في الذكرى الـ105 للحرب العالمية الأولى.. 7 أفلام أرّخت التحول الكبير
محمد السجيني
تحل هذه الأيام الذكرى الخامسة بعد المئة للحرب العالمية الأولى، ولأن السينما ابنة بيئتها تؤثر فيها وتتأثر بها، قدمت إلينا العديد من الأفلام التي تناولت الحرب بشكل أو بآخر، خصوصا أن الأفلام الحربية تلقى اهتماما واسعا من المشاهدين والنقاد على حد سواء، وهذا التقرير يستعرض سبعة من أهم الأفلام التي تناولت الحرب العالمية الأولى.
لورانس العرب
واحد من أشهر الأفلام في تاريخ السينما وأكثرها خلودا وتأثيرا، حل خامسا في قائمة معهد الفيلم الأميركي لأعظم 100 فيلم في 1998 وسابعا في القائمة نفسها عام 2007.
يروي الفيلم قصة الملازم الإنجليزي (لورانس) الذي كُلف بمهمة من قبل سلطات بريطانيا ليعاون العرب في حربهم ضد الخلافة العثمانية، الفيلم مقتبس من كتاب توماس لورانس (أعمدة الحكمة السبعة) الذي يروي فيه حياته في الجزيرة العربية أثناء الحرب العالمية الأولى، وعلاقته بالقبائل هناك.
ترشح الفيلم لعشر جوائز أوسكار فاز بسبعة منها، وتم منعه من العرض في بعض الدول العربية ظنا منهم أنه أساء تصويرهم، اجتمع عمر الشريف وقتها مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ليثبت له أن الفيلم لم يسئ تصوير العرب واقتنع عبد الناصر وسمح بعرضه.
"غاليبولي" (Gallipoli)
بميزانية قاربت ثلاثة ملايين دولار، قدم بيتر وير الفيلم الأسترالي الأكثر تكلفة في زمنه، يحكي فيه قصة عدائين وإرسالهم ضمن حملة غاليبولي للسيطرة على العاصمة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.
زيارة بيتر وير لأحد مواقع الحرب العالمية الأولى كانت إلهاما له، كان من المقرر أن يصور الفيلم الحملة كلها، لكن بدلا من ذلك قرر التركيز على عدد محدود من الشخصيات لإضفاء طابع إنساني على ملحمية الفيلم. الفيلم مبني على أحداث حقيقية لكن شخصياته كلها من وحي الخيال.
كل شيء هادئ على الجبهة الغربية
عن رواية للألماني إريك ماريا ريمارك، قدم لويس مايلستون هذا الفيلم محققا إنجازا غير مسبوق كأول فيلم يفوز بأوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج، يحكي فيه معاناة الجنود الألمان المدفوعين للحرب رغما عنهم، يصور مصائرهم والمعاناة التي واجهوها أثناء الحرب وعند عودتهم منها، ومحاولة التعايش مع الحياة العادية من جديد بعد كل التشوهات النفسية التي مروا بها.
واحد من أهم إنجازات أفلام الحروب وأكثر الأفلام الأميركية قسوة في زمنه، صنعه المخرج دون موسيقى تصويرية حتى لا يبتعد عن جدية موضوعه، لكن بعض دور العرض أضافت موسيقى من اختيارها حتى لا تخالف تقاليدها في العرض.
منع عرضه في إيطاليا حتى منتصف الخمسينيات، ومنعه الوزير النازي فيلهلم فريك من العرض لأنه رأى فيه تصويرا لجبن الألمان، بينما سمحت هيئة الرقابة في بولندا بعرضه لأنها رأت فيه فيلما مواليا لألمانيا.
الوهم الكبير (The Grand Illusion)
الفيلم الذي جعله النازي جوزيف غوبلز هدفا للتدمير فور دخوله فرنسا وفقد لسنوات عديدة قبل أن ينقذه الألماني المهتم بالأرشفة فرانك هانزل، يحكي فيه المخرج الفرنسي جان رينوار قصة طيارين فرنسيين يسقطان بطيارتهما في الأراضي الألمانية.
يساق الأرستقراطي دي بولدو والملازم ماريشال المنتمي للطبقة العاملة إلى مخيم أسرى حرب ويجتمعان مع ملازم يهودي ليبدؤوا رحلة للفرار. يصنف الفيلم ضمن الأفلام المناهضة للحروب (Anti-War)، ويعد رسالة عالمية عن وهم الحرب وهجائية مهمة لآثارها وقسوتها، احتفاء بالإنسان دون توجه عرقي أو ديني أو اجتماعي أو سياسي، وكل ذلك دون مشهد قتالي واحد.
دروب المجد (Paths of Glory)
يفشل هجوم فرنسي على حصن ألماني، تغضب القيادة الفرنسية وتلقي بالفشل على عاتق الجنود وجبنهم وعدم مواصلة التقدم نحو العدو، وتقرر إثر ذلك أن تعدم ثلاثة جنود اختارتهم عشوائيا، لكن العقيد داكس يدافع عنهم ويحاول إنقاذهم.
أخرج الفيلم ستانلي كيوبريك وهو في التاسعة والعشرين من عمره عن رواية لهمفري كوب، اشترى حقوقها من أرملته مقابل 10 آلاف دولار وتكلف الفيلم حوالي مليون دولار كان منها 300 ألف أجر كيرك دوغلاس.
بسبب رسالته المناهضة للحروب، منع في إسبانيا إبان الحكم الدكتاتوري للجنرال فرانكو، ولم يعرض إلا بعد وفاته بأحد عشر عاما.
الملكة الأفريقية (The African Queen)
الأوسكار الوحيد في مسيرة همفري بوغارت، يحكي أثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى قصة القبطان تشارلي الحاد الطباع الذي يتولى مهمة نقل الإمدادات إلى شرق أفريقيا على قاربه، يهجم الألمان على أفريقيا ويتعرض تشارلي للمخاطر بعد مقتل أحد القساوسة البريطانيين ويدفع ذلك السيدة البريطانية روز إلى الهرب مع تشارلي على متن قاربه، ويتطور الأمر إلى حالة من الإعجاب المتبادل بينهما في قالب مغامرات بلمسة كوميدية.
أهم ما يميز الفيلم هو تهميشه للرحلة المحفوفة بالمخاطر وأهوال الحرب، تتشكل علاقة حب بين تشارلي) وروز وينخفض إيقاع الحدث في مقابل قصة الحب، يعلن الفيلم موقفه الرافض للحرب من خلال تركيزه على قصة الحب وجعل الحرب خلفية لها.
الرقيب يورك (Sergeant York)
الفيلم المقتبس من السيرة الذاتية لإيلفن كولوم يورك يستعرض ذكريات أحد أشهر الأبطال الأميركيين خلال الحرب العالمية الأولى.
عرض المنتج جيسي لاسكي على يورك أن يسمح بصناعة فيلم عنه منذ عام 1919 لكنه رفض مرارا، لكن لاسكي أقنعه في النهاية بأن خطورة قيام حرب أخرى والواجب الوطني يحتمان على يورك الموافقة على صناعة فيلم دعائي، وافق يورك مقابل ثلاثة شروط، الأول أن تذهب حصته المالية لبناء مدرسة، الثاني أن الممثلة التي تقوم بدور زوجته يجب ألا تكون مدخنة، الثالث أن يقوم غاري كوبر بدور البطولة.
حقق الفيلم نجاحا واسعا في شباك التذاكر وأصبح أول فيلم على الإطلاق يترشح لعشرة جوائز أوسكار دون أن يفوز بجائزة أفضل فيلم.