الهضيبي: بسبب القيود الأمنية لا نملك للعراق غير الدعم المعنوي

*حاوره/ محمد عبد العاطي


undefined

طالب مرشد حركة الإخوان المسلمين محمد مأمون الهضيبي بعقد قمة عربية ترفض الحرب على العراق. وعزا الهضيبي في حواره مع الجزيرة نت سبب ضعف الشارع الشعبي العربي إلى الحصار المفروض من الحكام على التحركات الشعبية.


undefinedهل لديكم مقترحات عملية محددة يمكن للعرب بحالتهم الراهنة تنفيذها -وليس شعارات أو مطالب عامة كثيرا ما استمع الشارع العربي إليها- تقدمونها للقمة القادمة لكي تنجح في حل الأزمة العراقية سلميا كما أعلنت؟

الحال التي تعيشها الأمة اليوم والواقع المرير الذي يخيم على الوطن الممتد من المحيط إلى المحيط، إنما يعود في أغلب أسبابه وعوامله لسياسات وتصرفات قادته وسياساتهم إزاء شعوبهم.. وإزاء بعضهم البعض وإزاء الأجنبي الغريب، هي سبب البلاء، وليس ثمة سبيل إلى تغيير الحال والواقع إلا بتغيير ما بالأنفس مصداقا لقوله عز وجل "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". وحكامنا مطالبون بإجراء هذا التغيير، ونحن وكل القوى الشعبية والوطنية وكافة المهمومين بهموم الواقع والحال نبذل ما نستطيع من أجل هذا التغيير من خلال الكلمة والنصح والتربية وإحياء وبعث وتحريك القيم وجمع الصف والكلمة.

أنتم تطالبون بتقديم اقتراحات.. والحال كما ترون وتعيشون يوجب نهوض الجميع بواجبهم على مختلف الساحات والمجالات، وهو دون شك يتطلب منكم دورا حاسما في المطالبة بهذا التغيير كموقع إعلامي ينتظر فيه كثيرون هذا الدور الفاعل الصريح الجريء لما له من تأثير. ورغم أن حقنا في كافة وسائل الإعلام مصادر.. كسبيل لفرض الحصار على الحركة والدور، فإن ذلك لا يحول دون قيامنا بكل ما نستطيع على ساحة التغيير المطلوب.. وعلى ساحة نصرة شعب العراق ضد العدوان الأميركي.

لقد طالبنا وسنظل نطالب بقمة عربية لها إرادتها وقرارها تعلن رفضها لأي عدوان أميركي على العراق أو غير العراق.. وتبدأ في ترتيب البيت العربي.. بإطلاق الحريات للشعوب والنزول على حقها في المشاركة والقرار، وإزالة ما بين الحكام وبينها من جفوة، وأيضا إزالة ما بين الحكام والحكام من خلافات والالتزام بشرع الله وسنة رسوله لتوحيد كلمة الأمة على الحق، وتوحيد وتجميع إمكاناتها وطاقاتها لمواجهة صارت مفروضة على الحكام والشعوب تحت راية الجهاد، ولمواجهة هجمة أميركية تستهدف الحكام والشعوب والأوطان والعقيدة والهوية والأصالة بل وجود الأمة ودورها.


نطالب بقمة عاجلة تسمو فوق الخلافات وترتفع فوق المصالح الخاصة وتتجرد لصالح الأمة، تقول لا للعدوان الأميركي الذي يتربص الدوائر بشعب العراق وغير شعب العراق، ولا للعدوان الصهيوني الوحشي الذي يسعى لالتهام كل فلسطين وما حول فلسطين

نحن نطالب بقمة عاجلة تسمو فوق الخلافات وترتفع فوق المصالح الخاصة وتتجرد لصالح الأمة، تقول لا للعدوان الأميركي الذي يتربص الدوائر بشعب العراق وغير شعب العراق، ولا للعدوان الصهيوني الوحشي الذي يسعى لالتهام كل فلسطين وما حول فلسطين ومصادرة حق الشعب الفلسطيني في حريته وأمنه ووطنه ودياره.. قمة تجند وتحشد كل طاقات وإمكانات وأوراق الأمة في رد وقهر العدوان، خاصة والأمة تملك الإمكانات والطاقات الكفيلة بأداء هذا الدور.

إن مواجهة العدوان المرتقب تحتاج إلى التضحية والبذل، والأمة لديها الاستعداد للتضحية والبذل إذا صدقت النيات واستقامت التوجهات على مستوى القيادات رغم انعقاد قمة هي أكثر من ضرورية وحتمية تعبر في صدق عن توجه الأمة وإرادتها، وتنهض بكل ما يتطلبه الموقف من إعادة ترتيب للبيت وإعداد للساحة الداخلية بالفعل والعمل وفي إطار سياسة موضوعية تتحرك في ضوئها وإطارها أجهزة الإعلام والتعليم والاقتصاد.. والسلاح.. لتكون الأمة حكاما وشعوبا على مستوى الموقف.

undefined

ماذا قدمت جماعتكم بالتحديد للأزمة العراقية الراهنة؟ وهل أنتم راضون عن مستوى تعاملكم مع هذه الأزمة؟ وهل تعتقدون بالفعل أن القيود التي تفرضها الحكومات العربية على تحرككم وتحريككم للشارع العربي مبرر كاف لمستوى تعاملكم هذا، خاصة في ظل هذا المنعطف التاريخي الحاسم الذي تمر به الأمة العربية والإسلامية؟

أما ماذا قدمت جماعة الإخوان للأزمة العراقية الراهنة فهو يواجه بأكثر من تساؤل يتطلب منكم ومن غيركم التعامل معه على أكثر من ساحة.. ومع أكثر من جهة.

إذا كان المقصود هو التساؤل عن دعم عسكري يقدم للعراق فلسنا دولة تملك الجيوش والسلاح، ولا نحسب أنه يغيب عنكم أن العون والعمل العسكري هما مهمة الجيوش والحكام. وأما العون المادي فهو أيضا مهمة الحكومات كما هو من واجب الشعوب، فإن هناك قوانين قد صدرت تجرم جمع التبرعات لدعم الشعوب في مواجهة أزماتها وكوارثها.. كما أن هناك قوانين ومحاكم استثنائية تجرم تقديم سلاح للانتفاضة الفلسطينية المحتلة أو لأي شعب عربي مسلم يتعرض لمحنة أو كارثة، وقد كانت ومازالت هناك محاكمات في أكثر من بلد عربي صدرت فيها أحكام بالإعدام وبالسجن بحق محاولات لتقديم ولو قطعة سلاح أو عون مالي للمحاصرين العزل الأبرياء.. محاكم استثنائية بسبب تقديم الغوث والعون للمحتاجين.


هناك قوانين قد صدرت تجرم جمع التبرعات لدعم الشعوب في مواجهة أزماتها وكوارثها.. كما أن هناك قوانين ومحاكم استثنائية تجرم تقديم سلاح للانتفاضة الفلسطينية المحتلة أو لأي شعب عربي مسلم يتعرض لمحنة أو كارثة، وقد كانت ومازالت هناك محاكمات في أكثر من بلد عربي صدرت فيها أحكام بالإعدام وبالسجن بحق محاولات لتقديم ولو قطعة سلاح أو عون مالي للمحاصرين العزل الأبرياء.. محاكم استثنائية بسبب تقديم الغوث والعون للمحتاجين

وأما إذا كان التساؤل عن العون الأدبي والمعنوي والسياسي، فقد شاركنا ونشارك ودعونا وندعو مع كل القوى الشعبية على الساحة العربية لدعم شعب العراق ورفض العدوان الأميركي، وطالبنا ونطالب الحكومات بالمؤتمرات والمسيرات برفض العدوان ودعم الشعب العراقي، رغم أن هذا الدعم يتعرض لجميع أنواع الحصار والضغوط والتهديد الأمني، ويكفي أن يكون هناك تجمع شعبي ربما لا يزيد عن المئات في إحدى المدن ليحاصر بعشرات الألوف من أفراد الأمن المدججين بالسلاح ويحولوا دون الحركة ودون مشاركة المواطنين، ويصل الأمر إلى حد ضرب مظاهرة لطلاب الأزهر وطالباته سقط فيها شهداء.. وأصيب آخرون بعاهات مستديمة، وفقد فيها آخرون أبصارهم ولم يجدوا سبل وإمكانات العلاج. وأيضا مظاهرة في الإسكندرية لدعم الشعب الفلسطيني وانتفاضته سقط فيها شهداء وجرحى واعتقل فيها العشرات وتعرض فيها المئات للعدوان الأمني القاسي.

ولا نحسب أن هناك من يقول بالدفع في اتجاه أن يتحول الأمر إلى ساحة معارك بين أجهزة وجيوش الأمن والقوى الشعبية في شوارع وأحياء عواصمنا تسيل فيها الدماء وتزهق فيها الأرواح ويكون الانصراف عن مساندة القضية الأساسية، قضية مواجهة العدوان الأميركي الوشيك على شعب العراق أو العدوان الهمجي اليهودي على شعب فلسطين، ومن ثم فالأمر يحتاج إلى التعامل الحكيم بما يؤدي إلى تعبير الشعوب عن غضبتها وثورتها وانحيازها لشعب العراق والشعب الفلسطيني والضغط الموضوعي باتجاه تعديل الحكام لسياساتهم واتجاههم بصدق نحو تغيير الواقع المرير.

إن الإخوان المسلمين الذين كان لهم بالأمس دورهم الجهادي في فلسطين ضد المحتل الصهيوني وفي القنال ضد المستعمر الإنجليزي وساندوا كل حركات التحرر العربية والإسلامية واعترف اللواء أحمد المواوي قائد الجيش المصري في فلسطين 1948 بدورهم الجهادي، لم يتحولوا عن دورهم اليوم في دعم القضية الفلسطينية وانتفاضة الشعب الفلسطيني، أو في دعم شعب العراق ضد العدوان الأميركي بكل ما يملكون ويستطيعون كما دعموا شعب البوسنة في مواجهة مذابح الصرب وشعب أفغانستان في مواجهة الاحتلال الروسي.

إن الموقف أكثر من صعب وحاسم، يتطلب تكاتف الجهود على مستوى الشعوب لمختلف قواها، وعلى مستوى الإعلام الذي يجب أن ينهض بدوره الصحيح المطلوب والمأمول للانفكاك والتحرر من ربقة وقيود السلطة وسيطرتها واستبدادها.. من أجل نصرة الشعوب وقضاياها، والمشاركة الفاعلة الصحيحة في دعم الشعب العراقي في مواجهة القيود والضغوط والقوانين الاستثنائية والمحاكم العسكرية وفي مواجهة استبداد الحكومات.
ـــــــــــــــــ
* قسم البحوث والدراسات، الجزيرة نت.

المصدر : غير معروف

إعلان