الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.. واقع وإشكاليات

مواطنان يجلسان أمام أنقاض منزلهما قرب إحدى المستوطنات

undefined
undefinedبقلم د. خليل التفكجي

وصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة في منتصف عام 2000 إلى 193 ألف مستوطن، وإذا أضفنا إليهم 180 ألفا يسكنون داخل حدود بلدية القدس التي تم توسيعها عام 1967، يصبح عدد المستوطنين 393 ألفا يسكنون في 144 مستوطنة في الضفة الغربية و15 بمدينة القدس و17 بقطاع غزة.

قراءة في الأرقام
وبتحليل الأرقام وخريطة المستوطنات القائمة يلاحظ بأن هنالك تركيزا واضحا لهذه المستوطنات في مناطق محددة، حيث إن 85% من المستوطنين يسكنون حول مدينة القدس وفي منطقة غرب رام الله وجنوب غرب نابلس، وذلك لأن معظم المستوطنين مرتبطون رغما عنهم بمراكز العمل والخدمات داخل إسرائيل، إذ يلاحظ أن 70% من المستوطنين يعملون داخل الخط الأخضر، و46% من مجموع العاملين في المستوطنات يعملون داخلها بالخدمات العامة، كما يعمل حوالي 34% من هؤلاء العاملين في أفرع إنتاجية (زراعية وصناعية).

ونلاحظ بأن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة ليس استيطاناً بالمعنى السكاني، وإنما هو استيطان قائم على أساس إحلالي، إذ أقامت إسرائيل مناطق صناعية وأعطتها امتيازات كبيرة، وتطورت بدرجة كبيرة جدا في السنوات الأخيرة. فحصلت هذه المستوطنات على امتيازات ذات أفضلية من الدرجة الأولى، من أجل أن تكون هدفا لعمل المستوطنين، فأقيمت كبرى المناطق الصناعية في وسط الضفة الغربية (بركان، وكرني شمرون) وفي منطقة القدس (مشور أدوميم) و(إيرز) في قطاع غزة. كما تم نقل كثير من المصانع من داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية بسبب انخفاض تكاليف التشغيل ورخص الأيدي العاملة، مضافا إليها الامتيازات المقدمة من الحكومة كما أسلفنا.

وإذا نظرنا إلى الخريطة الاستيطانية وما وراءها نلاحظ من الجداول المرفقة بأن الازدياد السنوي في مستوطنات "الأمناه" رافعة راية الاستيطان الأيدولوجي لحركة "غوش أمونيم" متدنية وتصل إلى حوالي 50 نسمة سنويا في كل مستوطنة. ولا يغرنا هذا الرقم بضعف الإيمان بحلم أرض إسرائيل الكاملة في صفوف لمستوطنين. فحركة غوش أمونيم تفقد من قوتها النسبية لصالح مجموعات استيطانية


85% من المستوطنين

يسكنون حول مدينة القدس لأن معظم مستوطني المناطق مرتبطون بمراكز العمل داخل إسـرائيـل، و70% من المستوطنين يعملـون
داخل الخط الأخضر

أخرى حيث تبين من خلال الاستطلاعات بأن الاستيطان الاقتصادي وراء 70% من الاستيطان. كذلك فإن حوالي 57% من المستوطنين يعيشون في مستوطنات مختلطة والزيادة السكانية فيها أعلى مقارنة بالمستوطنات الأخرى. وهكذا فإن الاستيطان في السنوات الأخيرة يغلب عليه أصحاب الياقات البيضاء الذين جاؤوا بسبب المساكن الأفضل، بعكس الحركات الاستيطانية أثناء الفترة الأولى والتي جاءت بروحية الأسطورة الطلائعية.

الصراع على الأرض
ما يحدث اليوم بالنسبة للأراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس هو انعكاس لصراعات سياسية بين شعبين لهما تاريخ طويل من العداء المعلن، ويطمع كل منهما في السيطرة على المنطقة لجعلها أرضا خالصة له. ومعلوم أن أحد مجالات الصراع الأساسية هو الأرض باعتبارها مصدرا للعيش والحياة. وقد ازداد عدد المستوطنين بوتيرة متسارعة تراها ضمن الجدول التالي وحسب مخطط مرسوم:

1977

3876

1981

13224

1986

28400

1992

107000

1996

148300

1999

193000

نهاية سبتمبر / أيلول 2000

199000

 
وتنتشر المستوطنات على رؤوس الجبال أو فوق الأحواض المائية، وقد استخدمت إسرائيل مجموعة من القوانين للاستيلاء على الأراضي أهمها:

– قانون أملاك الغائبين:
أي فلسطيني يملك الأرض ويعيش خارج الحدود يقوم القيم على أملاك العدو باستغلالها ووضع اليد عليها.
– أملاك الدولة:

وقد استخدمت إسرائيل مجموعة مختلفة من القوانين العثمانية والبريطانية والأردنية بالإضافة إلى الأوامر العسكرية، بحيث تم وضع اليد على ما يزيد عن 40% من مساحة الضفة الغربية كأملاك دولة.
– المصادرات للمصلحة العامة:

(محميات، شوارع، كسارات.. إلخ) للسيطرة على الأراضي.

المستوطنات في القانون الدولي
تعتبر إقامة المستوطنات في القانون الدولي بفروعه -بالإضافة إلى نقل سكان الدول المحتلة إلى الإقليم المحتل- مناقضة لكل المبادئ الدولية وميثاق الأمم المتحدة (ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب في عام 1949). ويفصل الميثاق سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال. وجوهر الميثاق في هذه الحالة "يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة"، وهو ما أعادت التأكيد عليه العديد من قرارات الشرعية الدولية سواء في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي أو الجمعية


صدرت مجموعة من القرارات الشرعية الدولية تؤكد إنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم، وتطالب بإلغـائه وتفكيـك المستوطنات بما في ذلك الاستيطان في القدس

العمومية، وبالتالي فإن خلق الأمر الواقع بالقوة لا يمكن أن يكسب حقا. وقد صدرت مجموعة من القرارات الشرعية الدولية بتأكيد ذلك وإنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات بما في ذلك الاستيطان بالقدس. ومنذ عام 1967 وحتى اليوم صدرت قرارات بهذا الخصوص أهمها:

قرارات مجلس الأمن
– القرار رقم 446 لسنة 1979 الذي أكد أن الاستيطان ونقل السكان الإسرائيليين للأراضي الفلسطينية غير شرعي.
– القرار رقم 452 لسنة 1979 ويقضي بوقف الاستيطان حتى في القدس وبعدم الاعتراف بضمها.
– القرار رقم 465 لسنة 1980 الذي دعا إلى تفكيك المستوطنات.
– القرار رقم 478 لسنة 1980.

قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة
صدرت عن الأمم المتحدة قرارات كثيرة أدانت الاستيطان الإسرائيلي، ومن أهمها:
   – القرار رقم 2851 لسنة 1977
   – القرار رقم 42/160 لسنة 1987
   – القرار رقم 44/48 لسنة 1989
   – القرار رقم 45/74 لسنة 1990
   – القرار رقم 46/47 لسنة 1991
   – القرار رقم 46 لسنة 1991

مراحل الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية (1967 – 2000)
– بداية الاستيطان:

بدأت الجرافات الإسرائيلية وقبل وقف إطلاق النار بتهجير سكان القرى العربية (يالو، عمواس ، بيت نوبا) وتدميرها، بالإضافة إلى تدمير جزء من مدينة قلقيلية وبيت عوا. ولكن التدمير الذي أصاب القرى الثلاثة كان كبيراً بحيث تم مسحها عن الأرض من أجل السيطرة على ما يزيد عن 58 كم2 من الأراضي الحرام. وتمت إقامة مستوطنة جديدة على هذه الأراضي واستغلالها للزراعة لتبدأ في الوقت نفسه عملية هدم حي الشرف في مدينة القدس لإقامة الحي اليهودي. وعلى ضوء السياسة الإسرائيلية غير الواضحة آنذاك والتي كانت ترغب في تعديل حدودي مع ضم جزء من الأراضي إلى إسرائيل (القدس، اللطرون، ومنطقة غوش عتصيون)، أما منطقة الغور فهي منطقة أمنية. وقد تطورت السياسة الاستيطانية مع تطور الوضع السياسي والرؤية الصهيونية للاستيطان.

– مرحلة 1967 – 1974:
كانت حكومة حزب العمل برئاسة ليفي أشكول وبعدها غولدا مائير قد أقامت تسع مستوطنات في غوش عتصيون وغور الأردن -وهي تعادل 82% من المستوطنات التي أقيمت آنذاك وعددها 11 مستوطنة وتشكل 8% من مجموع المستوطنات اليوم- ومستوطنة واحدة على أراضي القرى العربية المدمرة (يالو، بيت نوبا، اللطرون) ولم تقم مستوطنة في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

– مرحلة 1974 – 1977:
في هذه الفترة كانت الحكومة العمالية برئاسة رابين قد استثمرت نتائج حرب أكتوبر/ تشرين الأول في تصعيد السياسة الاستيطانية، فأقامت تسع مستوطنات جديدة وهي تشكل 6,5 % من مجموع المستوطنات اليوم. وارتفع عدد المستوطنين إلى 2876 مستوطنا يمثلون 0,3% من مجموع السكان بالضفة الغربية. وفي غوش عتصيون وغور الأردن أقيمت ست مستوطنات، كما أقيمت مستوطنات في منطقة القدس الكبرى ومستوطنة في منطقة الضفة الغربية. ولا ننسى في هذه الفترة بأن الاستيطان في مدينة القدس قد تركز بإقامة الحي اليهودي ومستوطنات التلة الفرنسية، ونفي يعقوب، وتل بيوت الشرقية، وجيلو، وراموت ورمات أشكول، ومعلوت دفنا.

– مرحلة 1977 – 1981:
شهدت هذه الفترة انقلاباً تاريخياً حيث جاء إلى الحكم أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً بقيادة مناحيم بيغن، فبدأ برسم سياسة جديدة خاصة بعد اتفاق السلام مع مصر. ففي هذه الفترة تمت إقامة 35 مستوطنة جديدة شكلت 35,5% من مجموع المستوطنات اليوم، وازداد عدد المستوطنين إلى 13234 مستوطنا، وبلغت نسبة الزيادة 241%. وللمرة الأولى أقيمت مستوطنة واحدة في قطاع غزة، كما شهدت القدس في هذه الفترة أكبر حركة مصادرات للأراضي الفلسطينية في المنطقة الشمالية الشرقية، في حين استمرت عمليات البناء وزيادة عدد المستوطنين.

– مرحلة 1981-1986:
شهدت هذه الفترة تحركاً يمينياً قاده عتاة الليكود ممثلين ببيغن وشامير، فأقيمت 43 مستوطنة شكلت 31% من مجموع المستوطنات اليوم. وارتفع عدد المستوطنين إلى 28400 مستوطن بزيادة بلغت 115%. وشكل المستوطنون ما نسبته 2,2% من مجموع عدد السكان العرب البالغ آنذاك 1294700 نسمة. وقد أقيم 53% من هذه المستوطنات في مناطق مكتظة بالسكان في نابلس ورام الله، و32,5% من هذه المستوطنات أقيم في قطاع غزة وجبل الخليل، و14% في غور الأردن، ومستوطنة واحدة أقيمت في منطقة غوش عتصيون الموسعة.

– مرحلة 1986 – 1988:


ارتفع عـدد
المستوطنين في عام 1999 بنسبة 12,5%، وسجل أعلى الارتفاعـات في المستوطنات المدنية العلمـانية منـها
أو الأصولية

تشكلت في هذه الفترة حكومة ائتلافية من الحزبين الكبيرين، وأقيمت 27 مستوطنة تشكل 20% من مجموع المسوطنات اليوم، وارتفع عدد المستوطنين إلى 69500 مستوطن بزيادة 14%، وارتفع عدد المستوطنين إلى 4,4% من مجموع السكان العرب. فمنطقة القدس شهدت إقامة مستوطنات جديدة أهمها بسكات زئيف الشمالية والجنوبية، في حين شهدت منطقة الضفة الغربية إقامة 59% من هذه المستوطنات في منطقة نابلس ورام الله بالقرب من المناطق العربية كثيفة السكان، فأصبحت نسبة المستوطنين إلى العرب 29,6% في قطاع غزة وجبل الخليل. أما غور الأردن فقد حصل على 11% مع غوش عتصيون.

– مرحلة 1988 – 1990:
استمرت الحكومة الائتلافية الوطنية الإسرائيلية في سياسة الاستيطان، فأقيم في هذه الفترة خمس مستوطنات شكلت 3,6%، وارتفع عدد المستوطنين إلى 81200 نسمة، وبلغت نسبتهم 2% من مجموع السكان في الضفة الغربية. وتوزع بناء المستوطنات في هذه الفترة إلى ما يلي: 3 مستوطنات في منطقة رام الله، وواحدة في جبل الخليل، وواحدة أيضا في غوش عتصيون.

– مرحلة 1990-1992:
اشتدت الحركة الاستيطانية في هذه الفترة بعد أن رأس الحكومة الإسرائيلية الليكودي إسحاق شامير الذي كان يجسد الفكر الصهيوني الاستيطاني، فقد أقيمت سبع مستوطنات شكلت 5% من مجموع المستوطنات اليوم، وارتفع عدد المستوطنين إلى 107 آلاف مستوطن، فصارت نسبتهم 5,3% من المجموع العام لسكان الضفة الغربية. وقد توزعت إقامة المستوطنات في جميع أرجاء الضفة الغربية ما عدا منطقتي رام الله وغور الأردن.

– مرحلة 1992 – 2000:
استمرت الحكومات الإسرائيلية العمالية والليكودية في سياسة توسيع الاستيطان وفتح الشوارع الالتفافية وإصدار الأوامر العسكرية القاضية بوضع اليد على الأراضي الفلسطينية. واستمر التوسع الاستيطاني في مناطق محددة أكثر من مناطق أخرى وذلك بغية تنفيذ الرؤية الإسرائيلية للمرحلة النهائية للحدود والمستوطنات. واستنادا إلى تقارير حركة السلام الآن، فقد تزايد عدد المستوطنين منذ عام 1992 من 107 آلاف مستوطن إلى 145 ألف مستوطن في نهاية حكومة العمل برئاسة بيريز، كما تم بناء أو استكمال بناء عشرة آلاف وحدة سكنية، وأقيمت ضمن مفهوم القدس الكبرى أربعة آلاف وحدة سكنية جديدة.

السنة

1999

 2000

الأرباع

 الأول

الثاني

الثالث

الرابع

الأول

 مجموع البناء الكامل

820

720

900

920

770

 البناء الخاص

220

340

290

350

530

 البناء العام

600

380

610

570

240

 مجموع بدايات البناء

750

490

720

550

1000

 البناء العام

280

360

530

380

590

 البناء الخاص

480

130

190

170

410

سياسة الليكود
أما في مرحلة حكومة الليكود 1996/1998 فقد أوجز رئيس الحكومة آنذاك بنيامين نتنياهو سياسة الاستيطان بأنها "تستند إلى أفكار التسوية النهائية، وهي وسيلة هامة لتحديد حدود إسرائيل والحفاظ على الأمن"، وأضاف "كما نؤيد بناء المستوطنات على طول الشوارع الالتفافية، ويجب أن تتطور على جوانبها وليس على رؤوس الجبال. وبناء المستوطنات على طولها يمكنها من الوصل الجغرافي وتشكيل كتل استيطانية". وهكذا ما أن انتهت حكومة الليكود عام 1998 حتى تم استكمال بناء 5870 وحدة سكنية وارتفع عدد المستوطنين إلى 165 ألفا.

سياسة العمل
وجاءت حكومة العمل برئاسة إيهود باراك لتستمر في سياسة إقامة المستوطنات الجديدة وتوسيع القائم منها. فخلال عامي 1998 و1999 تم الانتهاء من بناء 5760 وحدة سكنية، كما طرأ ارتفاع حاد في بناء المستوطنات خلال الربع الأول من عام 2000 بنسبة 81% حسبما جاء في معطيات المكتب المركزي للإحصاء، ففي الشهور الثلاثة الأولى من عام 2000 كان هناك ألف بداية بناء، مقابل 550 بداية بناء في الربع الأخير من عام 1999. أما في البناء الخاص فكانت نسبة الارتفاع عالية جدا حيث وصلت إلى 141% أي 410 بدايات بناء مقابل 170. علما بأنه في نهاية ولاية حكومة الليكود طرأ انخفاض في عدد بدايات البناء في المستوطنات من 750 في الربع الأول عام 1999 إلى 490 في الربع الثاني من العام نفسه. وتتمتع المستوطنات بأفضلية قومية، وبامتيازات في البناء والإسكان.

وبعد أن تم نشر هذا التقرير صرحت مصادر في مجلس اليشع بأن المعطيات تدل على أن أساس البناء هو منطقة لواء القدس، أو في منطقة غربي السامرة المناطق التي ستبقيها إسرائيل بيدها حسب خطة باراك. وهذا ما أكده الوزير بن عامي بقوله "في التسوية الدائمة ستبقي إسرائيل في مناطقها ثلاث كتل استيطانية: غوش عتصيون وتكتل معاليه أدوميم وتكتل غرب السامرة، في حين ستكتفي في غور الأردن بترتيبات أمنية وتواجد عسكري".

وهكذا نلاحظ بأن الارتفاع في عدد المستوطنين أثناء العام 1999 قد ازداد بنسبة 12,5% وسجل أعلى الارتفاعات في المستوطنات المدنية العلمانية منها أو الأصولية. وحسب آخر الدراسات الاستيطانية الصادرة عن المجلس الإقليمي للاستيطان فإن ارتفاع عدد المستوطنين في منطقة القدس الكبرى التي ستبقى في داخل حدود إسرائيل في إطار التسوية الدائمة بلغ 67 ألف نسمة يشكلون حوالي 30% من مجموع السكان اليهود، وبلغ في منطقة غرب السامرة (نابلس) التي ستبقى مع إسرائيل 50 ألف نسمة يشكلون أكثر من ربع السكان اليهود. ويسكن في المناطق التي تعتبر "مناطق إجماع قومي" حوالي 250 ألف يهودي، في حين يسكن حوالي 45 ألف نسمة في المناطق أو قرب المناطق التي قد تنتقل إلى الفلسطينيين حسب خطة حكومة باراك.


أقيمت المستوطنات
بهدف منع التواصل الفلسطيني داخل الضفة الغربية ومع الأردن، تحقيقا لاستراتيجية
"الإحاطة ثم التغلغل" المستقاة من المفاهيم العسكرية

وتحايلا على القانون الذي أصدره باراك في إخلاء البؤر الاستيطانية التي أقيمت بعد واي ريفر والبالغة 44 بؤرة استيطانية، فإنه رخص لإعادة إسكان هذه البؤر، مما يدل على أنه لا يوجد فرق بين الأحزاب السياسية في موضوع الاستيطان وإن اختلفت في الأسلوب.

التوزيع الجغرافي للمستوطنات بالضفة
– أقيمت المستوطنات بالقرب من المدن التاريخية التي يدعي اليهود أن لهم حقا تاريخيا فيها بهدف منع التواصل الفلسطيني داخل الضفة الغربية ومع الدول المحيطة تحقيقا لاستراتيجية التخطيط والإنجاز التي يمكن إيجازها باستراتيجية "الإحاطة ثم التغلغل" المستقاة من المفاهيم العسكرية والمترجمة للتخطيط المدني.
– السيطرة على موارد الأرض والمياه، وتسعى الحكومة الإسرائيلية إلى توسيعها، وهذه الموارد هي هدف استراتيجي لإسرائيل تؤمنه من خلال وجود المستوطنات فيها.
– الإعلان عن 16 كم‌2 كسارات في فترة رابين من أجل وضع اليد على المصدر الرئيسي للاقتصاد الفلسطيني وهو الحجارة.
– توزيع المستوطنات الصغيرة في المناطق البعيدة، وتركيز الكبيرة منها حول المدن الكبرى (القدس وتل أبيب) لتشكيل حزام استيطاني حولها واعتبارها ظهيرا لها وحماية لهذه المدن.

الرؤية الإسرائيلية لمستقبل المستوطنات
يمكننا أن نقسم هذا التصور إلى قسمين رئيسيين:
1- الطرد الفلسطيني: مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها.

2- الإحلال الإسرائيلي: إسكان الإسرائيليين في هذه المستوطنات وخلق وجود ديمغرافي يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الوجود الفلسطيني الحالي والمستقبلي.

وفي ضوء هذه الرؤية تم طرح مجموعة كبيرة من التصورات والمشاريع الاستيطانية:

1- مشروع ألون:
يعتبر هذا المشروع  الخطة الرسمية لحزب العمل، وهو يقضي بإقامة استيطان استراتيجي وسياسي على امتداد الأغوار والسفوح الشرقية لمرتفعات الضفة الغربية. ويحاول المشروع تجنب المناطق المأهولة وفقا لسياسة "أكبر مساحة من الأرض وأقل عدد من السكان". يضاف إلى ذلك الوصول إلى تسوية إقليمية مع الأردن تتيح


مشروع ألون
يتبناه حزب العمل ويقضي بإقامة استيطان استراتيجي وسياسي على امتداد الأغوار والسفوح الشرقية لمرتفعات الضفـة الغـربيـة

إعادة قسم من الأراضي الفلسطينية المحتلة المأهولة بالسكان العرب ومحاصرتهم من جميع النواحي بإسرائيل مقابل اتفاقية سلام مع الأردن. ورأى ألون أن حدود إسرائيل الدائمة يجب أن تكون قابلة للدفاع من وجهة النظر الاستراتيجية التي تعتمد على عوائق طوبغرافية دائمة تستطيع أن تقاوم أي هجوم للجيوش البرية الحديثة وتكون حدوداً سياسية، لذا اقترح ضم أراضٍ بعمق 10 – 15 كم على طول وادي الأردن والبحر الميت ومنطقة غوش عتصيون ومنطقة اللطرون.

2- خطة غوش أمونيم (أسست كمنظمة رسمية عام 1974):
تهدف الخطة إلى الاستيطان في المناطق التي تجنبتها المشاريع الاستيطانية، وذلك لسد الثغرة في المشاريع الأخرى وتحقيق الأهداف الأمنية التالية: 
– المحافظة على عمق البلاد من نهر الأردن وحتى السهل الساحلي. 
– السيطرة على سلسلة الجبال في الضفة الغربية.
– شبكة واسعة من الطرق لربط المستوطنات.

3- خطة متتياهو دروبلس (يمثل جناح الليكود):
تهدف الخطة إلى إسكان إسرائيلي مكثف وإقامة مستوطنات جديدة في الأماكن الاستراتيجية، ولكي لا تكون المستوطنات معزولة يجب إقامة مستوطنات جديدة قرب كل مستوطنة، وبهذا تتشكل كتل من المستوطنات تؤدي في النهاية إلى الاندماج وتشكيل مدن. ويهدف المشروع إلى إسكان مائة ألف يهودي عام 1986 ويصل عام 2010 إلى 800 ألف يهودي، ويطلق على هذا المشروع اسم المخطط الرئيسي للاستيطان في شمرون ويهودا.

4- مشروع شارون (رئيس اللجنة الوزارية العليا للاستيطان):
يهدف المشروع إلى إقامة قطاع استيطاني لفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وتركيز الاستيطان في المناطق الغربية (السفوح الغربية) لدعم المناطق الساحلية، بالإضافة إلى مجموعة من المشاريع الاستيطانية داخل إسرائيل يكون توسعها باتجاه الشرق، ويكون توسع المستوطنات الشرقية باتجاه الغرب، لتشكل معاً كتلاً تقطع الخط الأخضر وتشكل بنجومه السبعة على طول الخط الأخضر بدءاً من الشمال (أم الفحم) وحتى الجنوب (منطقة اللطرون) خطاً حدودياً جديداً. وقد تم فعلاً إنجاز جزء كبير من هذا المخطط، لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الحل النهائي في التعديلات الحدودية المتوقعة.

5- مشروع يوسي ألفر (باحث في مركز يافا للدراسات الإسرائيلية):
تقضي خطة يوسي ألفر بأن يتم تجميع المستوطنات والمستوطنين بدءاً من منطقة قلقيلية وحتى منطقة غوش عتصيون بشريط يصل أحياناً إلى 15 كم عمقاً (منطقة غرب نابلس ورام الله) بالإضافة إلى منطقة القدس. ويلاحظ هنا أن يوسي ألفر لم يأخذ بعين الاعتبار التجمعات السكنية العربية الموجودة في هذا الشريط، على اعتبار أن مشروعه في الأصل كان إحداث تبادل سكاني أي إحلال مستوطنين مكان فلسطينيي عام 1948. وعندما نوقش في هذا الموضوع لم يستطع أن يعطي جواباً بما سوف يحدث للفلسطينيين الذين سينضمون إلى إسرائيل، علماً بأن السياسة الإسرائيلية لا تسمح بزيادة الكثافة العربية داخل حدودها.

6- مشروع حزب الطريق الثالث:
يهدف هذا المشروع إلى حصر التجمعات العربية في كتل مفصولة عن بعضها البعض، مع وضع مناطق الغور واللطرون والقدس وجنوب غربي نابلس وجنين -بالإضافة إلى مناطق عازلة على طول الحدود للقرى الفلسطينية الواقعة على الخط الأخضر- تحت السيطرة الإسرائيلية. وأما بالنسبة للسكان الذين سوف ينضمون إلى إسرائيل فإنهم سيصبحون تحت السيادة الإسرائيلية (رخص البناء والحياة اليومية)، أما الهوية فإنهم سيبقون فلسطينيين يرشحون ويترشحون للمجلس الفلسطيني. وهنا طرحت هوية سكان مقيمين وليسوا مواطنين كما هو حاصل بالنسبة لفلسطينيي القدس. ويهدف المشروع إلى التخلص من السكان العرب وعدم إعطائهم الجنسية الإسرائيلية لكي لا تصبح الدولة اليهودية مع الزمن مزدوجة القومية.

7- مجموعة Ozevshalom (اليهود الأرثوذكس والمستوطنون):
تقضي خطة هذه المجموعة بضم 6% من الأراضي العربية بدون سكان بدءاً من الشمال إلى الجنوب، بحيث تشكل المستوطنات كتلاً تصل بينها طرق.

8- مشروع نتنياهو + مشروع ألون المعدل:
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 21/3/1997 عن خطة تتلخص نقاطها العامة فيما يلي:
– إعطاء الفلسطينيين 45 – 50% من أراضي "يهودا والسامرة" من غير أن يمس ذلك بالمناطق "الحيوية المهمة"، ومناطق الغور وغوش عتصيون والقدس الكبرى وقطاع خط التماس وأغلبية المستوطنات (حسب خريطة المصالح الأمنية التي قدمها الجيش للحكومة).
– تفكيك جزء من المستوطنات التي هي نقاط بعيدة ونائية والتي يحولها بقاؤها إلى جيوب داخل السلطة الفلسطينية.
– عدم التنازل عن السيادة الكاملة بالقدس.

9- خطة الخطوط الحمراء ( يهود هرئيل):
وتتضمن الأفكار التالية:
– الفصل بين المستوطنين اليهود والسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.


ثمة إجماع إسرائيلي
على أن المستوطنات الإسرائيلية تشكل موردا استراتيجيا يجب استمرار وجوده وتوسيعه

– انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي يكون فيها أغلبية السكان من الفلسطينيين.
– مناطق القدس الكبرى ومستوطنات غوش عتصيون وغور الأردن ومستوطنات غوش قطيف في قطاع غزة، تضم كليا إلى السيادة الإسرائيلية.
– بقاء غالبية المستوطنات الأخرى تحت سيطرة إسرائيلية كاملة.

10- خطة قيادة المنطقة الوسطى للعمل الدائم:
تم التخطيط لهذه الخطة وفق التصور المطلوب للحدود النهائية لإسرائيل، وتم تقسيم الضفة الغربية إلى مجموعة من الألوان:
– اللون الأخضر: مناطق مطلوبة لأسباب أمنية، وتمتد على طول الخط الأخضر ومنطقة الغور، ومسألة السيادة ستبقى مفتوحة.
– اللون الأزرق: كتل استيطانية يهودية في منطقة الحكم الذاتي (كريات أربع، بيت حجاي، منطقة جبل الخليل).

وهكذا فإن المواقف والتصورات والحلول المطروحة من متخذي القرار في إسرائيل بشأن مستقبل المستوطنات تصب جميعها باتجاه واحد، وثمة إجماع على أن المستوطنات الإسرائيلية تشكل موردا استراتيجيا يجب استمرار وجوده وتوسيعه، كما أن الطرح الذي سوقه بيريز، وهو أنه لو أقيمت الدولة الفلسطينية فلا مانع في أن تبقى فيها أقلية يهودية من المستوطنين كما هو الحال بوجود عرب مواطنين فلسطينيين داخل دولة إسرائيل، وهذا يعني أنه على الرغم من الفارق الشاسع بين الأقليتين من حيث أسباب الوجود والتكوين، فإن بيريز نفسه الذي يسعى لدمج حل وظيفي وحل إقليمي مع الفلسطينيين لا يطرح فكرة تفكيك أي مستوطنة.

وبهذا مهما يكن الحل أو الترتيب السياسي المستقبلي مع الفلسطينيين وظيفيا أم إقليميا، على منهج ألون/ رابين أم على منهج ديان/ شارون أم على منهج بيريز الذي يسعى لحل إقليمي بشأن قطاع غزة ولحل وظيفي في الضفة الغربية، فإن المستوطنات الإسرائيلية ستبقى كلها أو بعضها، وذلك يشمل المستوطنات السياسية والأمنية حسب المفهوم الذي وضعه رابين كي يحظى بالدعم الأميركي سنة 1992.

باختصار
تقضي جميع المشاريع والتصورات الإسرائيلية بالبقاء على هذه الكتل الاستيطانية جزئيا أو كليا، مما يعني أن الاعتراف الفلسطيني في المكانة النهائية لهذه المستوطنات تعتبر إنجازا باهرا ضمن المصطلحات والمفاهيم التاريخية، ويصبح غير الشرعي شرعيا، وتتحقق النبوءة الخلاصية بأرض إسرائيل المدعومة من قبل الصهاينة العلمانيين.

أثر الاستيطان الصهيوني على الزراعة والوضع الاجتماعي في فلسطين
أ- تأثير الاستيطان على الزراعة:

شكل الاستيطان الإسرائيلي ومصادرة الأراضي العنصر الرئيسي في الفلسفة الصهيونية، وقد أثرت على الزراعة في فلسطين تمهيداً لمصادرة الأرض والسيطرة على المصادر الطبيعية. فقامت السلطات الإسرائيلية بضرب قطاع الزراعة بتخفيض الأسعار والسيطرة على المصادر المائية والقضاء على الأصناف البلدية من الإنتاج النباتي من الأشجار والخضروات والحبوب، كما تم إضعاف البنية التحتية للزراعة خاصة في مسألة شق الشوارع الزراعية وإمكانية وصول الفلاح الفلسطيني إلى أرضه.

وقد قامت المستوطنات وشوارعها الالتفافية المتعددة الأغراض على حساب مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وأغلقت مساحات أخرى من الأراضي بحجج أمنية، وأدى ذلك إلى خسائر لا حصر لها نتيجة فقدان المزارع لأرضه وعرقلة وصوله إليها. وفي نفس الوقت قامت بإغراق الأسواق العربية بالمنتجات الزراعية الإسرائيلية ذات المواسم المبكرة وبأسعار مدعومة من قبل الحكومة بغية القضاء على إنتاج الفلاح الفلسطيني.

ولا ننسى في هذا المجال سياسة قلع الأشجار التي بدأت مباشرة بعد عام 1967 ولا تزال مستمرة حتى الآن، فقد اقتلع حوالي نصف مليون شجرة فلسطينية وشكلت شجرة الزيتون 70% منها، وأدى ذلك إلى خسائر مادية على الزراعة في المدى البعيد. وبمنهجية علمية ذات أبعاد سياسية قامت المستوطنات بتهريب المبيدات السامة والممنوعة دولياً (الفيلودور) إلى التجار العرب دون رقابة، وانعكس ذلك على جودة المحصول وصحة المواطن.

ب- تأثير الاستيطان على الوضع الاجتماعي والعائلي للمجتمع:
أثر الاستيطان الإسرائيلي على الوضع الاجتماعي الفلسطيني، فوجود السكان العنصريين الإسرائيليين المدججين بالسلاح في المستوطنات بالقرب من الأماكن السكنية الفلسطينية والاحتكاك بين الطرفين أدى إلى انتشار مشاعر التطرف لدى الجانبين. فالمستوطنات أقيمت على أراضي القرى والمدن الفلسطينية، والأراضي الزراعية التي صودرت هي المستقبل والمصدر الأساسي للدخل، وجاء العنصر الغريب ليقيم في هذه المستوطنات المنظمة والأكثر تطوراً وعمراناً مقابل منازل البؤس والفقر التي يسكنها الفلسطينيون مما عزز مشاعر الحقد والغبن بين الطرفين.

كما أن مصادرة الأراضي أدت إلى تجميع البدو ونقلهم إجبارياً من البداوة إلى حياة المدن وما يتبع ذلك من صدمة حضارية، مما أدى إلى وجود فجوات اجتماعية أثرت على سلوك وعادات البدو وعلاقاتهم العائلية. كما أدت إلى تحول نسبة كبيرة من المزارعين من نمط الحياة الزراعية إلى نمط الحياة العمالية، وانعكس ذلك على العادات الريفية ودور المرأة في المجتمع الريفي إلى جانب ظهور حالات التوجه نحو السكن في المدن مما يؤثر سلباً على التطور الديمغرافي في فلسطين.

ج- التأثير على التنمية الفلسطينية:
– السيطرة على موارد الأرض والمياه وباقي الموارد الفلسطينية.
– قطع التواصل والاتصال الجغرافي والعمراني والقروي الفلسطيني وشرذمته في وحدات تتصل بواسطة مناطق تسيطر عليها المستوطنات.
– تكوين أطر ونظم إدارية وبلدية -مزدوجة وثنائية- للنظم الفلسطينية، الأمر الذي يسبب ازدواجية، وذلك في مقابل إحالة النظم والقوانين الإدارية الإسرائيلية على جزء من الأراضي الفلسطينية.
– تخطيط وتنفيذ بنى تحتية مرتبطة بإسرائيل، ومنع الفلسطينيين من السيطرة على هذه البنى بهدف استغلالها.
– تعميق تبعية المجتمع الفلسطيني -وخصوصا القروي- من خلال توفير فرص العمل في قطاع البناء والعمالة الرخيصة والصناعة التي تتطور في المستوطنات، وبذلك يلتحق اقتصاد هذه القرى بالمستوطنات، الأمر الذي يحول دون استقلالها الاقتصادي، وفي حالة التسويق فإنه يتم في الغالب من خلال القنوات الإسرائيلية التي تستطيع ضبطه.

التأثير الأمني والاستراتيجي
إن أبرز الأهداف الاستيطانية هو منع التوصل إلى تسوية إقليمية فلسطينية إسرائيلية تسمح بإقامة كيان فلسطيني ذي ولاية جغرافية واحدة متواصلة. كما أن وجود هذه المستوطنات يهدد الكيان الفلسطيني الذي لا يبشر بالأمان ما دام الاستقرار مهددا


قامت المستوطنات
وشوارعها الالتفافية على  مساحــات واسعة من الأراضي الزراعية، وأغلقت مساحات أخرى بحجج أمنية

بتوسيع الاستيطان وتقطيعه له، لأن السيطرة الإسرائيلية على الطرق والمعابر التي تربط بين المناطق الفلسطينية تجعلها تحت رحمة المستوطنين الذين باستطاعتهم إغلاقها متى شاؤوا. بالإضافة إلى أن وجود هذه المستوطنات قرب المدن الفلسطينية يجعلها مدناً حدودية تستطيع إسرائيل متى شاءت إغلاقها أو ضربها كما حدث في انتفاضة الأقصى الأخيرة عندما ضربت نابلس ورام الله وبيت جالا والخليل، وهذا يعني تهديدا أمنيا على كيان الدولة الفلسطينية وبالتالي تهديد جوهر السيادة الفلسطينية. كما أن تمتع هذه المستوطنات بالحماية الأمنية يتطلب وجوداً عسكريا إسرائيليا لحمايتها، مما يعني وجود دولة داخل دولة وانعكاس ذلك على الأمن الوطني للدولة الفلسطينية. لذا فإن أحد أبرز أهداف المفاوضات الفلسطينية التركيز على تحييد هذا التهويد الاستيطاني برفض أي اقتراحات بضم المناطق المستوطنة لإسرائيل أو تحويلها لجيوب سيادية في وسط الدولة الفلسطينية.

الشوارع الالتفافية
في عام 1983 صدر الأمر العسكري رقم 50 يقضي بإقامة شبكة من الطرق الطولية والعرضية هدفها تمزيق أوصال الضفة الغربية بشكل طولي وعرضي بغية تحقيق مجموعة من الأهداف، منها:
– السيطرة الأمنية الشاملة على جميع التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية ومحاصرتها بهذه الشوارع.
– السيطرة على التوسع العمراني لهذه القرى والمدن لتحصر ضمن ما هو قائم، وبذلك يتم ضبط التكاثر السكاني.
– خلق فجوات اجتماعية بين التجمعات العربية وخاصة بعد أن يتم عزل هذه التجمعات بعضها عن بعض، وقد تم ذلك في الإغلاق عامي 1996 و2000، حيث منع الانتقال بين القرى والمدن وبالعكس.
– مصادرة المزيد من الأراضي وجعلها تحت السيطرة الإسرائيلية، خاصة إذا علمنا بأن ما مجموعه 60 ألف دونم من الأراضي صودرت لصالح هذه الشوارع.
– التأثيرات الجانبية على البيئة والمصادر الطبيعية وقطع الأشجار المستمر لفتح هذه الشوارع.

وقد تم التركيز على هذه الطرق بالجولة التي قام بها شارون ونتنياهو في 22/7/1997 في منطقتي نابلس ورام الله، والتي عرض فيها شارون خطته للتسوية الدائمة التي تتضمن الاحتفاظ بخمسة ممرات عرضية من الشرق إلى الغرب تصل بين الممرات الطولية، وهذه الممرات من الشمال إلى الجنوب هي:
– ممر في منطقة شمال جنين إلى غور الأردن.
– ممر جنوب قلقيلية إلى نابلس وغور الأردن (شارع رقم 55).
– شارع عابر السامرة الحالي وبعد توسيعه (شارع رقم 5) الذي يصل بين منطقة كفر قاسم إلى غور الأردن.
– شارع رقم 45، منطقة تل أبيب شمال القدس/ غور الأردن.
– شارع رقم 35 يصل بين مستوطنات غوش عتصيون وغور الأردن.

استراتيجية العزلة
والفكرة الاستراتيجية التي تكمن في الخطة هي إبقاء مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية معزولة داخل الممرات الإسرائيلية التي تحافظ على تواصل إقليمي بين إسرائيل والكتل الاستيطانية الإسرائيلية داخل المناطق الفلسطينية، وقد طبقت هذه الخطة في الإغلاق العسكري الذي تم يوم 28/9/2000.

وهكذا يمكننا إيجاز مفهوم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بأنه "عملية استراتيجية لاستمرار إنجاز رؤية إحياء قومي وديني وجغرافي للشعب اليهودي في فلسطين كإقليم يدعي اليهود أن لهم حقا تاريخيا موثوقا فيه. ومن أجل تأمين استمرار هذا الاستيطان وتطوره لا بد من توفير الأمن له، ولابد من استعماله آلية للأمن وللسيطرة على الموارد وللتأثير الأيدولوجي والاقتصادي والاجتماعي في الموقع المحيط به".

اصطلاحات
مجلس "يشع" للمستوطنين:
هو هيئة تتكون من مجموعة أشخاص عقائديين هدفها بناء وتوسيع المستوطنات، وتعتمد على المعونة الحكومية.

متتياهو دروبلس: رئيس القسم الاستيطاني بالوكالة اليهودية عام 1983 والذي كان هدفه إسكان مائة ألف يهودي حتى عام 1986 وحوالي 800 ألف يهودي في العام 2010. ويطلق على هذا المخطط "المخطط الرئيسي للاستيطان في شمرون ويهودا".

مناطق الامتيازات ذات الأفضلية
– في مجال الإسكان: مساعدة بـ 60 ألف شيكل (15 ألف دولار) لشراء شقة جديدة، منها 30 ألف شيكل منحة ومساعدة.
– في التعليم: دفع 10% رسوم التعليم التمهيدي.
– امتيازات للمعلمين: إضافة 4 سنوات أقدمية، 100% نفقات المواصلات، 80% مشاركة في أجرة الشقة.
–  في المجال الضريبي: تسهيلات متغيرة بين 10 – 5% ضريبة دخل.
________________
المراجع
1- أبو عرفة، عبد الرحمن/ الاستيطان.. التطبيق العملي للصهيونية، القدس، وكالة أبو عرفة، 1982.
2- أروتسون، جفري/ مستقبل المستعمرات الإسرائيلية في الضفة والقطاع، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1996.
3- التفكجي، خليل/ المستعمرات الإسرائيلية بالضفة الغربية، القدس، جمعية الدراسات العربية، 1994.
4- خمايسة، راسم/ استراتيجية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، مجلة الدراسات الفلسطينية، 1999.
5- شقاقي، خليل/ مدخل للمفاوضات النهائية، مركز البحوث والدراسات الفلسطينية،1999.
6- مركز التخطيط/ قراءة في خطط إسرائيلية للعمل الدائم، مكتب الرئيس، 1997.
7- الجرائد: تقارير حركة السلام الآن، جريدة هآرتس، مستوطنات الضفة الغربية وقطاع غزة/ مركز السلام بالتعاون مع (الجشر) كانون الثاني 1992.

المصدر : غير معروف

إعلان