو متر من الهرم المدرج بمحافظة الجيزة في مصر، ورغم مرور العديد من رحلات الاستكشاف على هذه المنطقة الأثرية، فإن هذه المقبرة لم يصل إليها أحد من قبل.

لغز "وحتي"

في مشهد البداية، يظهر أحد عمال فريق التنقيب ويدعى "غريب" أثناء عمله في مقبرة "بوباستيون"، عندما اكتشف تمثالا فريدا من نوعه لم يتمكن من التعرف عليه، فقام بالاستعانة بمشرفه في الفريق السيد حمادة، الذي تهلل وجهه لما رأى، وقال "الله الله، هذا شيء لم يحدث من قبل! إنها الإلهة أنثى الأسد يا غريب".

لم تكن هذه المفاجأة الأولى أو الأخيرة خلال هذه الرحلة التي استمرت شهورا، وبدأت منذ اكتشاف المقبرة ومحاولة الخبراء فك رموزها للوصول إلى مالكها الذي يدعى "وحتي" وأسرته، ثم الانتقال إلى حفر الآبار داخل المقبرة للبحث عن ضريحه وكشف قصته.

فبعد أن انتشرت أخبار اكتشاف المقبرة في جميع أنحاء العالم، ما زالت الصورة غير كاملة، ويحاول الفريق الموكل بهذه المهمة كشف المزيد في رحلته التي ملئت بلحظات من السعادة والتشويق والإثارة، والإحباط أحيانا، ثم يظهر اكتشاف جديد يعيد التحفيز إلى الفريق ليكمل مهمته التاريخية.

وبعد البحث الطويل عن هوية "وحتي" للتعرف على أسرته والبحث عن جثمانه لمعرفة الحقيقة وراءه؛ تبين أنه لم يكن شخصا عاديا، وأن وراءه الكثير من الألغاز، بداية من محاولته الشديدة لإثبات ملكيته للمقبرة بذكر اسمه على كل جزء من الجدران، ثم ببنائه 55 تمثالا لنفسه، وهو عدد هائل مقارنة بباقي الملوك ومقابرهم.

ولكن مع التعمق أكثر في قصته، واكتشاف ضريحه هو وأمه، وأولاده الذين تبين أنهم ماتوا في سن صغيرة، لم تكن قصة "وحتي" بهذه المثالية التي رسمها على جدران مقبرته، فقد أثر عليه موت أولاده، وظهر ذلك في نعشه البسيط جدا، على عكس باقي مظاهر الترف في الجزء العلوي للمقبرة.

كما تبين أنه ووالدته كانا مصابين بمرض فقر الدم، وفسرت الأستاذة في طب الروماتيزم بكلية الطب جامعة القاهرة أميرة شاهين، من خلال فحص عظامهما، أن سبب وفاتهما قد يكون إصابتهما بالملاريا، وفي حال كانت هذه الفرضية صحيحة، سيكون هذا اكتشافا آخر فريدا من نوعه لأول إصابة بالملاريا موثقة تاريخيا.

كنز مدفون

خلال موسم واحد فقط، وجد الفريق المصري في مقبرة "بوباستيون" أكثر من 3100 قطعة أثرية فريدة، تتضمن تماثيل وتوابيت حفظت لأكثر من 4000 عام، وظهرت من تحت التراب محتفظة بألوانها الزاهية، وعشرات الحيوانات المحنطة، التي تضمنت شبل أسد هو الأول من نوعه في تاريخ مصر القديم.

ويصف أستاذ علم المصريات محمد يوسف مقبرة سقارة خلال الوثائقي بأنها "فريدة من نوعها"، وأن "إيجاد هذه الألوان والنقوش والتماثيل في مقبرة خاصة شيء لم يظهر له مثيل من قبل في كل مصر، هذا شيء لا يصدق"، ووصفه أحد العاملين بقوله "عندما دخلت المقبرة كدت أفقد الوعي من الفرح".

تحتل "أسرار مقبرة سقارة" المرتبة الأولى في قائمة الأعلى مشاهدة في مصر على نتفليكس، وفي تصريح لمخرج الفيلم جيمس توفيل يقول "لقد كانت لحظات مثيرة للعالم كله، وامتلأ تصوير الفيلم بالمفاجآت المثيرة، كما أن العمل مع فريق مصري يتمتع بعلاقة عميقة مع أسلافه جعل المشروع أكثر تميزا".

المصدر : مواقع إلكترونية