رحيم ستيرلينغ فخر جامايكا الذي خطف الأضواء في يورو 2020

يعتقد كثير من المشجعين أن رحيم ستيرلينغ لا يحصل على ما يستحقه من إشادة بعد المباريات، ويرون أن هناك نوعا من التمييز ضده

خطف رحيم ستيرلينغ الأضواء خلال مباريات المنتخب الإنجليزي في بطولة أمم أوروبا 2020، وآخرها مباراة الدانمارك في نصف النهائي عندما حصل على ضربة جزاء في الشوط الإضافي الأول، أحرز منها هاري كين هدف الفوز والتأهل للنهائي. لكن كثيرين يعتقدون أن نجم مانشستر سيتي لا يحظى بالتقدير الكافي في الصحافة الإنجليزية ولدى فئة كبيرة من الجماهير.

وذكر تقرير لصحيفة "إندبندنت" (Independent) البريطانية، أن الجمهور البريطاني يحبّ أن يُطلق على نجمه الشاب البالغ 26 عاما اسم "فتى برنت"، وهي العبارة التي استخدمها ستيرلينغ بنفسه في إحدى التغريدات، لكن الجامايكيين يحبون أن يُطلقوا عليه اسم "فتى مافيرلي".

فخر جامايكا

وُلد ستيرلينغ في العاصمة الجامايكية كينغستون، وتحديدا في حي مافيرلي، وهي منطقة فقيرة تكثر فيها أعمال العنف، وهاجر إلى إنجلترا في سن الخامسة مع والدته نادين كلارك، واستقر في نيسدن شمال غرب لندن، حيث بدأ مشواره مع كرة القدم.

قُتل والده فيليب سلاتر في حي ووترهاوس بالعاصمة كينغستون عام 1996 بعد تورّطه في حرب عصابات، وكان ستيرلينغ يبلغ من العمر عامين فقط.

يقول الشاب الجامايكي دالتون والترز (28 عاما) الذي كان يعيش في المنطقة نفسها التي نشأ فيها ستيرلينغ، لصحيفة الإندبندنت "رغم أن ستيرلينغ يلعب في إنجلترا، فهو يمثل مجتمعنا، ويمثّل كل الجامايكيين، بغض النظر عن مكان وجودهم في العالم. ما أحبه فيه هو أنه لم ينس أبدا بلده الأصلي جامايكا. نحن فخورون به، وهو لاعبنا المفضل". ويضيف مازحا "يجب على إنجلترا أن تتذكر ذلك أيضا".

ويؤكد ناثانيال بيت، الممثل المنتخب لمجلس الشتات الجامايكي العالمي في جنوب المملكة المتحدة، أن ستيرلينغ "جعل كل البلاد فخورة به. ينحدر رحيم من جزيرة صغيرة في جامايكا، وهو يمثّل كل المواهب في أمتنا ويُلهم الشباب والكبار على حد سواء. رحيم نموذج يحتذى به بالنسبة للاعبي كرة القدم الشباب السود في المملكة المتحدة، ورغم السلبيات العرقية المرتبطة باللاعبين السود والآسيويين في كرة القدم، فهو يثبت أن اللعب الجميل يمكن أن يقاوم كل تلك التصورات".

ويشير التقرير إلى أن ستيرلينغ مرتبط بجذوره بشكل واضح، فبالإضافة إلى شراء منزل في جامايكا عام 2018، فإنه حريص على دعم العديد من المبادرات المحلية وتطوير المرافق الرياضية. وخلال العام الماضي، أهدى ستيرلينغ لكل طالب من طلاب مدرسته السابقة، مدرسة مافيرلي الابتدائية والإعدادية، زوجا من الأحذية الرياضية.

وقالت كيري تافي نائبة مدير المدرسة إن رحيم "جزء من عائلة مافيرلي"، مؤكدة أن الطلاب والمعلمين، على حد سواء، يشجعونه في بطولة اليورو. وأضافت "معظم طلابنا يلهمهم نجاح ستيرلينغ". ويملك النجم الإنجليزي علاقات شخصية وثيقة مع سكان الجزيرة، حيث يسافر إلى هناك بشكل مستمر لزيارة أفراد العائلة والأصدقاء.

ومن بين أصدقاء ستيرلينغ المقربين في جامايكا، البطل الأولمبي يوسين بولت ومغني الريغي كريستوفر مارتن، الذي يرى أن رحيم هو سر نجاح منتخب إنجلترا في يورو 2020، وأنه لا يحظى بالتقدير الذي يستحقه نظير موهبته الفذة.

ستيرلينغ ومعضلة التمييز

وحسب التقرير، فإن كثيرين يعتقدون -مثل مارتن- أن ستيرلينغ لا يحصل على ما يستحقه من إشادة بعد المباريات، ويرون أن هناك نوعا من التمييز ضده، ففي أعقاب فوز إنجلترا على ألمانيا في ثمن النهائي، نشرت معظم الصحف الإنجليزية صورة هاري كين في صفحاتها الأولى، رغم أن رحيم هو من أحرز هدف التقدم قبل أن يضيف نجم توتنهام الهدف الثاني.

في هذا الشأن، يقول مارتن "أي مشجع إنجليزي يحب كرة القدم، بغض النظر عن لونه، يجب أن يغضب مما يحدث. لقد لعب ستيرلينغ وسجل الأهداف. أعلم أنها رياضة جماعية، لكن دون هداف جيّد لن تتمكن من الفوز، وستيرلينغ هو ذلك الهداف. كين لاعب موهوب أيضا لكنه سجل هدفا واحدا، ومع ذلك فإنه يحظى بالمديح والإشادة أكثر من ستيرلينغ. تحتاج بريطانيا إلى معالجة هذا الأمر وفعل الشيء الصواب لأن ما يحدث ليس عدلا".

ويقول كريستوفر جوني دالي، الممثل الكوميدي ورجل الأعمال الحائز على عدة جوائز، "ستيرلينغ ذو بشرة سوداء، وولد في جامايكا، لذلك لن ينال التقدير الذي يستحقه من غالبية الصحف الإنجليزية، وشريحة كبيرة من الجمهور الإنجليزي. لا داعي لتزييف الواقع، فقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن العنصرية والتمييز ما زالا منتشرين في جميع أنحاء العالم. لا يهم مقدار الأموال التي لديك أو مدى مهارتك في كرة قدم، فبعض الناس سينظرون إليك فقط من خلال المنظور الذي برمجوا للنظر من خلاله".

وحسب التقرير، فإن ستيرلينغ تطوّر كثيرا على المستويين الكروي والشخصي خلال العامين الماضيين، حيث حصل على وسام "رتبة الإمبراطورية البريطانية" بسبب جهوده في مجال المساواة العرقية في الرياضة، وجاء اسمه ضمن قائمة البريطانيين السود الأكثر تأثيرا عامي 2020 و2021.

ورغم صغر سنّه، فقد أصبح أحد أهم الركائز في المنتخب الإنجليزي، ومن أبرز النجوم في تشكيلة مانشستر سيتي الذي يضم صفوة لاعبي العالم. ويصفه بعض زملائه في المنتخب الإنجليزي، مثل بوكايو ساكا وجادون سانشو وماركوس راشفورد، بأنه نموذج يُحتذى به.

المصدر : إندبندنت