الحرب القذرة ضد العراق

undefined

* د. منى خماس

البحث الذي قامت به الدكتورة منى خماس أستاذة علم الأمراض الخبيثة بجامعة بغداد عام 1999 حول آثار استخدام اليورانيوم المنضب على الإنسان والبيئة في العراق اعتبرته الحكومة العراقية أحد الوثائق العلمية التي تؤرخ لحرب الخليج الثانية وتداعياتها الخطيرة. فيما يلي النص الكامل لهذا البحث الهام.

مقدمة
ادّعوا أنها كانت حربا نظيفة وأنهم لم يستخدموا سوى الأسلحة التقليدية في هجومهم، ولكن لا بد من التعامل مع القضية بجدية، لنرى كيف كانت حربهم النظيفة، ولنتعرف تأثير أسلحتهم التي استخدموها ضد العراق على الصحة والبيئة، وما أهدر فيها من حقوق الإنسان.

حقائق وأرقام

  1. استخدم الحلفاء نحو 142 ألف طن من المتفجرات ضد العراق، ويعادل هذا سبع قنابل ذرية مشابهة لتلك التي أسقطت على هيروشيما ونغازاكي.
  2. أطلقت الدبابات خمسة آلاف إلى ستة آلاف قنبلة، وأطلقت الطائرات عشرة آلاف قنبلة.
  3. استخدم الحلفاء قنابل النابالم والقنابل العنقودية وقنابل الوقود.
  4. واستخدموا اليورانيوم المنضب في الحرب لأول مرة في تاريخ الإنسانية.
  5. لا يزال أكثر من 300 طن من اليورانيوم المنضب في المنطقة تلوث البيئة وتهدد صحة الإنسان من خلال الإشعاع والنسبة الكيمياوية العالية فيها.
  6. الكثير من هذا كله استخدم ضد المدنيين والملاجئ والمباني المدنية البعيدة جدا عن ميدان المعركة وليس ضد الجيش العراقي فقط.
  7. لم ينته التهديد للمدنيين بوقف إطلاق النار، حيث ما زالت الولايات المتحدة تهدد الشعب العراقي من خلال إطلاق الصواريخ والرؤوس الحربية دون تبرير معقول.

استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب

  1. استخدمت الولايات المتحدة وبريطانيا -لأول مرة في تاريخ الصراعات الدولية- الأسلحة الإشعاعية ضد القوات المسلحة العراقية للفترة من 17/1/1991 إلى 28/2/1991 وللفترة من 1 إلى 3/3/1991 وذلك بعد إعلان وقف إطلاق النار.
  2. أظهرت وثائق البنتاغون أن 300 طن من اليورانيوم المنضب استخدمت ضد القوات المسلحة العراقية في البصرة والكويت، في حين ذكرت مجموعة السلام الأخضر الأميركي وجمعية أبحاث (لاركا) الهولندية أن 700 إلى 800 طن استخدمت على جنوب العراق والكويت خلال الفترة نفسها.
  3. إن استخدام هذه الأسلحة محظور، وذلك في إطار اتفاقية (هيغ) 1899 وكذلك اتفاقية (هيغ الثانية) 1907 واتفاقية (جنيف) الأولى 1925 واتفاقية (جنيف الثانية) عام 1949 وميثاق (نورنبرغ) في العام 1945 ومحاكم جرائم الحرب الخاصة بيوغسلافيا، إضافة إلى مبادئ القانون الدولي. وإن استخدام الأسلحة أو التكتيكات التي تسبب الدمار الواسع وغير الضروري أو المعاناة من خلال استخدام الأسلحة والتكتيكات التي تسبب الأذى الكبير للأشخاص غير المشاركين في القتال وكذلك استخدام الأسلحة والتكتيكات التي تسبب ضررا كبيرا على المدى الطويل للبيئة.
  4. استخدمت الولايات المتحدة وبريطانيا في أم المعارك طائرات ودبابات من جميع الأنواع لمهاجمة القوات العراقية.
  5. يبلغ استخدام كميات كبيرة من اليورانيوم المنضب وانعكاساتها الثانوية الإشعاعية والغازات السامة 700 ألف مرة أكثر من الكمية الإشعاعية التي أطلقت من المصنع الوطني قرب كولوني قرب نيويورك، حيث تم صنع الإطلاقات المشبعة باليورانيوم المنضب التي دفعت الحكومة الأميركية إلى إغلاقها فورا.
  6. لقد أخذت CPIAB على عاتقها مهمة التحقيق في الأضرار والتأثيرات طويلة المدى لهذه الجريمة على الإنسان والبيئة في العراق. وقد اتخذت اللجنة -وهي متعاونة مع وزارة الدفاع والحرس الجمهوري الخاص- الخطوات التالية:
  • تحديد المناطق الأكثر تأثرا بأسلحة اليورانيوم المنضب في الجزء الجنوبي من العراق.
  • تنظيف تلك المناطق من حقول الألغام والقنابل غير المتفجرة.
  • تعيين المناطق الملوثة لمنع الناس من الاقتراب منها خوفا من التلوث الإشعاعي ومسح الجزء العراقي من الخليج العربي بحثا عن الأهداف التي تسبب اليورانيوم المنضب في إغراقها وتدميرها.

وقد تعاونت CPIAB مع السلطات المختصة لتنفيذ تحليل العينات والبحث والدراسة في مختلف الحالات الطبية والبيئية لتقويم مدى الضرر الذي سببه استخدام هذه الأسلحة وقد أظهرت النتائج ما يلي:

الدراسات والأبحاث البيئية
لقد تم اختيار خمس مناطق في البصرة، وهي الزبير وصفوان وجبل سنام ورميلة الشمالية ورميلة الجنوبية، وقد حصل استخدام كبير لليورانيوم المنضب فيها سبعين درجة على مقياس من 124 درجة قد تم تسجيلها أكثر من المعدل المعتاد (أكثر بحوالي عشر مرات، حيث إن المعدل المعتاد في هذه المناطق والذي كان عادة 7 يو أر أيج وبعض القراءات كانت تصل إلى 184 يو أر أيج).

لقد جمعت واختبرت عينات من سطح المياه وأعماقها والرواسب في مياه القنوات القريبة من الدبابات المدمرة والعجلات العسكرية. وقد أظهرت 58 من تلك العينات زيادة في المخلفات المشعة نوويا والرواسب في مناطق جبل سنام والرميلة الشمالية. بينما سجلت 61 عينة من أصل 121 عينة من عينات التربة وهي أرقام أعلى من المعدل الطبيعي.

وقد أعطيت بعض من هذه العينات قراءة ( KG /995-36205 B9 ) مقارنة مع القراءة الطبيعية ( 70 B9 -KG ). حوالي 1718 كيلومترا من المناطق المذكورة سابقا هي ملوثة (تلوثا إشعاعيا)، 154 عينة (نباتات وحيوانات) قد تم اختبارها، وقد أظهرت 36% منها تلوثا إشعاعيا.

إن الضرر البيئي لم يكن محددا بالمناطق التي تعرضت للقصف فحسب، بل إنه انتشر في المنطقة بأسرها والدول المجاورة وعناصر البيئة، الماء والهواء والنباتات والحيوانات.

إن لهذا الثلوث واسع الانتشار أثرا عكسيا خطيرا طويل المدى وقصير المدى على صحة الإنسان والحيوان والنبات. إن المجتمع الدولي مطالب بتقديم الدعم لتخفيف معاناة الشعب العراقي من التدهور الأكثر خطرا في طبيعة البيئة الذي سببته الحرب والاستمرار غير العادل في العقوبات المفروضة على العراق.

دراسات وأبحاث طبية
أظهرت دراسات طبية للمستخدمين العسكريين الذين كانوا في ساحة المعركة في كل من جنوب العراق والكويت، خلال الفترة نفسها في العام 1991 ارتفاعا عاليا في حالات السرطان من جميع الأنواع.

وقد أصيب بمختلف أنواع السرطان 1425 شخصا.

كما تمت دراسة السمية الكيمياوية لليورانيوم المنضب، وأظهرت بحوث ودراسات الخريجين المنفذة في الجامعات والمؤسسات العراقية المختلفة:

  • هناك علاقة بين السمية الكيميائية لليورانيوم المنضب وحالات السرطان.
  • التشوهات الولادية هي 3,1 في البصرة مقارنة بإجمالي 1,8 في العراق.
  • حالات السرطان هي 5,7 في ميسان و4,3 في ذي قار مقارنة بإجمالي 1,7 في العراق كما تم تسجيل تغيرات جوهرية في أنواع السرطان.
  • ارتفاع عال في الإصابة باللوكيميا واللمفومار وسرطان العظم بينما معدل عمر مرضى السرطان هو أوطأ من السابق، بمعنى أنه قد سجلت حالات الإصابة في عمر مبكر بشكل مناقض للمعايير الدولية.
  • سجل وقوع إصابات ببعض أنواع السرطان التي لم تكن معروفة أو مألوفة في العراق سابقا، مثل سرطانات الدماغ والكبد التي تم تسجيلها بأعداد متزايدة وسجل عدد كبير من التغيرات الفسيولوجية والخلوية في بعض المرضى، وهي إشارة لكونهم قد تعرضوا لمخلفات اليورانيوم المنضب (علاقة).
  • كما أن هناك ارتفاعا في الأمراض الوراثية ناتجا من التغيرات الحاصلة في الكروموسومات مثل أمراض العين 2,5 والأطفال المنغوليين 6,6، والتغير في عدد وشكل بعض أعضاء الجسم 1,3، والتقلص في الرأس (أو اختفائه) بضعف الغدد.
  • وهناك تأخر في النمو العقلي لأطفال سن السادسة بحوالي (14 شهرا) مقارنة بالطبيعي.

إن الحقائق المذكورة أعلاه موثقة جيدا ومقدمة للمنظمات الدولية لتظهر جريمة العصر ضد الشعب العراقي وبيئته.
________________

اختصاصية علم الأمراض الخبيثة والمختصة في دراسة الأورام، تلقت تعليمها في جامعة ليفربول (من عام 1976 وحتى 1980)، أستاذة علم الأمراض الخبيثة بجامعة بغداد والمستشارة في وزارة الصحة ببغداد.

المصدر : غير معروف

إعلان