"آيس كريم العودة".. فنّ يوثق مجزرة "الجمعة السوداء" على رفح

علا موسى-غزة
كانت الساعة الحادية عشرة صباحا من يوم الجمعة الأول من أغسطس/آب 2014، عندما انقلب المشهد في مدينة رفح، من هدوء نسبي إلى أصوات الصواريخ وصراخ الناس والأطفال.
ذلك كان أحد فصول العدوان الإسرائيلي على غزة والذي خلف قصصا إنسانية مؤلمة، كان أشدها مأسوية الأطفال الشهداء السبعة الذين لم يجدوا لهم مكانا في ثلاجات الموتى، ووضعت جثامينهم في ثلاجات المرطبات والمثلجات.
الفن.. أرشيف المجزرة
لا تزال الفنانة التشكيلية دعاء قشطة (27 عاما) تعيش صدمة الحادثة التي رأتها أمام عينيها في مدينتها التي تعرضت لمجزرة "الجمعة السوداء"، لكنها بعد مرور أربعة أعوام على المجزرة قررت أن تقدم عملا فنيا يجسد هذه المجزرة، ليرى العالم كيف تناقضت المشاهد ووضع الأطفال في مكان يحبونه، وهو برادات المثلجات.
جسدت قشطة عملا فنيا عبر مجسمات تبدو للوهلة الأولى أنها مثلجات، لكنها منحوتات فنية استخدمت أدوات شمعية وعجينة من مواد مختلفة وبألوان منوعة، لتخرج مجسمات تحمل شكل المثلجات بأنواعها المختلفة، وتضع عليها أشكال الأطفال الشهداء السبعة وهم في أكفانهم.

بدأت قشطة إنتاج المشروع بعد حصولها على منحة من مؤسسة محسن القطان الثقافية والتربوية في شهر أغسطس/آب الماضي، وركزت على عمل فني يتحدث عن ثلاجة عليها لافتة "آيس كريم العودة" فيها سبعة شهداء أطفال، وكيف أنهم يحبون هذه الثلاجة، ولكنهم وضعوا فيها قبل أن يشاهدوها.
تقول قشطة "المجزرة من الأحداث الصادمة بالنسبة لي، ثلاجة للآيس كريم بدلا من أن يقبلوا عليها لشراء ما بداخلها، يدخلوا هم فيها".
تضيف قشطة "في أغسطس/آب العام وخلال ذكرى العدوان الإسرائيلي الرابع على غزة، قررت سرد الحدث بطريقة فنية، لأن الإعلام لم يولِ هذا المشهد الصادم أهمية، وكان العمل عبارة عن مجسمات آيسكريم (مثلجات) منوعة تجسد صور الأطفال على كل قطعة".

مقاومة نائمة
المدير الفني لمركز "محترف شبابيك للفن التشكيلي المعاصر" شريف سرحان يرى أن العمل الفني لقشطة استطاع أن يصل بين جمالية المثلجات كشكل يحبه جميع الناس وبين مجزرة بشعة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال.
يقول سرحان "هذا العمل الفني يأخذ المشاهد إلى عمق المشهد، فقد نجحت قشطة في ربط طبيعة الخامات الهشة المستخدمة في العمل والبعد الإنساني في القضية وهم الأطفال أصحاب الأجساد الهشة، وهذا يعتبر مقاومة نائمة بشكل مبتكر تؤثر على المشاهدين".
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي خلّف أكثر من 140 شهيدا وآلاف الجرحى كما يفيد المركز الفلسطيني للإعلام، خلال مجزرة رفح التي أطلق عليها مجزرة "الجمعة السوداء".
أما الشهداء الأطفال السبعة فهم: ماريا أبو جزر (عام واحد)، وشقيقها فراس أبو جزر (ثلاثة أعوام)، ومصطفى الغول (شهر واحد)، وشقيقته ملك الغول (ستة أعوام)، ولما عبد الوهاب (عشرة أعوام)، ومحمد عبد الوهاب (أقل من شهر)، وخالد زعرب (ثمانية أعوام).