بمعرض الدوحة للكتاب.. أمسية فنية تكريما لمؤسس الحركة الموسيقية في قطر
محمد الشياظمي-الدوحة
كان يرى أن وهج الأغنية لا ينطفئ ما دامت صادقة في كلماتها ولحنها وأدائها، فهي بالنسبة له مشروع متكامل وليست مجرد قصيدة، الملحن عبد العزيز ناصر العبيدان لم يكن اسما في الزحام، بل مؤسس الحركة الموسيقية في قطر، وملهم كثير من الأصوات في الوطن العربي.
بمعرض الدوحة الدولي للكتاب، أحيا لقاء فني ضم فنانين موسيقيين وأصدقاء يوم الأربعاء سيرة الفنان الراحل بتقديم مقامات من ألحانه وإبداعاته، إلى جانب ملامح بارزة من مسيرته الفنية التي انطلقت بتأسيس فرقة الأضواء، وهي الأول التي عنت بالموسيقى والمسرح معا، رفقة مجموعة من الشباب القطري عام 1966، ولم يكن يسيرا على أعضائها أن يرسخوا أسماءهم بسهولة سواء في قطر أو الخليج.
إلى القاهرة
حلم ناصر لم يتوقف، وهو الذي كان دائما يتطلع لدراسة الموسيقى وفق قواعدها العلمية، لم يكن يرى بين عينيه إلا القاهرة، وهي العامرة وقتذاك بكتاب الكلمات والمطربين والملحنين الكبار، ومهوى الفنانين الشباب من الوطن العربي. شد إليها الرحال، ولم يعد منها إلا بعد أن نال شهادة البكالوريوس بامتياز من المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة عام 1977.
وخلال الأمسية الفنية عزفت الفرقة الموسيقية بعض الأغاني التي لحنها ناصر، واشتهر بها فنانون في قطر والخليج، مثل أغنية "لأجلك فلسطين، يا قدس يا حبيبتي" كما تحدث صديقه ورفيقه بالدراسة في مصر الكاتب والإعلامي القطري أحمد عبد الملك عن مناقب ناصر، ومسيرته الفنية التي سطرها في كتاب أسماه "عبد العزيز ناصر.. رحلة الحب والوفاء".
واعتبر عبد الملك -في تصريح للجزيرة نت- أن ناصر تميز عن باقي الملحنين الذين عاصرهم لأنه درس الموسيقى رغم معارضة أهله، وتمكن من صقل موهبته في مجال التلحين، فقد كان يتمتع بموهبة وذوق رفيعين، إلى جانب ثقافة فنية راسخة.
إحياء التراث القطري
تمكن ناصر من أن تبعث الحياة في نصيب وافر من التراث المحكي في قطر، وتعامل مع مفرداته بذوق عال وأسبغ عليه لمسته الخاصة، دوّن موسيقاه ووثقها تسجيلا في استوديوهات القاهرة، مثل أغاني "أم الحنايا، العايدو، الكرنكعوه" كما أكسب الأغنية الوطنية نفسا جديدا، وهو ما تمثل في أغنية "الله يا عمري قطر" من كلمات عبد الله عبد الكريم الحمادي، وغناء الراحل محمد الساعي. وكذلك أغنية "عيشي يا قطر".
جمهور النقاد في قطر والخليج يشهدون لناصر بأنه كان ملحنا رفيعا له لمسة خاصة في تطويع الكلمات سواء كانت باللهجة المحلية أو بالعربية الفصحى، وألحانه الفنية تشهد بذلك، كما تبني عددا من المغنين الذين كانوا يتلمسون طريق بداياتهم الفنية، وفتح أمام كثيرين طريقا نحو الشهرة، ومن بينهم المطرب القطري علي عبد الستار.
لحن ناصر نشيد السلام الوطني القطري والعديد من الأغاني العربية الرومانسية وتلك التي لها رمزية إنسانية، مثل "آه بيروت" التي كتب كلماتها الشاعر نزار قباني، وغناها فنانون كثر، ولحن أغنية "أحبك يا قدس" من كلمات هارون هاشم رشيد، ثم أهدى ألحانه لفنانين من بلاد عربية مختلفة، مثل عليا التونسية وعبد الله الرويشد، ولطفي بوشناق، وأصالة وماجد المهندس.
حصل على جائزة الدولة التقديرية في مجال الموسيقى عام 2006، كما نال العديد من شهادات وأوسمة في مختلف المحافل المحلية والعربية، تقديرا لجهوده في خدمة الوطن وتطوير الأغنية القطرية، منها وسام التكريم من المجمع العربي للموسيقى عام 2013، وجائزة الأوبرا الذهبية الخاصة في حفل توزيع جوائز الأوسكار للأوبرا والغناء الكلاسيكي بالدوحة 2014.
وتقديرا لجهوده، تم إطلاق اسمه على مسرح الريان أكبر مسرح مغلق في قطر بسوق واقف تحت اسم مسرح عبد العزيز ناصر.
رحل فنان قطر والخليج والعرب عن دنيا الناس في يوليو/تموز 2016، وكان لوفاته وقع الصدمة على جمهوره والوسط الفني، وتركه خلفه إرثا موسيقيا وألحانا، أثرت الخزانة الفنية القطرية والخليجية والعربية.