تصاعد الأزمة العراقية وخطورة تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية
كما كان متوقعا، كلما تم تسخين أجواء الحرب على العراق واقتراب ما تسميه الإدارة الأميركية ساعة الصفر، تراجع اهتمام وسائل الإعلام العالمية بمجريات الأحداث على الساحة الفلسطينية، الأمر الذي يعزز احتمال استغلاله من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لتسريع تنفيذ مخططاته وتطبيق تصوراته على الأرض.
فبخلاف عشرات القتلى والجرحى الذين سقطوا، وزيادة وتيرة عمليات هدم المنازل أثناء التوغلات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية في الضفة وغزة، وتقسيم قطاع غزة إلى ثلاث مناطق في محاولة لبسط السيطرة الأمنية الإسرائيلية.. بخلاف هذا كله كان أخطر القرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية في الأيام القليلة الماضية استجلاب 20 ألفا من يهود الفلاشا من إثيوبيا وإعلان عزمها إنهاء ترتيبات استجلاب آلاف آخرين منهم في الأسابيع القادمة.
مر هذا الحدث على وسائل الإعلام دون أن يأخذ ما يستحق من عرض وتحليل، ولو أن التوقيت جاء في غير أجواء الحرب التي تنعق غربانها في سماء المنطقة لتصدر مثل هذا الخبر نشرات الأخبار العربية والعالمية، الأمر الذي يعكس في المحصلة النهائية الخلل والاضطراب في أجندة وسائل الإعلام التي تلهث وراء الأزمة العراقية التي هي دون شك الحدث الأكثر سخونة على الساحة حاليا.
وبعيدا عن القول إن كان هذا الخلل في أولويات أجندة وسائل الإعلام العربية والعالمية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية مقصودا أو غير مقصود، فإن ذلك كله يصب في مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون حيث إنه لن يجد أفضل من هذا التوقيت الذي ربما لن يتكرر فيما تبقى له من حياته السياسية لتنفيذ أو تسريع أي مرحلة من خططه المعدة سلفا لحل القضية الفلسطينية على الطريقة التي يتصورها. فالشارع العربي منشغل ذهنيا ووجدانيا بنذر بركان قادم يوشك أن ينفجر في العراق وتشمل حممه بلدانا أخرى، والأنظمة العربية في حالة من الارتباك والعجز والانقسامات الحادة إزاء طرق حل الأزمة العراقية، كل هذا في ظل وجود حشود عسكرية أميركية وبريطانية على مرمى حجر من عواصم أغلب الدول العربية ذات الثقل، وغطاء سياسي دولي توفره إدارة أميركية يمينية مسيحية متشددة، الأمر الذي يرجح رؤية تفاعلات جديدة خطيرة على مسار القضية الفلسطينية في الأشهر القليلة القادمة.
________________
قسم البحوث والدراسات، الجزيرة نت.