دراسة: كيف تخسر الكواكب غلافها الجوي؟

يُعد الغلاف الجوي من أهم السمات في تحديد قدرة الكواكب على احتضان شكل من أشكال الحياة عليه (شترستوك)
الغلاف الجوي يُعد أهم العناصر في تحديد قدرة الكواكب على احتضان شكل من أشكال الحياة عليه (شترستوك)

يتمتع كوكب الأرض بغلاف جوّي يقيه من أشعة الشمس الضارة ويمنع تسرّب الغازات أو فقدان الحرارة بسهولة، فيبقى الكوكب في حالة مستقرّة حراريا، في حين تخسر بعض الكواكب الأخرى ذات الكتلة الصغيرة غلافها الجوّي بسبب ما يُعرف بعمليات انفلات الغلاف الجوّي.

وتقدّم دراسة حديثة نُشِرت في مجلة "نيتشر أسترونومي" بواسطة مرصد يونان الفلكي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم مفهوما ومنظورا جديدا لتلك العمليات العنيفة، وهو ما يُطلق عليها -على وجه التحديد- عملية "الانفلات الهيدروديناميكي".

وتحتل الكواكب خارج المجموعة الشمسية التي تُعرف اصطلاحا بـ"الكواكب الخارجية"، جزءا كبيرا من اهتمام الفلكيين في أبحاثهم، ويرى العلماء أنّ ثمّة أسبابا ومسببات لخسارة هذه الكواكب غلافها الجوّي. فعلى نقيض الكواكب في مجموعتنا الشمسية، فإنّ الكواكب الخارجية معرّضة لظاهرة الانفلات الهيدروديناميكي، إذ يندفع الجزء العلوي من الغلاف الجوّي إلى الهروب من الكوكب بفعل الحرارة والإشعاع الشديد القادم من النجم المجاور.

ويعتقد العلماء أنّ مثل هذا الانفلات للغلاف الجوّي ربّما أصاب مجموعتنا الشمسية في العصور الأولى، ولولا أنّ كوكب الأرض تمكن من الحفاظ على غلافه الجوّي، لربّما كان حاله مثل حال المريخ اليوم.

عطارد أقصى استطالة
من بين كواكب المجموعة الشمسية الثمانية يُعد كوكب عُطارد الوحيد الذي لا يمتلك غلافا جويا لجاذبيته المنخفضة والرياح الشمسية التي تضرب سطحه باستمرار (الجزيرة)

 

وكان على الباحثين فيما سبق الاعتماد على نماذج حسابية معقدة لمعرفة الدوافع الفيزيائية للكشف عن سر هروب الغلاف الجوّي من الكواكب، وكانت النتائج غامضة في المجمل. وتتجاوز هذه الدراسة جميع تلك التعقيدات باستخدام عوامل فيزيائية حقيقية للنجم والكوكب، مثل الكتلة ونصف القطر والمسافة المدارية، لتصنيف الآليات المسؤولة عن هذه الظاهرة.

وتشير الدراسة إلى أنّ الانفلات الهيدرودينامكي للكواكب الخارجية ذات الكتلة المنخفضة يرجع سبب حدوثه إلى 3 عوامل أساسية، وهي الطاقة الداخلية للكوكب نفسه، وقوى الشد (المد الجذبوي) من النجم المجاور، وأخيرا الأشعة فوق البنفسجية الشديدة القادمة من النجم.

وتشير الدراسة إلى أنّ الكواكب ذات الكتلة المنخفضة ونصف قطرها كبير، ستكون الطاقة الداخلية فيها كفيلة بإزاحة الستار الهوائي من حولها، ويمكن استخدام "معامل جينز" الكلاسيكي الذي يحدد ما إذا كانت جزيئات الغاز الموجودة في الغلاف الجوي للكوكب تمتلك طاقة حرارية كافية للهروب من جاذبية الكوكب.

أما بالنسبة للكواكب التي تفتقد للطاقة الداخلية الكافية، فإنّ الدراسة تكشف عن نموذج مطوّر عن معامل جينز بإقحام عامل قوى المد الجذبوي من النجم المجاور، وتنشأ هذه القوى بسبب تفاعلات الجاذبية بين الكوكب والنجم مما يتسبب بتمدد الكوكب وضغطه، فتتولد طاقة حرارية داخل الكوكب تساهم في دفع الغلاف الجوّي للهروب.

وتساهم هذه الدراسة في فهم معدل فقدان الكوكب لغلافه الجوي مع مرور الوقت، وهو ما يعد عاملا حاسما في التحقق من قدرة كوكبٍ ما على استضافة البشر في يوم ما في المستقبل إذا ما كان لديهم التكنولوجيا الكافية للسفر عبر الكون والسبر في العوالم البعيدة.

المصدر : الجزيرة