قائد احتفالات "الديوك" وصانع انتصاراتهم.. غريزمان حجر الزاوية في مخطط فرنسا لإنجاز عالمي جديد

قبل أن ينطلق منتخب فرنسا في حملة الدفاع عن لقبه العالمي الذي أحرزه في روسيا 2018، دبت المخاوف في نفوس الفرنسيين من أن تذهب مساعيهم أدراج الرياح بفعل الغيابات الكثيرة في صفوفهم والإصابات التي لحقت أكثر من نصف الفريق وخاصة الهداف كريم بنزيمة، والتي تواصلت حتى بعد انطلاق مغامرتهم في مونديال قطر بإصابة المدافع لوكا هيرنانديز وزميله كامافينغا.
لكن الهواجس -التي استبدت بمدرب منتخب "الديوك" ديدييه ديشامب والشق الأكبر من المشجعين- بددها كيليان مبابي وأوليفيي جيرو وأنطوان غريزمان، وهذا الأخير الذي شكل حجر الزاوية في تشكيلة المنتخب وكان المفاجأة السارة التي دفعت بقوة حاملي اللقب للمضي قدما في حملة التتويج بكأس العالم للمرة الثانية على التوالي والثالثة في تاريخ فرنسا.
وقبل أقل من عامين، كان غريزمان هائما على وجهه في دوري الدرجة الأولى الإسباني، بعد تجربة عصيبة في برشلونة امتدت موسم 2020ـ2021 لتكدر صفو عودته لأتليتكو مدريد، لكنه قد يصبح الأحد أفضل لاعب فرنسي عندما توضع على عاتقه مهمة صناعة اللعب في تشكيلة ديشامب وإمداد ثنائي المقدمة مبابي وجيرو بالكرات في مباراة النهائي أمام الأرجنتين.
ورغم أن مبابي -الذي سيكون بدوره بطلا للعالم للمرة الثانية في حال تغلب المنتخب، وقد يفوز بالحذاء الذهبي هدافا للبطولة- فإن غريزمان كان بالفعل حجر الزاوية في مشروع ديشامب منذ توليه مسؤولية تدريب المنتخب عام 2012.
أدوار جديدة في "قطر 2022"
وبرز غريزمان (31 عاما) بشكل لافت في مونديال قطر، وفي وقت انتزع مبابي كل الأضواء، كان مهاجم أتليتكو محرك خط وسط فرنسا، واستحق عن جدارة جائزة أفضل لاعب في مباراة نصف النهائي أمام المغرب الأربعاء الماضي (2 ـ0) والتي قطع بفضلها الفرنسيون الخطوة قبل الأخيرة نحو مجد عالمي جديد.
ولعب غريزمان 73 مباراة متتالية مع المنتخب في رقم قياسي ينفرد به بين زملائه، كما قاد الفريق إلى نهائي بطولة أوروبا 2016 التي استضافتها فرنسا وخسرت فيها اللقب خلال الأمتار الأخيرة في نهائي مثير أمام البرتغال (0-1).
ولكن غريزمان، الذي بدأت مسيرته الدولية مع منتخب بلاده في 5 مارس/ آذار 2014 أمام نظيره الهولندي وديا، استطاع أن يعوض تلك الخيبة بعد عامين، عندما ساهم في تتويج فرنسا بلقب كأس العالم 2018، بعد الفوز أمام كرواتيا (4 ـ2) في مباراة النهائي التي فاز في أعقابها أيضا بجائزة رجل المباراة.

وخلال النسخة الحالية من كأس العالم، غير غريزمان دوره إلى لاعب وسط دون عناء عندما اضطر ديشامب لإعادة تنظيم خط وسط الميدان في غياب نجولو كانتي وبول بوغبا وكذلك بنزيمة، ليوكل لغريزمان مهمة صناعة اللعب بعد أن كان هو المهاجم الذي توج هدافا لبطولة أمم أوروبا 2016 (6 أهداف) وثاني هدافي النسخة الماضية من كأس العالم (4 أهداف وراء الإنجليزي هاري كاين).
ولم يبد غريزمان أي امتعاض إزاء أدواره الجديدة، بل إنه تألق في مهمته على أكمل وجه بفضل دهائه ومهارته التي مكنته من اللعب بين الخطوط.
وقال عن تلك المهام الجديدة في مخطط ديشامب "حالتي البدنية الجيدة ساعدتني كثيرا، لا مشكلات في حياتي الخاصة، ذهنيا، تعرضت للحظات عصيبة في برشلونة، والعام الماضي عندما عدت إلى أتليتكو كان الوضع صعبا أيضا وكان لابد لي أن أعيد اكتشاف نفسي داخل الملعب وخارجه".
وبين عام 2014 أول مبارياته الدولية مع "الديوك" وعام 2022 تاريخ بلوغه نهائي كأس العالم للمرة الثانية على التوالي حيث يقف على أعتاب إنجاز جديد، كان غريزمان قد خاض 142 مباراة حتى الآن وسجل 42 هدفا، كما أحرز في "يورو 2016" لقب أفضل هداف وأفضل لاعب بالمسابقة على الرغم من فشل ديشامب وأبنائه في إهداء فرنسا ثالث ألقابها القارية بعد 1984 و2000.
وظهرت براعة غريزمان من جديد في ملاعب قطر، وكتب زميله بوغبا على وسائل التواصل بعد فوز فرنسا 2-صفر على المغرب في قبل النهائي "جريزمانكانتي". وقال ديدييه دروغبا مهاجم ساحل العاج السابق "لقد فاجأني لكنه يتحلى بالمستوى والذكاء اللازمين لإنجاز المهمة".
الحكم يعود للفار ويلغي هدف غريزمان ❌⚽️
اشترك الآن 👇
🔗 https://t.co/DjYUE8GiM1
📱 https://t.co/alkogGtHdW#قطر2022 | #كأس_العالم_قطر_2022 | #تونس_فرنسا pic.twitter.com/oqAY97KIpj— beIN SPORTS (@beINSPORTS) November 30, 2022
قائد احتفالات "الديوك"
ودائما ما يقود اللاعب احتفالات الفريق بالفوز في غرفة الملابس، ورغم أنه لم يهز الشباك في آخر 15 مباراة لعبها مع فرنسا فإن غريزمان أصبح أفضل صانع أهداف بالمنتخب على مر العصور برصيد 28 فرصة، كما أنه سجل هدفا في مباراة تونس في دور المجموعات قبل أن يلغيه الحكم بشكل متأخر بقرار من حكام غرفة الفار، وبالتالي فلا عجب أن ديشامب يعتمد عليه داخل الملعب ويناقشه في الجانب الخططي.
وقال ديشامب عنه "إنه من نوعية اللاعبين الذين بمقدورهم حقا تغيير الفريق لأنه مجتهد جدا في عمله وموهوب فنيا".
وأضاف "يلعب غريزمان دورا مختلفا بعض الشيء في كأس العالم لكن الدور يناسبه تماما، كما قلت سابقا يحب الدفاع بقدر ما يحب الهجوم وصناعة اللعب".
وتابع المدرب "بالطبع مهمته الأولى ليست استرجاع الكرة، قدمه اليسرى قوية جدا، يصنع فرصا رائعة للآخرين وهو دائما ما يضع مصلحة الفريق قبل أي شيء آخر، إنه مجتهد للغاية في عمله وربما أكثر من غالبية اللاعبين".

وبجانب مسيرته اللافتة مع منتخب فرنسا، فإن اللاعب الذي يحمل أصولا برتغالية من جانب والدته وألمانية من جانب جده للأب، تألق غريزمان في مسيرته الاحترافية مع الأندية وخاصة فريقه الحالي أتليتكو الذي بلغ معه نهائي دوري أبطال أوروبا 2016 قبل الخسارة من ريال بركلات الترجيح (5 ـ3) وتوج معه بلقب "يوروبا ليغ" والسوبر الأوروبي 2018.
وبدأ غريزمان مسيرته الاحترافية في صفوف ريال سوسيداد عام 2009 وساهم في صعوده لليغا عام 2010 قبل أن ينتقل إلى أتليتكو عام 2014 حتى 2019 تاريخ انتقاله إلى برشلونة، في تجربة لم تكلل بالنجاح -إلى جانب ميسي- ليقفل عائدا إلى فريقه أتليتكو موسم 2021 ـ 2022.