كوميديا ساخرة وقضايا أخرى.. أفلام عربية بمهرجان كارلوفي فاري

بمهرجان كارلوفي فاري السينمائي
مهرجان كارلوفي فاري السينمائي يعد الأهم في أوروبا الشرقية والوسطى (مواقع التواصل)

أمل الجمل

من بين ستة أفلام عربية شاركت في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الرابع والخمسين، الذي اختتم فعالياته يوم أمس السبت، شاركت قطر في إنتاج فيلمين روائيين، الأول قادم من الجزائر بعنوان "بابيشا" مدته 106 دقائق، والثاني كوميديا ساخرة بعنوان "معجزة القديس غير المعروف".

عُرض "بابيشا" بقسم آفاق، للمخرجة مونيا ميدور في أول أعمالها الروائية الطويلة بعد مجموعة أفلام وثائقية وقصيرة، وتدور أحداثه في أواخر التسعينيات عندما كانت الجزائر لا تزال تعاني مما يعرف بسنوات العشرية السوداء.

بطلة الفيلم، الذي شاركت في إنتاجه أربع دول (فرنسا والجزائر وبلجيكا وقطر)، طالبة تبلغ من العمر 18 عاما تحلم بأن تكون مصممة أزياء، نراها مع زميلاتها وصديقاتها بالمدرسة الداخلية وهن مفعمات بالحيوية والبهجة، يرقصن ويغنين، ويمارسن السخرية اللاذعة في إطار من المنافسة والعصف الذهني.

تتحايل الفتيات على الحصار والانغلاق الذي يفرضه المتطرفون، ونرى مساعيهن لتحقيق الأحلام المرفوضة والموسومة "بالكفر والخطيئة من الإرهابيين"، ونرى كيف توغل "الإرهاب" ورجاله في كافة مناحي المجتمع وأركانه، بينما الفتيات لا يستسلمن للتهديدات، فيمارسن الهروب من الأسوار الشائكة، لكن الثمن سيكون باهظا.

فتسقط الأخت الكبرى للبطلة مقتولة بالرصاص أمام عينيها، ويتحول عرض الأزياء الذي حاربت من أجل إقامته إلى "مجزرة دموية على أيدي المتطرفين"، وستفقد فيه كثيرا من صديقاتها. 

أوهام القداسة
أما الفيلم الثاني "معجزة القديس غير المعروف" فينتمي للكوميديا الهزلية الساخرة التي تنتقد تابوهات مجتمعية وعادات وتقاليد يصعب الحديث عنها بشكل مباشر لكونها من الممنوعات.

وتدور أحداث الفيلم، الذي ينتمي لسينما المؤلف، في قرية مغربية بقلب الصحراء، ينطلق من قصة لص محترف ليُبحر في الحياة القاسية للعالم القروي، وذلك عبر سيناريو يعتمد في تفاصيله على الخيال الكوميدي الهزلي، ليسرد حكاية لص يدفن قدرا كبيرا من المال المسروق في مكان يتوهم أنه آمن بمنطقة صحراوية بعد أن بناه على شكل قبر، وذلك قبل أن يسقط في أيدي رجال الشرطة.

عندما يخرج اللص من خلف الأسوار يكتشف أن القبر الذي خبأ فيه المال المسروق قد تحول إلى ضريح يزوره العديد من المرضى طلبا للشفاء، وهنا تبدأ محاولاته لاستعادة ماله المسروق، الأمر الذي يعني نبش القبر.

وأثناء ذلك ستلتقط الكاميرا أشياء من الحياة اليومية القروية التي أنهكها الجفاف، في ظل أوضاع السكن والصحة والبنية التحتية المتردية، إلى أن يأتي رجل غاضب على الضريح ليُفجره.

آدم
يتناول فيلم "آدم" للمخرجة مريم توزاني، المنتج بأموال مغربية وفرنسية وصربية، لقطات جميلة شديدة الإنسانية لاثنتين من النساء الوحيدات، الأولى امرأة شابة حامل تركت أهلها، وصارت تطرق الأبواب بحثا عن عمل يعينها على الحياة حتى تُنجب وليدها، فقد اتخذت القرار أن تبيعه ثم تعود إلى أهلها لتحميهم من نظرة المجتمع والعار الذي سيلاحقهم لأنها أنجبت طفلا غير شرعي.

وفي طريق بحثها تطرق باب امرأة، تقوم بدورها القديرة لبنى أزابال، مات زوجها وتُربي ابنتها الوحيدة عن طريق صناعة فطائر الخبز اللذيذة.. في البداية تزجرها وتصدها لكن لاحقا يُفتح في قلبها باب للرحمة والتعاطف، أسهمت في فتحه بقوة ابنتها الطفلة المرحة والذكية. وخلال التفاصيل اليومية والعلاقة الإنسانية وشخصية المرأة الحامل المملوءة بالكرامة وعزة النفس وحب الحياة يبدأ معها كثير من ستائر الغموض المحيط بالمرأتين في التلاشي التدريجي.

ويكتمل مثلث المغرب العربي في المهرجان التشيكي بعرض الفيلم التونسي الفرنسي المشترك "طلامس" بقسم "وجهة نظر أخرى" من توقيع المخرج علاء الدين سليم الذي سبق عرضه أيضا في أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي. 

وينطلق الفيلم من أجواء مقاومة الإرهاب في الجبال، لكن عوضا عن مشاهدة الحرب بين الطرفين نرى الآثار النفسية على الجنود، إذ يبدأ العمل بانتحار أحدهم، ثم هروب الآخر الذي تتبعه سلسلة ملاحقات ومطاردات أمنية تخلو من الرحمة.

ويتمتع الفيلم بلغة سينمائية وجماليات في الإضاءة وزوايا التصوير وأحجام اللقطات خصوصا في نصفه الأول، لكن في النصف الثاني منه تبدو بعض مشاهده تجريبية، ويبدو كأنه أصبح فيلمين مختلفين، مثلما لا نفهم فجأة المبررات الدرامية للتحول في شخصية البطل وماذا يريد؟! ولماذا اختار المخرج أن يتم التحاور بينه وبين المرأة الشابة الحامل باللغة المكتوبة على حدقة العين فتلك الأسلوبية كسرت الحالة الفنية وسينمائية الفيلم. 

ويأتي الفيلم الخامس بإنتاج دانماركي، مع ذلك فموضوعه يتعلق بالمهاجرين العرب في الدانمارك، كما أن المخرج علا سليم عراقي دانماركي. ويتناول العنصرية ضد المهاجرين العرب والحرب والكراهية المتبادلة بين الطرفين، ورغم مهارة المخرج في ضبط الزمن النفسي للشخصيات وإضفاء جو سينمائي على فيلمه فإنه لا يخلو من المبالغة الميلودرامية والخطوط التقليدية في السرد. 

وشاركت الأفلام الخمسة السابقة خارج المنافسة ضمن نحو مئتي فيلم بالأقسام المختلفة بالمهرجان التشيكي الذي يُعتبر الأهم في أوروبا الشرقية والوسطى.

أما الفيلم السادس "آخر زيارة" للمخرج السعودي عبد المحسن الضبعان فهو الفيلم العربي الوحيد الذي شارك بمسابقة "شرق الغرب" بين اثني عشر فيلما -وإن خرج من دون جوائز- ويتناول علاقة يشوبها التوتر وفجوة عميقة في التواصل الإنساني بين أب وحيد وابنه المراهق، ويشهد غيابا تاما للنساء، فيما يبدو على الجهة المقابلة للتغيرات الاجتماعية والانفتاح الشديد الذي تشهده السعودية. 

المصدر : الجزيرة

إعلان