واشنطن: دمشق بدأت تشعر بالعقوبات
اعتبرت الولايات المتحدة أن النظام السوري بدأ يشعر بتأثير العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة عليه بسبب ما وصفته بقمعه الدموي، في وقت استبعد فيه وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ خيار التدخل العسكري، مفضلا عليه تعزيز الضغوط الدولية على النظام ليوقف قمعه الدامي للمظاهرات.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند "تلقينا معلومات وتقارير من السفارة الأميركية حول تأثير العقوبات على الوضع المالي للنظام السوري، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن عدد الضباط الفارين من الجيش السوري في ازدياد.
وأضافت أن الهدف الأساسي من العقوبات هو وقف تدفق الأموال التي يستعملها النظام لتمويل تمرده المسلح على شعبه، مشيرة إلى أن الهدف كذلك هو جعل الذين يواصلون دعم الرئيس بشار الأسد وتكتيكه يفكرون مرتين إن كانوا في الجانب الصحيح من التاريخ في سوريا.
وأوضحت أنه إذا كانت العقوبات قد بدأت تؤثر على النظام، فإن الولايات المتحدة وأوروبا تنتظران دائما انضمام المزيد من الدول إلى الضغوط التي يفرضونها على سوريا.
وحثت المتحدثة الأميركية الدول التي تواصل بيع أسلحة لسوريا على وقف ذلك لأنها تستعمله ضد شعبها، واعتبرت أن قمع المحتجين "تحركات يائسة ينفذها نظام يائس".
وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أولى العقوبات الاقتصادية ضد النظام السوري وقياداته في أبريل/نيسان الماضي. وقد زاد الطرفان من شدة هذه الإجراءات منذ ذلك الوقت.
وفي أغسطس/آب الماضي، أعلنت المجموعة الروسية روزوبورونيكسبورت أنها تواصل شحن الأسلحة إلى سوريا في ظل عدم وجود أي حظر دولي.
تدخل عسكري
تصريحات المتحدثة الأميركية تزامنت مع دعوة عبد الحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري إلى التدخل عسكريا في سوريا لوقف ما أسماه المذابح التي ترتكبها آلة الحرب التابعة لنظام الأسد.
وقال خدام (79 عاما) في مؤتمر صحفي بالعاصمة الفرنسية باريس الاثنين إن "الشعب السوري لن يقف مكتوف الأيدي أمام العنف الذي سيدفعه إلى حمل السلاح للدفاع عن نفسه"، مشيرا إلى أنه لا يدعو أحدا إلى حمل السلاح.
وطالب المسؤول السوري السابق الذي انقلب على النظام عام 2005 ويعيش منذ ذلك الحين في فرنسا، بتدخل عسكري للمجتمع الدولي على غرار ما حدث في ليبيا.
واعتبر أن الأحداث التي تشهدها بلاده أصابت الرئيس السوري بالجنون، متوقعا له مصير العقيد الليبي الراحل معمر القذافي الذي قتل عقب أسره يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ودعا خدام الدول العربية إلى "تحمل مسؤولياتها في مساعدة أشقائها في سوريا"، وأضاف "على الأمم المتحدة والحكومات الأجنبية الآن اتخاذ إجراءات جادة لوقف آلة الحرب السورية".
كما اتهم روسيا والصين اللتين استخدمتا حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن لمنع اتخاذ إجراءات محددة ضد نظام الأسد، بالخضوع لضغوط إيران التي لديهما فيها مصالح مهمة.
وكان خدام قد شارك يومي السبت والأحد بباريس في اجتماع تأسيسي للهيئة الوطنية لدعم الثورة السورية التي تريد العمل على توحيد المعارضة السورية المشتتة، وفقا لرئيسها التنفيذي المؤقت طلال القرقوي.
استبعاد
بالمقابل قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إنه لا يعتقد بأن الرد على أفعال النظام السوري سيكون بتدخل عسكري من الخارج، معتبرا أن الوضع في سوريا "أكثر تعقيدا" مما كان عليه في ليبيا قبل تدخل الحلف الأطلسي. وأكد أنه يعتقد بضرورة ممارسة ضغط دولي أقوى على نظام الأسد.
ووصف هيغ في تصريح صحفي الاثنين في ستراسبورغ حيث تولى رئاسة لجنة وزراء مجلس أوروبا، أعمال القمع التي يقوم بها النظام السوري بأنها "غير مقبولة على الإطلاق"، رغم موافقته على خطة عربية للخروج من الأزمة.
وبشأن العقوبات التي يطبقها الاتحاد الأوروبي حاليا، اعتبر هيغ أنه يتعين التفكير في عقوبات إضافية في الأيام المقبلة.
من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن بلاده ستتشاور مع شركائها في الأمم المتحدة بشأن النداء الذي وجهته المعارضة السورية لتوفير حماية دولية لأهالي مدينة حمص.
وأضاف جوبيه للصحفيين ردا على سؤال في هذا الصدد، "استمعنا إلى الدعوات التي أطلقتها المعارضة السورية.. سننظر في ذلك بتشاور وثيق مع جميع شركائنا في مجلس الأمن"، مؤكدا أن "طريقة تصرف النظام غير مقبولة ولا يمكننا أن نثق فيه".
وكان المجلس الوطني السوري قد دعا في وقت سابق الاثنين إلى إعلان حمص "مدينة منكوبة"، مطالبا بتوفير "الحماية الدولية" لسكانها.
اتهام لأميركا
من جانب آخر أعلنت جامعة الدول العربية أن أمينها العام نبيل العربي تلقى رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم تتهم الولايات المتحدة بالتورّط في الأحداث التي تشهدها سوريا حالياً.
وقال بيان صادر عن الأمانة العامة للجامعة الاثنين إن المعلم طلب من الجامعة العربية والدول الأعضاء واللجنة الوزارية المعنية بالأزمة السورية أخذ العلم بالتورط الأميركي في الأحداث التي تشهدها سوريا.
وأشارت الأمانة العامة للجامعة إلى أن الرسالة موجهة إلى أعضاء اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا بشأن رد دمشق على تصريح الناطقة باسم الخارجية الأميركية الصادر يوم الجمعة الماضي والذي يدعو المسلحين إلى عدم تسليم أسلحتهم إلى السلطات السورية.
وأضافت أن المعلم طلب من رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية العربية "أخذ العلم بتورط الولايات المتحدة الفعلي في الأحداث الدامية بسوريا، وإدانة هذا التورط وفعل كل ما يلزم لوضع حد له، ومساعدة سوريا على توفير البيئة المناسبة من أجل تنفيذ اتفاق حل الأزمة".
وأشارت الأمانة العامة إلى أن العربي عمم هذه الرسالة على وزراء الخارجية العرب للنظر في ما جاء فيها.