الملك.. اشتعال حرب المئة عام بين إنجلترا وفرنسا على نتفليكس

the king
تصميم المعارك الضخمة التي يتورط فيها الملك هنري الخامس وهو شاب صغير يعتبر نقطة تميز الفيلم الأهم (مواقع التواصل)

حسام فهمي 

بدأ منذ أيام قليلة عرض الفيلم الإنجليزي المنتظر "الملك" (The King) في دور العرض السينمائي، وكذلك عبر شبكة نتفليكس في التوقيت ذاته. 

لا يكتسب الفيلم أهميته لكونه فقط أحد أكبر إنتاجات نتفلكيس في هذا العام، بمشاركة نجوم بحجم تيموثي شالاميت وروبرت باتينسون، ولكن لأنه أيضا يدور حول قصة صعود الملك هنري الخامس لعرش إنجلترا، وهو الرجل الذي قاد إحدى أبرز معارك حرب المئة عام بين إنجلترا وفرنسا. 

هل نحن أمام فيلم حربي يؤرخ لمرحلة تصاعد النزعة القومية في أوروبا في القرون الوسطى إذًا، أم أن للأمر مغزى آخر؟

معارك ضخمة
نقطة التميز الأهم في هذا الفيلم هي تصميم المعارك الضخمة التي يتورط فيها الملك هنري الخامس وهو شاب صغير، بداية من المعارك ضد المتمردين في ويلز، وصولا إلى المعركة الكبرى التي تجمعه بالجيش الفرنسي في مدينة "أجينكور" الفرنسية. 

هنا يبدو تميز المخرج الأسترالي ديفيد ميشود صاحب أفلام "مملكة الحيوان" (The Animal Kingdom) الذي تم ترشيحه لجائزة أوسكار في عام 2010، بالإضافة إلى الفيلم الحربي "آلة الحرب" (War Machine) في عام 2017.

التجديد هنا أن ديفيد ميشود ينتقل من رؤية ساخرة تماما للحرب في فيلمه السابق إلى صورة شديدة الجدية والواقعية عن الحرب في فيلم "الملك"، وعلى الرغم من أن الفيلم يدور عن قصة صعود الملك هنري الخامس فإننا نشاهد مشاهد الحرب بشكل كبير من خلال وجهة نظر الجنود في أرض المعركة، وهو ما يتماشى بالطبع مع حروب القرون الوسطى، حيث القتال بالسيوف وعلى ظهر الخيول، مما لا يمنح رفاهية الفصل بين القادة والجنود، الكل واحد في أرض المعركة.

مرحلة النضوج
على جانب آخر وبالنظر إلى المستوى التمثيلي، فإن هذا الفيلم يكتسب أهمية خاصة كونه يمثل مرحلة النضوج لأبطاله تيموثي شالاميت الذي تم ترشيحه لجائزة الأوسكار في فئة أفضل ممثل في دور رئيسي في عام 2017 من خلال فيلمه "نادِني باسمك" (Call me by your nam)، وهو الفيلم الذي وضع شالاميت في حيز أدوار الفتى المراهق صاحب الأداء الرومانسي، وهو ما يحاول الهرب منه في هذا الفيلم الحربي.

وبالإضافة إلى شالاميت يظهر أمامه في دور الأمير الفرنسي غريب الأطوار الممثل البريطاني روبرت باتينسون صاحب دور البطولة في سلسلة "توايلايت" الشهيرة، وهي السلسلة التي حصرت باتينسون في أدوار المراهقين الرومانسية أيضا، وهو ما يحاول باتيسنون الهرب منه منذ ذلك الحين، وهكذا انتقل إلى حيز مختلف تماما من الأدوار، يبدو أن هذا الدور أحدها.

المحصلة النهائية لما نشاهده في هذا الفيلم إذًا هي نجاح جزئي لشالاميت في الظهور بشكل جديد، كفتى صلب ومقاتل يصعب الاستهانة به، لكنه سيظل يعاني من أزمة أخرى، ألا وهي مواصفاته الجسدية والشكلية التي لا بد له أن يحاول تطويرها وتغييرها إن أراد أن يصبح في مرتبة المجسدين المتميزين في هوليود، وهي المرتبة التي يقع فيها حاليا ممثلون على شاكلة خواكين فينكس وكريستيان بيل.


لا للحرب
رغم أن الفيلم يدور في النطاق الزمني الخاص بصعود النزعة القومية في أوروبا الغربية، وهي الفترة التي اشتعلت فيها حرب المئة عام بين اثنين من أكبر ممالك أوروبا، فرنسا وبريطانيا، فإنه يبدو في قلب كل ذلك معارضا لهذا الفكر الشوفيني الاستعماري الذي راحت ضحيته آلاف من الأرواح التي لم يكن أمامها خيار سوى طاعة القادة.

يظهر الفيلم أيضا الملك هنري الخامس -وهو أحد أشهر القادة الحربيين في تاريخ إنجلترا- كشاب رافض لإرث الحرب الذي تركه له والده، وأن ما قاده لمعركة "أجينكور" التي خلقت شهرته التاريخية ما هو إلا مكيدة وخدعه تعرض لها البلاط الملكي وهيئت له أن الفرنسيين مقبلون على اغتياله.

فيلم "الملك" إذًا فيلم حربي ولكنه مضاد للحرب، يركز صناعه بقدر كبير على إظهار القتلى الغارقين في الدماء المختلطة بتراب أرض المعركة، ويقل فيه الشعور بالزهو المبني على انتصارات حربية توسعية، يبدو الفيلم مناسبا للغاية إذًا للوقت الحالي الذي تهرب فيه "إنجلترا" من الوحدة الأوروبية عبر اتفاقية بريكست، ليذكر الإنجليز خصوصا والأوروبيين عموما بأن النزعة القومية ليست هي المنقذ.

المصدر : الجزيرة