سبتة ومليلية بين استعمار إسبانيا وأخطاء المغرب
الحسن السرات-الرباط
أعادت زيارة للملك الإسباني خوان كارلوس لمدينتي سبتة ومليلية المغربيتين الجدل بشأن التاريخ الطويل للاستعمارين البرتغالي والإسباني اللذين تناوبا عليهما منذ خمسة قرون، كما أثارت الأخطاء والمسؤوليات التي يتحملها المغرب في إدارة الصراع واسترجاع مدينتيه.
حملات صليبية
حسب المؤرخ المغربي حكيم بنعزوز، يرجع استعمار سبتة إلى سنة 1415 على يد البرتغال التي كانت تشن حروبا صليبية على الوجود العربي المغربي الإسلامي بالأندلس.
وكشف بنعزوز للجزيرة نت أن المغرب تعرض لـ18 حملة صليبية برتغالية و18 حملة صليبية إسبانية.
وأوضح أن سبتة انتقلت للاستعمار الإسباني بعد هزيمة البرتغاليين في معركة وادي المخازن الشهيرة التي توفي فيها الإمبراطور البرتغالي سيباستيان.
وكان سيباستيان آنذاك عزبا فطالب قريبه الإسباني بميراثه من المستعمرات فخضعت سبتة للملك الإسباني لكن بحامية برتغالية. وهكذا ظلت سبتة تحت حكم البرتغال بملك إسباني منذ سنة 1640.
أما مدينة مليلية فلها قصة أخرى -حسب المؤرخ المغربي- وهي أن أحد الرجال الإقطاعيين الإسبان الذي كان ينظم حملات لأميركا، أخبر بوجود مدينة مغربية هجرها المغاربة فتوجه نحوها واحتلها يوم 19 يوليو/تموز 1467، ثم احتفظ بها حتى سلمها سنة 1553 للتاج الإسباني. وتعرضت بدورها لحوالي 105 مرات لحصار مغربي.
أخطاء المغرب
ويؤكد المؤرخ المغربي أن الحكومات المغربية المتعاقبة أثناء الاستعمار وبعده ارتكبت مجموعة من الأخطاء القاتلة.
وذكر منها أن المغرب لم يقدم تحفظه للجنة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة مثلما فعلت إسبانيا حين قدمت تحفظها ضد إنجلترا التي احتفظت بصخرة جبل طارق مستعمرة إلى الآن.
مشيرا إلى أن الحركة الوطنية المغربية المطالبة بالاستقلال كانت أكثر تقدما من الحكومة المغربية إذ إنها طالبت باسترجاع المدينتين أثناء فترة الاستعمار الفرنسي والإسباني للمغرب.
" الملك الإسباني ليس مخيرا، بل هو ملزم بتنفيذ الزيارة استجابة لطلب الحكومة الاشتراكية الحالية التي تسعى إلى كسب أصوات الناخبين في سبتة ومليلية وإسبانيا " محمد حامد علي |
مغربية سبتة ومليلية
ويقول رئيس جمعية مسلمي سبتة ومليلية محمد حامد علي للجزيرة نت إن الملك الإسباني ليس مخيرا، بل هو ملزم بتنفيذ الزيارة المثيرة للجدل، استجابة لطلب الحكومة الاشتراكية الحالية في مدريد التي تسعى إلى كسب أصوات الناخبين في سبتة ومليلية وإسبانيا نظرا لاقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية المقررة مطلع العام المقبل.
ويضيف محمد حامد أن الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا حاول كسب مقاعد جديدة في الانتخابات السابقة إذ إن مقاعده لا تتجاوز خمسة في مقابل 19 مقعدا لمنافسه الشعبي الذي يسيطر على المدينتين.
وتعتبر جمعية مسلمي سبتة ومليلية والجماعة الإسلامية من الهيئات المغربية التي لا ترغب فيها السلطات الإسبانية الحالية في المدينتين.
وكشف رئيس الجمعية أن السلطات الإسبانية تبذل الأموال لشراء ولاء الجمعيات والمنظمات المغربية بالمدينتين غير أنها لم تستطع أن تخترق جمعية مسلمي سبتة ومليلية نظرا لمواقفها المؤيدة لعودة المدينتين إلى السيادة المغربية.
وأشار محمد حامد إلى المضايقات التي تعرض لها العام الماضي بسبب مواقفه واعتباره شخصا غير مرغوب فيه وتقديمه للمحاكمة مرتين بتهمة الخيانة العظمى، إلا أن المحكمة الابتدائية بسبتة حكمت بعدم الاختصاص، ثم سكتت المحكمة الرئيسية بمدريد.
كما كشف أن مكسيم داقال -المستشار القانوني لرئيس الحكومة الحالي خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو والسفير السابق في غواتيمالا- له كتاب يعترف فيه بمغربية سبتة ومليلية، وضرورة التفاوض مع المغرب بشأنهما.