لماذا تربط إسرائيل التهدئة وإعمار غزة بإعادة أسراها؟

سجن رمزي لأسرى إسرائيليين لدى المقاومة.7
سجن رمزي لأسرى إسرائيليين لدى المقاومة (الجزيرة)

"خلال المحادثات سأركز على التزام إسرائيل فوق كل الاعتبارات، على إعادة جنودنا ومواطنينا الموجودين في قبضة حماس"، بذلك لخص وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي مهمته في زيارته الأحد الماضي إلى القاهرة.

وجاءت زيارة أشكنازي إلى القاهرة في إطار المساعي التي يجريها الجانب المصري لتثبيت وقف إطلاق النار غير المشروط بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي بدأ سريانه في 21 مايو/أيار المنصرم، أي بعد 11 يومًا من العدوان الإسرائيلي على غزة.

ووفق قناة "كان" العبرية الرسمية، تشترط تل أبيب إعادة 4 جنود إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة قبل انطلاق أي خطوة لإعادة إعمار القطاع الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني وتحاصره إسرائيل منذ صيف 2006.

والأحد الماضي، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطالبة الإسرائيلية باستعادة الجنود والمدنيين المحتجزين في قطاع غزة في أقرب وقت، حسب ما نشر عبر حسابه على تويتر.

وتحتفظ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بـ4 إسرائيليين، بينهم جنديان أُسِرا خلال الحرب على غزة صيف عام 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي) والآخران دخلا غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية.

أما حركة حماس فترفض الربط بين الإعمار وتبادل الأسرى، وتصرّ على إجراء صفقة تبادل أسرى وفق شروطها المتمثلة بتحرير عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.

وفي رد على تصريحات القادة الإسرائيليين، قال يحيى السنوار، زعيم الحركة في غزة، للصحفيين، أمس الاثنين، "سجلوا على مقاومتكم رقم 1111، ستذكرون هذا الرقم"، دون توضيحات إضافية، لكنه بدا كأنه رقم الأسرى الفلسطينيين الذين تسعى الحركة لتحريرهم مقابل إطلاق سراح الإسرائيليين الأربعة.

وفي السياق ذاته، قال عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، أمس الاثنين، في تغريدة على تويتر "من غير المقبول أن يربط نتنياهو ملف إعادة إعمار غزة بملف جنوده المفقودين".

ووفق محللين، فإن الجانب الإسرائيلي يحاول رفع سقفه في مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية، في محاولة لتقديم إنجاز للشارع الإسرائيلي، بخاصة مع إخفاق نتنياهو في تحقيق أهدافه من العدوان وعلى رأسها المساس بقدرة حماس العسكرية.

وأمس الاثنين، وصل مدير المخابرات المصرية عباس كامل إلى القطاع، في زيارة تستغرق ساعات بحث خلالها 3 ملفات رئيسة مع قيادة حماس، هي تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وملف إعادة الإعمار، وقضية تبادل الأسرى، وفق مصدر تحدث للأناضول.

مشكلة عميقة

ويقول نعمان عمرو، المحاضر بجامعة القدس المفتوحة (تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية)، إن إسرائيل "لديها مشكلة سياسية عميقة وتحاول أن تهرب منها إلى الأمام".

ويرى عمرو أن كل المواقف التي تعلنها إسرائيل بشأن غزة هي للاستهلاك الداخلي الانتخابي والمزاد السياسي، معتبرًا أن ما يدور في الغرف المغلقة قد يكون بعيدا كل البعد عن ما تتداوله وسائل الإعلام.

ويتابع "مع التقدم في تشكيل حكومة قد تطيح نتنياهو، فإن الانشغال الإعلامي بقضية الحرب وآثارها وما ترتب عليها هو لكسب أصوات من اليمين لإعاقة تشكيل لبيد وبينيت حكومة".

ومساء الأحد، أعلن نفتالي بينيت زعيم حزب "يمينا" (يمين) اعتزامه التحالف مع حزب "هناك مستقبل" (وسط)، بزعامة يائير لبيد، لتشكيل حكومة تطيح رئيس الوزراء زعيم حزب الليكود (يمين) بنيامين نتنياهو.

ويشدد عمرو على أن إعمار غزة لن يكون إلا بموافقة سكان غزة وقيادة غزة (حماس).

وأوضح أن الطرف الفلسطيني "عامل رئيس في هذه الأحداث، وذلك يجعل إسرائيل تحاول فرض شروط لن تلقى آذانا مصغية لدى الفلسطينيين والأطراف التي تتوسط لوقف إطلاق النار".

سببان للربط

من جهته، يشير محمد أبو علان، الكاتب المتخصص بالشأن الإسرائيلي، إلى أن ربط إعمار غزة والتهدئة بصفقة تبادل للأسرى وإطلاق الجنود المأسورين في غزة يطغى على وسائل الإعلام الإسرائيلية.

ويرى أن السبب هو الفارق الكبير بين الطرفين في المواقف، ومن ثم فإن ربط الاحتلال الصفقة بالإعمار ووقف إطلاق النار هو من أجل ابتزاز حماس في الثمن.

ويشير أبو علان إلى وجود علاقة مباشرة لهذا الربط بوضع إسرائيل الداخلي.

ويفسر ذلك بسببين: الأول إخفاق الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أي إنجاز عسكري خلال العدوان الأخير على غزة، وذلك دفعه لجعل عودة الأسرى والمفقودين شرطا لوقف إطلاق النار.

ويضيف "هذا الربط يعطي انطباعا أن القضية على جدول الأعمال وليست منسية".

أما السبب الثاني، وفقا لأبو علان، فهو التغطية على أي تنازلات ستقدم خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، بخاصة السماح بعملية إعمار غزة ودخول الأموال إلى القطاع، على اعتبار أنه (نتنياهو) لم يوافق عليها بالمجان.

ويشير المحلل الفلسطيني إلى وجود ضغوط من أهالي الجنود الإسرائيليين المأسورين بضرورة الربط بين إعمار غزة وعودتهم.

وتفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، أخيرا، جراء اعتداءات وحشية إسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، بخاصة في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح (وسط)، في محاولة لإخلاء 12 منزلا فلسطينيا وتسليمها لمستوطنين، ثم انتقل التوتر إلى الضفة الغربية، وتحول إلى مواجهة عسكرية في قطاع غزة.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، عن 289 شهيدا، بينهم 69 طفلا، و40 سيدة، و17 مسنًّا، فضلا عن أكثر من 8900 مصاب، بينهم 90 إصابتهم "شديدة الخطورة".

المصدر : وكالة الأناضول